... والآن صَحوا على المخاطر وكأنهم كهنة المعابد الطاهرون. صحوة «ماذا نفعل»، وشوفوا لي في طائفتنا مين بيفهم بالموضوع كذا وكذا. بالله عليكم... الله يطعمكم الحج والناس راجعة. هل نسيتم المجالس النيابية آخر 24 سنة، وأكثرها مؤلفة من دمى منظرة بإشارة السلاطين؟ يولد منها حكومات فيها وزراء بعضهم دخل منتوفاً وخرج منفوشاً. مجالس مررت، كما موازنة 2020، موازنات عار أفلست البلاد دولة ومجتمعاً؟ أنسيتم التعيينات التي نخرت مفاصل الدولة حتى العظم، بعضهم عفن منذ 25 سنة بعفن إدارته. أنذكّركم أنّ من زرعتموهم، ونخروا كالسوس في الخشب، يداومون في ديوانياتكم بعد الدوام الرسمي، أطول مما يمضون على رأس وظيفتهم. المهم أن يرضى الزعيم وحاشيته. الآن استفقتم على ما صنعت أيديكم، وتتحدثون بلغة الضمير الغائب المنفصل.
عشرات الزيارات حصلت، ورفضتم حتى الاستماع إلى التحذيرات عندما كنّا نزوركم فرداً فرداً، وتشرفوننا باستقبالكم «لنشوف شو بَدّو هيدا»، ونحذّركم سنة بعد سنة أنّ أرقام الكارثة تكبر، وأموال المقيم وجنى عمر المغترب في خطر. كان همكم الوحيد الأوحد تحصين «الفراعنة وأهراماتهم»، وما زلتم، لا يتجرأ واحد من أزلامكم على أن يذكّركم أنّ أهرامات الفراعنة لم تمنع تعفّن جثثهم.
الفضيحة، أنكم قمعتم الكفاءات، إلّا من قدّم الطاعة لكم، فبطلوا وبطلت كفاءتهم، حتى هاجرت معظم الطاقات إلى دول كنتم تتعالون عليها، وأصبحت اليوم تهزأ من دولتكم ومن حكمكم.
المصيبة، عندما يحكم الكل بمبدأ، إن كانت توجد محاصصة، فأنا أريد حصتي. فرحون بحصصكم!. فرحون أنّ الناس خسروا جنى أعمارهم، بمَن فيهم مَن اغتربوا لأجيال، بسببكم. فرحون أنكم، وبعد عمر طويل، جعلتم جمهوركم وعائلاتهم، والذي كان، وما زال بعضه، هداه الله، يفديكم بالروح والدم، في واد مجهول، سيخرجون فيه قريباً كالعهن المنفوش، كالسكارى، وما هم سكارى.
الآن استفقتم على الدولة المدنية والفساد والكهرباء والفوائد وعجز الموازنة والتحذير من الخطر المالي. التحذيرات نفسها أطلقتموها منذ نحو 20 عاماً وبعدها، بعد زياراتنا لكم وإطلاعكم على الوقائع. ويتبين لاحقاً أنّ من يطلعكم وينوّركم يصبح عندكم كالشيطان في الكوابيس...
المضحك المبكي أنّ بعضكم، وبنظرية الصوفي ابن عربي، أصبح يؤمن أنه من المُلهمين على الارض، أو حتى أنه ينقض ختم القداسة اللاهوتية أوالنبوة منذ 2000 عام. لقد حرقتم أخضر الأرض ويابسها في سنوات حرب طويلة. يتّمت أولاد، ورمّلت نساء، وحرقت قلوب آباء وأمهات. لم تكتفوا. أعدتم الكرة، ولكن هذه المرة ببطء. لم تطلقوا طلقة قنّاص أو طلقة إعدام كما في الحرب. أعمَتكم السلطة، فزرعتم الفساد. اغتصبتم القضاء والاشراف على الاديان، أشرف تكليف الله على الارض، حتى بات القاضي ومرجعيات الأديان كتبة عندكم، فسقطت العدالة، وسقط شرع الله بجبروتكم.
من أي جنس أنتم؟ كيف لم ترتدعوا، وقد زرعتم السرطان في الهواء. لقد أعمتكم السلطة؟ إن أولادكم وأحفادكم يتنشقون هذا الهواء نفسه أيضاً. أإلى هذا الحد وصلت بكم نرجسيتكم وأنانيتكم؟ أنتم ستتهمون بجرائم ضد الانسانية بإفلاسكم وبقتلكم البطيء لمجتمع برجاله ونسائه وشيوخه وأطفاله. ماذا ينفع حماس خبراء برزوا يشيرون عليكم وعلى الحكومة الجديدة بما يجب فعله للإنقاذ؟ ظهروا بعد خراب البصرة. كل اقتراح تتبنّونه يكون قد فقد مفعوله، لأنكم لا تتبنونه إلّا بعد أن تكونوا عبثتم فساداً وجشعاً، وعَبّأتم الحسابات المصرفية. ثم تطلقون «الصرخات الوطنية» والتحذيرات، متوهّمين أنكم ما زلتم زعماء. نبشّركم. زمانكم انتهى، وكما توقعنا لم تنتهوا ولن تنتهوا إلا بعد جلبكم المآسي، ولكن حسناً، انتهيتم.
شعبكم سيسأل المجتمع الدولي عن سبب إنشاء محكمة دولية للتحقيق في جريمة اغتيال رجل واحد بريء، ولا يتم إنشاء محكمة خاصة للتحقيق في جريمة تدمير مجتمع بكامله. التاريخ مليء بشخصيات أمثالكم أصبحت عظامها مكاحل. كيف لا تصدقون قصص الأوّلين، خصوصاً قصة الزعيم الذي أمر بحمله في النعش مفتوحاً بلا كفن، وكانت يداه خارج الصندوق ليرى الناس أنه غادر كما ولد. بادروا إن سمح الناس لكم. بادروا وتسامحوا منهم، وضعوا أنفسكم في تصرفهم، لأنّ لبنان، ولو بالنفط والغاز الموعود، ستتفرّق عائلاته، بسبب الحرمان، وبصنع أيديكم، لأنّ النفط والغاز لن يكونا لنا أكثر ممّا كانت ثروات دول أخرى لشعوبها. وللحديث تتمة...
تعليقات: