معرض المفروشات يقاوم الانهيار والرفاهية من الذكريات


الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان زعزعت الطبقة الوسطى، تراجع مدخولها وقدرتها الشرائية، المعيشة اليوم أصبحت تختلف عما كانت عليه قبل أشهر، حاجيات كثيرة تم الاستغناء عنها، أما الكماليات فباتت من الماضي لدى الكثيرين، منهم رائد فاهمة بائع المفروشات على أوتوستراد المنية الذي وصف وضعه بأنه "سيِّئ كما حال البلد وباقي المواطنين".

كارثة تلاعب الدولار

سنوات الرفاهية التي عاشها رائد (39 سنة) أصبحت من الذكريات. هو اليوم يقاوم كي لا يصاب ما أسسه بالانهيار، ينتظر، كما قال لـ"النهار"، أن "يثبت سعر صرف الدولار، فارتفاع سعره ليس أساس الكارثة بالنسبة لي بل تأرجحه كل ساعة بحسب السوق السوداء، لا سيما وأن البضاعة أشتريها بالدولار من أخي مالك المصنع، وهو الآخر يشتري المواد الأولية من إسفنج وطرش وخشب بالدولار"، وأضاف: "بدل إيجار المحل مليون ومئتا ألف ليرة في الشهر، قبل الثورة كنت أبيع شهرياً بنحو 20 مليون ليرة مع رأسمال، لكن منذ اندلاعها انخفض المبيع إلى الربع، يقتصر الأمر طوال الشهر على بيع غرفتي نوم أو غرفة جلوس وأخرى للنوم، لا بل إن الأمر وصل إلى عدم بيعي أية قطعة في أحد الأشهر، مع العلم أن الزبون وبمجرد دخوله إلى المحل يسألني عن سعر الدولار الذي أبيع على أساسه، وما إن أقول له 2000 ليرة حتى يغادر من دون حتى معاينة البضاعة، فأغلب زبائني من السلك العسكري يشترون بالتقسيط ولا يمكنهم تحمل الارتفاع الكبير بسعر الصرف".

إلغاء الكماليات

توقف رائد عن التعامل مع المصارف، لافتاً إلى أن "الدفع عن طريق الشيكات المصرفية لغيتها كلياً، لا بل التجار يرفضونها، الآن أضع ما أجنيه وهو قليل جداً في المنزل، وأدفع لمن أتعامل معهم بالنقدي. كما أن تراجع المبيع دفع الوالد لأربعة أبناء إلى صرف الموظفة التي كانت تعمل لديه، شارحاً: "لم يعد لديّ القدرة على دفع راتبها، فما أحصل عليه طوال الشهر لا يكفي مصروف عائلتي، فحتى أقساط المدرسة لم أسددها لهذا العام، مع العلم أن السنة الماضية سددتها وأنا مرتاح، لا بل اختصرتُ أموراً كثيرة من مصروف البيت، الكماليات لغيتها من حياتي، النزهات إلى المطاعم نسيتها، حيث اقتصرتها على رحلة قصيرة في السيارة مرة واحدة في الاسبوع"، مشدداً على أن "أمرين أساسيين لا يمكن أن أقتصد بهما هما الطعام والطبابة، ومع هذا لديّ ابن يحتاج إلى علاج فيزيائي دائم، كنت أقصد مستشفى أوتيل ديو لذلك، لكن بعد أن أصبحت أداوم وحدي في معرض المفروشات اقتصر علاجه على مركز في طرابلس، إذ لا يمكنني إغلاق أبواب رزقي ليوم في الاسبوع، فالطريق إلى العاصمة ذهاباً وإياباً، والوقت الذي يمضيه في جلسة العلاج يحتاج نهاراً كاملاً".

"ما نمرّ به كارثة نتمنى الخروج منها بسرعة"، قال رائد قبل أن يختم: "لست وحدي في هذه الدوامة بل إن الأمر يطال كل اللبنانين من عمال وموظفين وأصحاب مؤسسات باستثناء السياسيين الذين جنوا الملايين على حساب جيوب المواطنين".

تعليقات: