تيبيض الطناجر خيط رفيع بين الماضي والحاضر

أبو فؤاد: خيط رفيع بين الماضي والحاضر
أبو فؤاد: خيط رفيع بين الماضي والحاضر


مزيج من المشاعر المتناقضة قد تعتريك وتومض حياتك كالبرق دون سابق انذار فتمطر حساً وشعوراً لتغسل الحاضر وتغزل من يومك طيفاً يلون حياتك بالوان الماضي فيستحيل الحزن فرحاً والالم لذةً وقد صادفت واحداً من كنوز الماضي على ارض الحاضر قد يتساءل البعض عما يفعله هذا الاصيل وسيلتف ابناء جيلي حوله ونظرة الاستغراب والحيرة تعتلي وجوههم ، خيطٌ رفيعٌ بين الماضي والحاضر وهو ما يمثله ” العم أبو فؤاد” المعروف ” بمبيض الطناجر” من منا لم يسمع بالمبيض وهو من الاشياء التي اعتدنا أن نسمعها اذا ما قوبلنا بنوع من المجاملة المبالغ بها ولكن واقع هذه الكلمة مختلف تماما بمضمونها..

في يوم احد مشمس وبينما اسرة صور سيتي تقوم بجولة استجمام على واحد من أرصفة صور البحرية، لفت نظرنا وهو جالس القرفصاء على الارض وأمامه الكثير من الطناجر القديمة التي اعتلاها السواد نظرا لتعرضها للاسنة النار وقد أشعل أمامه موقدا من الحطب وتناثرت حوله بعض الاباريق البلاستيكية وهي عدة عمله المتواضعة ، انه المبيض وقد اعتدنا ان نسمع عنه من اهلنا..

تراه من بعيد وتستطيع ان ترى بوضوح المشاعر العظيمة التي احتواها قلبه لما يقوم به ليسمو بمعاني أعلى من كل المشاعر، صورة جميلة أصدق من كل النوايا وأجمل من كل الصور، داعبت قلمي بما تحتويها من عفوية وصدق مشاعر وحب للمهنة.

قد يظن البعض أنها مهنة انقرضت او ربما انعدم وجودها ولكنها ما زالت ها هنا ، وها هو العم “أبو فؤاد” مثال حي للماضي بكل عراقته..

فكرت أن أُرجِىء كتابة هذا النص حتى تختمر الفكرة وتتبلور المعاني ولكن تلك الابتسامة التي قابلنا بها ونحن جالسون قبالته وذاك الفرح الذي قد تقراءه على جبينه الذي خطته السنون لتصنع خيوطاً رفيعة من التجاعيد حول عينيه الحالمتين أبت الا ان افتح دفتري واشرع بالكتابة ..

واحتراماً وتقديراً لما يقوم به جلست أكتب وأقلب كلماتي أضع هذه مكان تلك وأهندم حديثي بكثير من الاحترام كي أفي هذا العريق حقه ..

مبيض الطناجر يالركاكة الكلمة وعظمة ما يقوم به العم أبو فؤاد وقد امتهن هذه الحرفة كما يقول منذ الازل فلم يعرف حرفة غيرها ولم يزاول عملاً أرقى منها فهي الاحب الى قلبه والاقرب الى روحه ، يقول قد يرى البعض بما أقوم به عملاً سهلاً ولكنه عملاً شاقاً ويتطلب الكثير من الجهد ولكنه جهد محبب الى قلبي ويزداد فرحي اكثر عندما انتهي من تبييض أحد الطناجر فتلمع لاحقاً وكانها كالفضةِ بعد ان كانت سوداء وقد تآكلتها ألسنة النارِ..

“المبيض” العم ابو فؤاد” عندما تراه تتشفق على ألوان الفرح الممزوجة بماضٍ اصيل ولكن مجرد الشعور بان امثاله مازال موجوداً، ستنتظر مجدداً ولادة الفرح وستترقب كثائرٍ خيط الامل بين الماضي والحاضر وسط واقع كئيب ومستقبل بتنا نجهله ونخشى ان نحلم به وقد تغيرت مفاهيم الحياة ولكن سيبقى أمثال العم أبو فؤاد ويعطي الحاضرو المستقبل بارقة أمل قد تغير نظرتنا الى الغد باْمل أكبر وحجة وبرهان أوثق من اأن عراقة الماضي ستعود لتزين دروب الحاضروتعبد طرقات المستقبل بالاحلام مجدداً.

تعليقات: