صورة جوية للغجر، ويبدو الخط الأزرق (إدوار عشي)
قرية الغجر، أو قرية المثلث الحدودي، التي احتلتها إسرائيل عقب حرب الأيام الستة في حزيران من عام,1967 الواقعة عند نقطة التقاء الحدود السورية ـ اللبنانية ـ الإسرائيلية، القرية الوحيدة التي تكاد تتمتع بهذه الميزة الجغرافية في العالم، هي إحدى النقاط الساخنة على وجه الكرة الارضية، وتُعدّ مع مزارع شبعا، ضحيتي صراعات التاريخ ولعنة الجغرافيا، ويكاد لا يمر يوم دون ذكرهما وتداول مصيرهما، منذ تحرير الجنوب قبل نحو ثمانية أعوام، وتناول أهمية موقعهما من الناحيتين الاستراتيجية والحربية، والتنبؤ باندلاع شرارة النزاع الإقليمي منهما، نتيجة الأطماع الصهيونية التي ترتب السيطرة عليهما.
وها هو الصحافي الأميركي توماس فريدمن، ينشر في «نيويورك تايمز»، كلاماً للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ورد في رسالته الوداعية، قبل ساعات من انتهاء ولايته ومغادرته البيت الابيض، «إن الحرب القادمة في الشرق الأوسط، لن تنطلق من الأراضي الفلسطينية ولا من العراق، بل من قرية الغجر ومزارع شبعا في جنوب لبنان»!..
وأورد الصحافي الإسرائيلي اليكس فيشمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، كلاماً مطابقاً، إذ قال، «إن أحد الأماكن الوحيدة في الشرق الأوسط، التي يمكن لإطلاق النار على جرافة، أن يؤدي فيها إلى تدهور إقليمي في أيامنا هذه، هو في قرية الغجر الواقعة في زاوية مهملة في أطراف هضبة الجولان، التي ضُمت إلى إسرائيل خطأً، وإن هذه القرية الصغيرة التي يقطنها أقل من ألفي شخص، هي اليوم مركز اهتمام دولي، وإحدى النقاط الساخنة في الكرة الارضية».
«القبعات الزرق» والضوء الأخضر
رغم المفاوضات الرتيبة التي راوحت مكانها طيلة أشهر وما ينوف عن السنتين، لم يتوصل خلالها إلى أي نتيجة تذكر، بفعل المماطلة الإسرائيلية لتعقيد المباحثات، كان الإصرار اللبناني على استرجاع الجزء اللبناني السليب إلى السيادة اللبنانية كاملاً، بعد ما يزيد عن أربعة عقود، ذروة في التصدي للتسويف الإسرائيلي.
وعلى الرغم مما يحيط هذه القضية البالغة التعقيد، فإن صيغة الحل لهذه المعضلة، ستبصر النور قريباً جداً، إذ أصبح كل شيء جاهزاً لتمركز «اليونيفيل»، في الشطر الشمالي من القرية الذي تحتله إسرائيل، ويلزمها الضوء الأخضر للشروع في الانتشار، والدخول إلى القسم اللبناني من حيث تتمركز الآن في محيط القرية، وذلك بموجب اتفاق سياسي وقع بين الجانبين المعنيين، لبنان وإسرائيل، بإشراف الأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد، توافرت معلومات مؤكدة لـ«السفير»، أن المباحثات العسكرية اللبنانية ـ الإسرائيلية الأخيرة بإشراف الأمم المتحدة في الناقورة، أفضت إلى تقدم ملموس، بشأن صيغة الحل لهذا الوضع الشاذ، لقرية في دولتين عدوتين، تتنازعها سيادتان شقيقتان، ويفصل بينهما خط حدودي وهمي سمي بـ«الخط الأزرق»، يمتد صعوداً على بعد أمتار قليلة إلى الشمال من مطحنة المطران الأثرية عند مجرى نهر الوزاني غرباً، ليخترق القرية ويشطرها إلى قسمين شمالي وجنوبي، ماراً بين المدرسة الإبتدائية ومبنى المجلس المحلي وصولاً إلى تخوم قرية العباسية شرقاً.
وأعربت مصادر لبنانية متابعة عن خشيتها من أن تكون هذه الخطوة بمثابة شرك إسرائيلي مفخخ بانتظار الحل الشامل لقضية الجولان السوري المحتل، الذي قد يطول أمده لأجلٍ غير محدد، وأملت أن يكون هذا القرار جدياً، لأن من شأنه أن يعيد أرضاً لبنانية محتلة منذ عام .1967
اجتماع 2 نيسان
الاجتماع العسكري الثلاثي، نهار الأربعاء في الثاني من نيسان الجاري، الذي عُقد في أحد مقار «اليونيفيل» في منطقة رأس الناقورة، على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، واستغرق زهاء ثلاث ساعات، وضم ضباطاً من الجيشين اللبناني والإسرائيلي والقوات الدولية، برئاسة القائد العام لقوة الأمم المتحدة الدولية الموقتة لحفظ السلام في جنوب لبنان الميجور جنرال كلاوديو غرازيانو، كان مفصلياً بشأن التوصل لصيغة حل ملائمة لقضية الغجر، جرى خلاله البحث جدياً، بإصرار من الجانب اللبناني، ودعم من الأمم المتحدة، بتفاصيل الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي اللبناني المحتل من قرية الغجر، ووضعه فعلياً موضع التنفيذ، تدريجياً وعلى مراحل حتى انتهاء الترتيبات الأمنية في الجانبين، ضمن مهلة زمنية قد تتعدى الشهرين بقليل، وفق الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي بمباركة «دولية»، تنسحب بموجبه إسرائيل دون قيد أوشرط، في غضون شهرين إذا جرى كل شيء كما هو معد، وعلى أبعد تقدير ثلاثة أشهر إذا استلزم الأمر بعض الترتيبات.
الجانب الإسرائيلي من جهته، وضع شروطاً أمنية، من بينها دخول عناصر أمنية بلباس مدني لملاحقة مطلوبين، أو القيام بدوريات استقصاء روتينية، كما اشترط تولي الدولة العبرية تقديم الرعاية الاجتماعية والخدماتية لسكان الشطر اللبناني، باعتبار أنهم مواطنون إسرائيليون يحملون الجنسية الإسرائيلية، لكن الجانب اللبناني رفض أي شروط إسرائيلية، أمنية أو اجتماعية، وأصر فقط على تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي اللبناني المحتل، على أن يُصار إلى بحث صيغة تعامل ملائمة مع السكان المحليين، بين السلطات اللبنانية وقيادة «اليونيفيل».
وشدد الجانب اللبناني بدوره، على وجوب استكمال تحديد «الخط الأزرق»، في العديد من النقاط الحدودية، التي أزالت إسرائيل معالمها، أو اعتبرتها خارج «الخط الازرق» وضمن سيطرتها، كما حصل أخيراً عند تخوم نبع الوزاني، كما أصر على استكمال تطبيق القرار 1701 كاملاً، بما يشمل أيضا الانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي اللبنانية، رافضاً أي شروط إسرائيلية في هذا المجال.
من جانبه، تعهد الجانب الدولي باتخاذ إجراءات لمنع التسلل من المنطقة، بينها إقامة سواتر ترابية وتثبيت أسلاك شائكة، بعدما أثار الجانب الإسرائيلي موضوع التهريب، فيما اعتبر الجانب اللبناني أن أي ترتيب يُتخذ، يجب أن يكون من ضمن إجراءات ضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من المنطقة المحتلة. وتجلى ذلك بترجمة عملية تُهِّيئ لمرحلة ما قبل الانسحاب، عبر الإجراءات الفورية والاستعدادات الميدانية التي اتُّخذت من قبل الوحدة الإسبانية العاملة في إطار قوات «اليونيفيل» المعززة في القطاع الشرقي من المنطقة الحدودية، وتمثلت بتسييج محور حوض الوزاني والضفة الشرقية للنهر بالشريط الشائك، وبذلك تكون قد أحكمت الطوق حول القرية المحتلة من ثلاث جهات، عبر إنشاء منطقة عازلة بين مجرى النهر والشريط الحدودي المحيط بقرية الغجر من الغرب على طول الحدود الفاصلة، إلى جانب السياج القديم المتهالك، الذي عبر ثغرات فيه، تمت عمليات تسلل وتهريب مخدرات واعتداءات عدة على مدى ثلاثة عقود، وذلك انطلاقاً من نبع الوزاني، ليلتف حول السياج الإسرائيلي هناك، الذي يطوق قرية الغجر السورية المحتلة من الجهتين الجنوبية الغربية والشمالية، ويبعد عنه متراً واحداً فقط، بمحاذاة المضخة الإسرائيلية التي تغذي قرية الغجر بمياه الشفة والقائمة على الأرضٍ اللبنانية، وحدود الخط الأزرق على الطريق العسكرية التي اجتازتها القوات الإسرائيلية في المرة الأخيرة، واعتبرها لبنان خرقاً بحدود الـ250 متراً، مروراً بالأراضي المحررة المتاخمة للشطر الشمالي اللبناني المحتل لقرية الغجر، وصولاً حتى قرية العباسية المحررة شرقاً، وذلك تطبيقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في اجتماع الناقورة، وأكده الجنرال غرازيانو فور انتهاء اللقاء بإعلانه، أن «اليونيفيل» وبموافقة الطرفين، سوف تتخذ إجراءات محددة، بما في ذلك وضع المعوقات في المنطقة المحيطة بشمال الغجر، التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية، بهدف منع أي انتهاكات أو احتكاكات على «الخط الأزرق»، وذلك ضمن الإطار العام، للجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل ملائم ودائم لمعضلة الغجر». وكان غرازيانو الذي بذل جهوداً صادقة وحثيثة لحل هذه المعضلة، وصف الاحتلال الإسرائيلي لقرية الغجر، بالخرق المزمن للقرار الدولي .1701
اجتماع 4 نيسان
وأعقب إعلان الناقورة، اجتماع ميداني بعد يومين في محيط الغجر، في الرابعة من عصر نهار الجمعة 4 نيسان الجاري، بين وفد من ثلاثة ضباط دوليين رفيعي المستوى، حضروا من الناقورة وضابط ارتباط لبناني، بمشاركة ضابط دولي من الوحدة الإسبانية، على جسر الوزاني ـ الغجر المشيد حديثاً، بحثوا خلاله على أرض الواقع، الخطوات العملية المنوي تنفيذها في تلك المنطقة، للحؤول دون حصول أعمال توتر هناك، تلاه اجتماع آخر خلف الحدود في اليوم نفسه، بين ضباط «اليونيفيل» وآخرين من الجيش الاسرائيلي، عند تخوم الشطر الشمالي اللبناني المحتل لقرية الغجر، توافق فيه الطرفان، على أن تقوم وحدة إسبانية بإصلاح الشريط التقني على حدود الغجر، في المنطقة الواقعة تحت سيطرتها، بطول يقارب الـ325 م، فيما يتولى الجانب الإسرائيلي إصلاح الشريط التقني من جهته، بطول يقارب الـ400م، وذلك منعاً لأي خرقٍ أو احتكاك، كما تم الاتفاق بموجبه، على إنارة حوض الوزاني، بطلب من اليونيفيل، وتقع كلفته على عاتق الأمم المتحدة، وذلك لكشف الحركة ليلاً على هذا المحور، حيث تقوم الكتيبة الإسبانية بتسيير دوريات مؤللة في تلك المنطقة الحساسة، التي كانت تشهد عمليات تهريب وتسلل.
هذه الإجراءات بتشكيل منطقة عازلة في حوض الوزاني ومحيط الغجر غرباً وشمالاً، امتداداً حتى العباسية شرقاً، أتت وسط مخاوف من أوضاع مقلقة تسيطر على أجواء المنطقة، بموازاة المناورات الإسرائيلية الأضخم في تاريخ الدولة العبرية، والتزام «اليونيفيل» ضبط الوضع الحدودي بالتعاون مع الجيش اللبناني، وفي أعقاب حصول أحداث عدة على هذا المحور في الآونة الأخيرة، بين الإسرائيليين وقوات «اليونيفيل»، عللتها مصادر «اليونيفيل»، بأن قواتها تقوم بإصلاح الشريط التقني على تخوم قرية الغجر، منعاً لحصول أي خرق للقرار ,1701 وتفادياً للتوتر بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، كما حصل منذ أسابيع، أثارت مخاوف سكان وأهالي الغجر، من منعهم من الوصول إلى نبع الغجر لأعمال صيانة المضخة، عززتها تدابير عسكرية، اتخذتها الوحدة الإسبانية على حاجزها قرب موقعها عند الأطراف الجنوبية الغربية لقرية العباسية المحررة، إلى الشرق من الغجر، وعلى طول الطريق التي تصل الى مدخل قرية الغجر الشمالي، التي أقفلتها في وجه السيارات والمواطنين، منذ تسلمها تلك النقاط الحدودية قبل سنة، وحالت دون سلوك هذه الطريق التي تمتد غرباً إلى مسافة أقل من الكيلومتر الواحد، حيث تتمركز عربة مصفحة إسبانية، بات من المتعذر معها بلوغ هذه الأماكن، التي كان يصل إليها المواطنون اللبنانيون بسهولة، على مدى السنوات الست الماضية منذ التحرير، وبموازة ذلك، باشرت بشقّ طريق زراعية رديفة، تصل المنطقة الواقعة بين تخوم الغجر وقرية العباسية، ليتمكن المزارعون اللبنانيون من الوصول الى حقولهم وأراضيهم الزراعية، والرعاة الذين يسرحون بقطعانهم هناك، بعدما منعت القوة الدولية، هؤلاء من سلوك طريق العباسية ـ الغجر، حيث تتمركز ثلاث ناقلات جند إسبانية، بالقرب من نقطة مراقبة عسكرية شمال غرب الغجر، تشرف على مجرى نهر الوزاني، كانت قوات الاحتلال قد انسحبت منها بعيد ترسيم الخط الأزرق في صيف عام ,2000 وهي محاطة بأبراج مراقبة، مزودة بكشافات ضوئية ومناظير ليلية كبيرة، في وقت رفعت جرافات «اليونيفيل» السواتر الترابية في محيط الشطر الشمالي من الغجر ونقاط تمركزها، وذلك تنفيذاً لمضمون القرار الدولي ,1701 في ما خص الشق المتعلق بالانسحاب الوشيك لقوات الاحتلال الإسرائيلية، من الشطر اللبناني من قرية الغجر السورية المحتلة منذ عام .1967
وقد تابع الجيش اللبناني هذه الأشغال، وكذلك فريق من المراقبين الدوليين، في وقت راقبت قوة إسرائيلية الأشغال من قرية الغجر المشرفة على منابع نهر الوزاني الذي يجري مسافة كيلومترين ونصف الكلم قبل أن يدخل الأراضي الإسرائيلية ليشكل أحد أكبر روافد نهر الأردن.
في المقابل، بدأ الجيش الاسرائيلي بإقامة خط عسكري جديد جنوبي قرية الغجر، بطول 2 كلم، امتداداً من مستوطنة «دان» حتى موقع الظهرة إلى الجنوب الشرقي من الغجر، ما سيؤدي الى مصادرة مساحة واسعة من الأراضي الزراعية لقرية الغجر، بعد تحولها إلى منطقة عسكرية مغلقة.
بين غرازيانو وأشكينازي
وسبقت اجتماع الناقورة، لقاءات جرت بين قيادة قوات «اليونيفيل» وكبار المسؤولين الإسرائيليين، لبحث حل لمسألة الغجر، بينهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غابي اشكنازي، الذي التقى غرازيانو، الشهر الماضي، وعرضا تفاصيل الخطة الجديدة للأمم المتحدة، التي تقضي بـ«تولي القوة الدولية المسؤولية الكاملة عن الأمن في الشطر الشمالي من قرية الغجر، بما يشمل مسؤولية تأمين جميع الخدمات الضرورية للسكان القاطنين فيه»، وأبلغ غرازيانو اشكينازي، أن تفاصيل هذا الاقتراح، عرضته الأمم المتحدة أيضاً على السلطات اللبنانية.
وكان لبنان رفض صيغة شبيهة، في شهر آذار من العام الماضي، مقرونة بشرط إسرائيلي، يقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الشطر الشمالي المحتل من الغجر، على أن تتولى قوات اليونيفيل والجيش اللبناني المسؤولية الأمنية فيها، في حين تواصل إسرائيل تقديم الخدمات للسكان المدنيين في القسم المحرر، مشفوعة بدوريات استطلاع أمنية، وأن يقدم لبنان بشكل رسمي، على توقيع اتفاق ممهور بتوقيع من الحكومة اللبنانية، كشرط مسبق قبل الخوض بصيغة الحل وعملية الانسحاب، وطمأنة إسرائيل لجهة القضايا العالقة التي تقلق إسرائيل «من الفشل في تطبيق القرار ,1701 وما يقوم به حزب الله من إعادة بناء ترسانته العسكرية في المنطقة»، وخشية إسرائيل من أن «لا يكون لدى الأمم المتحدة، دافع لمعالجة المطالب الإسرائيلية بخصوص تسلح حزب الله، إذا جرت معالجة قضية الغجر»، حسب ما ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، باعتبار أن «الجيش الإسرائيلي يرى في قرية الغجر، «نقطة ضعف» من الناحية العسكرية، تسمح باختراق حزب الله الجزء الشمالي منها، والعبور بسهولة إلى الجزء الجنوبي، وهو يولي أهمية كبيرة للقرية من الناحية الاستخبارية، والقدرة على إحباط هجمات حزب الله، لا سيما محاولات خطف جنود إسرائيليين، لكن الحكومة اللبنانية ألغت الاتفاق ولم توقعه.
وبموازاة ذلك، رفضت إسرائيل من جهتها، اقتراحاً تقدمت به الأمم المتحدة لتنظيم المسؤولية الأمنية فى قرية الغجر، وقضى بأن تتحمل قوات «اليونيفيل» الدولية، المسؤولية الأمنية الكاملة، ومنح خدمات مدنية لسكان الشطر الشمالي من القرية المفتوح على الأراضي اللبنانية. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر سياسية إسرائيلية، تبريرها رفض إسرائيل اقتراح الأمم المتحدة، بأنها اشترطت أن تمرر حكومة لبنان لها تعهداً خطياً رسمياً بموافقتها على اقتراح الأمم المتحدة.
وكانت أجهزة الأمن الإسرائيلية درست سابقا إمكان الانسحاب الكلي من قرية الغجر، من طرفٍ واحد، وإقامة سياج حدودي أمني جنوبي القرية، بحيث تصبح قرية الغجر بالكامل تابعة للبنان، غير أن مسؤولاً أمنياً رفيع المستوى، هو رئيس جهاز الأمن الداخلي، أوصى بخطة انسحابٍ أحادي الجانب من نصف قرية الغجر المحتلة على الحدود الشمالية، التي قسمها الخط الأزرق إلى شطرين، حيث يقع شطرها الأول في الجانب اللبناني، في حين يقع الشطر الثاني تحت الاحتلال الإسرائيلي بدون سياج حدودي. لكن أهالي الغجر، رفضوا هذا المخطط مثلما رفضوا غيره من قبل، حين عرض الجيش الإسرائيلي على سكان القرية مخططاً مماثلاً، في أعقاب انسحابه من جنوب لبنان في العام ,2000 جوبه برفض السكان الذين تظاهروا ضده في حينها.
وتتضمن الخطة ـ التوصية، نقل سكان الشطر الشمالي، في الجانب اللبناني من القرية، البالغ عددهم 1400 شخص، للعيش في المنطقة السورية التي تحتلها إسرائيل، لقاء تعويضات بحسب قانون «الإخلاء والتعويض»، بشكل يتلاءم مع خطة فك الارتباط، وبعد ذلك يتم إغلاق الحدود بشكل محكم، وبناء جدار عازل وسياج حدودي بين المنطقتين، يُبقي نصف القرية مع كامل سكانها تحت الاحتلال، إلا أن سكان القرية رفضوا هذا المخطط وتظاهروا ضده، رافعين لافتات تعلن رفضهم لمشروع الجدار، كما تبين أن الجيش الإسرائيلي يعارضها، فقرروا التراجع عنها.
إخلاء السكان وتدمير المباني
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق ارييل شارون، قبل تهالكه ومرضه، طلب إعداد دراسة وافية حول إمكان إخلاء القرية، إثر اجتماع مع قادة الأجهزة الأمنية، ضم كلاً من وزير الدفاع، رئيس الشاباك، رئيس مجلس الأمن القومي، ورئيس الأركان، للبحث في اقتراح قدمه رئيس الشاباك السابق آفي ديختر، يقضي بإخلاء القسم الشمالي من قرية الغجر السورية المحتلة، ونقل سكانها إلى مساكن جديدة في الجنوب بعد تدمير المباني المشادة في الشطر اللبناني، صادق عليها في حينه المستشار القضائي ميني مزوز، بعد تقديم وجهة نظر قضائية لرئيس الحكومة حول هذه الخطوة، ومع ذلك لم تخرج إلى حيٍز التنفيذ.
وتراجعت الحكومة الإسرائيلية عن قرارها بتقسيم قرية الغجر المحتلة، وقررت معالجة ما أسمته «تسلل نشطاء حزب الله اللبناني إلى القرية» بطريقة أخرى غير التقسيم، وذلك بإقامة حاجز بين الشق اللبناني من القرية، وبين الشق السوري المحتل منها، ومراقبة هذا الحاجز بشكل شديد. في حين قدم مجلس الأمن القومي في الجيش الإسرائيلي لرئيس الحكومة خلال اجتماع الحكومة الأمنية المصغرة، وجهة نظر أخرى، تضمنت ست طرق مختلفة لحل أزمة الغجر؛ نصحت بـ«عدم الانسحاب من الشطر الشمالي»، وبتكثيف الحماية العسكرية في المنطقة، لمنع أي تسلل لمقاتلي حزب الله، باعتبار أن «الانسحاب من الغجر غير مقبول على الجيش الإسرائيلي، وعلى مجلس الأمن القومي، وعلى العديد من الشخصيات داخل مكتب رئيس الوزراء».
غير أن وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية السابقة، اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان، طالب إثر ذلك، خلال جولة ميدانية على الحدود الشمالية والمواقع العسكرية المتقدمة، سكان الغجر حسم مصيرهم، واختيار واحد من اثنين؛ إما البقاء داخل الحدود، والتصريح رسمياً قبولهم العيش في دولة إسرائيل، أو الانتقال للعيش في كنف السلطة اللبنانية، معتبراً أن عدم الحسم في هذه القضية حتى اليوم، هو بمثابة عجز وضعف من جانب الحكومة الإسرائيلية، نتيجة غياب القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة، مدعياً أن حزب الله وسكان الغجر، يستغلون الوضع في هذه المنطقة لتهريب المخدرات والأسلحة القتالية.
ضم القرية بالكامل
طرح آخر لم يلقَ صدىً، لكن طُبق الجزء الثاني منه مع نهاية عدوان تموز، قدمه مسؤولون في الجيش الإسرائيلي، اقترحوا فيه بناء جدار حول الشطر الجنوبي للقرية، ما يعني عزلها بين «الخط الازرق» وهضبة الجولان، أو بناء جدار حول الشطر الشمالي، ما يعني ضمه للمنطقة الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي؛ لكن الجيش الإسرائيلي تراجع عن هذا الاقتراح، لأنه يتعارض مع القرارات والقانون الدولي.
بعد عدوان تمّوز ,2006 أجرى الجيش الإسرائيلي سلسلة تدابير واحتياطات أمنية حول الغجر، وأقام تحصينات عسكرية في محيط القرية، بعد أن زنرها بالأسلاك الشائكة من الجهة اللبنانية، ضارباً عرض الحائط، بقرارات الأمم المتحدة، وعملية ترسيم الخط الأزرق، وفاصلاً الشطر اللبناني الشمالي للقرية عن لبنان، من خلال شريط شائك وسياج معدني جديد، وخندق حفرته الجرافات الإسرائيلية، بعمق مترين وعرض مماثل، وأحاطته بالسواتر الترابية بارتفاع فاق المترين، منعاً لأي أعمال تسلل أو تهريب من الجهة اللبنانية إلى داخل القرية، واستحدثت حفرة كبيرة خارج السياج، قطعت بها الطريق التي تصل التخوم الشمالية للغجر بالعباسبة، الأمر الذي أراح سكان الغجر، وأسعدهم الحال بعض الشيء بـ«سد الباب الذي يأتي منه الريح»، من جهة الشمال، وانكفاء حزب الله عن تخوم القرية، التي تمدّدت إلى الأراضي اللبنانية بعد حرب عام ,1967 وازدهرت فيها حركة العمران بشكل مطّرد، بعد عمليتي الليطاني عام ,1978 وسلامة الجليل عام ,1982 فدانت لأهلها الأرض المحتلة، وتوسعت القرية لتضحي بين أيام وليال، مدينة كبيرة مع ازدياد النشاط العمراني وارتفاع طبقات المباني بشكل ملحوظ وبوتيرة متسارعة، وكأن سكان القرية، الذين ارتحل معظمهم من الجنوب إلى الشمال، في سباق مع الوقت، للفوز بالمشاعات السائبة، وفرض «احتلال» جديد، وأمر واقع لا يرد، وغدا ثلثا القرية، الشمالي والشمالي الشرقي ضمن الأراضي اللبنانية، فيما بقي ثلثها الجنوبي في الأراضي السورية المحتلة، التابعة لهضبة الجولان، على حاله، من الفقر والإهمال، شاهد إثبات على «لعنة الجنوب» في كل جهات الأرض، حتى لو كان في زاوية مهملة من العالم.
من البنفسجي إلى الأزرق
هنا، لا بد من الإشارة، إلى أنه، بدافع إنساني من الدولة اللبنانية، تم تأجيل عملية فصل المحرّر من القرية عن المحتلّ، بموجب الخط الأزرق الذي شطرها إلى قسمين، والذي هو في الأساس خط حدود بنفسجي متفق عليه وليس متحفظاً عليه، قائم بين لبنان وسوريا حتى عشية حرب الأيام الستة في عام 1967 بتسوية بين لبنان والأمم المتحدة، وجرى تفاهم لبناني ـ دولي حولها، يقضي بعدم خرق إسرائيل الخط الأزرق واجتياز عناصر جيشها وأمنها إلى الأراضي اللبنانية منها، فتكون بحكم المحررة، فيما يبقى الوضع على حاله في داخل القرية، التي تتغذى كحق طبيعي لها من مياه نبع الوزاني، كذلك لا تدخلها أجهزة السلطة اللبنانية الرسمية، باعتبار أن السكان غير لبنانيين ويحملون الجنسيتين السورية والإسرائيلية، ويخضعون للإدارة المدنية الإسرائيلية، ويدير شؤون القرية مجلس محلي منتخب وفق القانون الإسرائيلي، وهناك مختار ووجهاء ولجان. وللتحقق من تطبيق هذا التسوية الإنسانية، أقامت الأمم المتحدة نقطتي مراقبة عند تخوم الشطر الشمالي، للإشراف على الوضع الناشئ، وإزالة أي خرق.
ومنذ ذلك الوقت حتى الساعة، لا يزال الوضع على حاله في قرية الغجر المحتلة، رغم ما شابه من أخطار ومواجهات، بانتظار ترجمة القرار الإسرائيلي القاضي بتسليم قوة حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة، المسؤولية الأمنية في شطرها الشمالي، وما استجد بشأنها أمران:
الأول، إجراءات صارمة للوحدة الإسبانية، التي فرضت نطاقاً أمنياً أشبه بالحصار، منعت أيـاً كان، من الوصول إلى تخوم الشطر الشمالي، بعد أن اتخذت عناصر هذه القوة تدابير مشددة في محيط نبع الوزاني، مروراً بالأراضي اللبنانية المحررة المحاذية لقرية الغجر المحتلة، وصولاً إلى العباسية، وعملت على تثبيت ستة أبراج مراقبة في رقعة طولها 500 متر، ولا يزيد عرضها عن 50 متراً، وهي تحيط بالشطر اللبناني المحتل من قرية الغجر.
الثاني، تدابير عسكرية إسرائيلية متشددة مقدمة للانسحاب، منها إقامة خط عسكري جديد جنوبي قرية الغجر، وتحصينات واستحكامات في محيط القرية، استفزت الأهالي الذين يخشون مصادرة مساحة واسعة من الأراضي الزراعية لقريتهم، بعد تحولها إلى منطقة عسكرية مغلقة، من ضمنها اتخاذ إجراءات أمنية عند بوابة القرية الوحيدة، والتحكم بمصير المئات من أهلها، تفتح ساعة يشاء الاحتلال، وتغلق حين يرتئي، فيما تبقى أراضيهم وبساتينهم خارجها، سائبة أمام الإسرائيليين.
تحويل المواطنين إلى مستوطنين
وكان سكان قرية الغجر رفضوا تقسيم قريتهم، وأكدوا على بقائهم في بيوتهم مهما كلف الأمر، واعترضوا لدى الأمم المتحدة على قرار الحكومة الإسرائيلية نقل المسؤولية الأمنية عن الشطر الشمالي إلى قوة حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة «اليونيفيل»، لزعمهم أن من شأن هذه الخطوة التي تقض مضاجعهم، قطع التواصل بين العائلات التي تجمعها صلات القربى ورابطة الدم والانتماء لعشيرة واحدة وهوية موحدة، وقد أصدروا في حينه بياناً، يوضح «أن ما تردد في وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن إمكان تقسيم القرية، ونقل سكان الحارة الشمالية، وهدم بيوتهم وتعويضهم عن ذلك، وتسمية السكان بالمستوطنين، وتشبيههم بمستوطني غزة، أمر سخيف وينم عن تحريض، واستنكار للهوية الوطنية لسكان القرية». وأعلنوا أنهم مع حل عادل لقضيتهم، يندرج في إطار الحل الشامل لقضية الجولان السوري المحتل.
وقد رفض أهالي الشطر اللبناني السماح للقوات الدولية بدخول مناطق سكنهم، وعللوا ذلك بأنهم يرفضون الانفصال عن أهلهم وعائلاتهم في الشطر السوري من القرية التي يبلغ عدد سكانها 2150 نسمة، وكلهم سوريون من المذهب العلوي. وحتى إنجاز هذه الخطوة بتسليم الجزء اللبناني الشمالي للقرية لقوة اليونيفيل المعزّزة، يبقى سكان الغجر بين خيارين أحلاهما مر، ويشددون على عدم شرعية القرارات الإسرائيلية، وهم في حالة استنفار ووضعٍ قلق على مصير متأرجح، قد يستمر زمناً يصعب تحديده، رغم تفاؤل القيادة الدولية باقتراب الحل لهذه المسألة.
صيغة الحل المطروح
يبدو لسكان الغجر أن الحل المطروح، يجعلهم جزءاً من تسوية متوقعة مع سوريا، لكنهم في حالة ضياع ويعيشون على أعصابهم خشية أن يرافق هذا الحل أي صفقة سياسية دولية، تسلب إرادتهم وتصادر أمانيهم، ولا تكترث لوجودهم ولتطلعاتهم بغدٍ أفضل. ويقطع «خط لارسن» كما يطلق عليه الأهالي، قرية الغجر السورية في وسطها ويقسمها الى شطرين، شمالي يقع تحت السيطرة اللبنانية وجنوبي يقع تحت الاحتلال الاسرائيلي، بحيث تتولى «اليونيفيل» الأمن في الشطر اللبناني، فيما يبقى الإسرائيليون في الشطر السوري المحتل. وإزاء وضع كهذا، يجد الأهالي أنفسهم واقعين بين فخ الحل المعقد وتهمة «اجتياز الحدود إلى دولة معادية». ويحيط سياج بالقرية من جهة هضبة الجولان، فيه ثلاث بوابات هي عبارة عن حواجز عسكرية إسرائيلية، فيما القرية مفتوحة على رياح الشمال، التي تهب من حين لآخر، من الأراضي اللبنانية.
وتبدو الغجر من بعيد، وكأنها باقة ملونة في صحراء قاحلة، وعن قرب هي أشبه بالبيض الملون في سلة العيد، حيث تلفتك الأبنية الحديثة الطالعة التي استغلت مساحات واسعة، ولم تبق على قسم واحد من الأرض اللبنانية دون استثماره عن عمد، وفق خطة تقضي بالاستيلاء على الأرض عبر البناء عليها، وتبلغ مساحة القرية ضعفَيْ ما كانت عليه قبل خمسة وثمانين عاماً عند ترسيم الحدود الدولية عام .1923 ويبلغ عدد سكانها حالياً ما يزيد على ألفي نسمة ينتمون إلى الطائفة العلوية، ويحملون الجنسية الإسرائيلية.
وتقضي صيغة الحل بأن يبقى السكان حيث هم في الشطر اللبناني، على أن تدخله «اليونيفيل» في مرحلة أولى، يتبعها الجيش اللبناني بواسطة ضابط ارتباط دائم.
ويمكن حصر ما رشح من معلومات حتى الآن، حول الترتيبات بشأن صيغة الحل في الغجر بالآتي:
ـ رفع العلم اللبناني ليخفق مجدداً فوق الأرض المحررة بعد احتلال دام ما يزيد عن أربعة عقود.
ـ دخول وحدات من القوات الدولية من بلدان أوروبية (إسبانية ربما مطعمة بوحدات فرنسية وإيطالية) إلى الشطر الشمالي للقرية.
ـ الإبقاء على التفاهم اللبناني ـ الدولي، ومن ضمنها التسوية القائمة بين لبنان والأمم المتحدة، فلا يطالب لبنان بفصل المحرّر عن المحتلّ لدوافع إنسانية.
ـ الإبقاء على الخط الأزرق «الوهمي» الذي يشطر البلدة كما هو، وفي الأساس هو خط الحدود «البنفسجي» المتفق عليه بين سوريا ولبنان وليس متحفظاً عليه.
ـ عدم وضع عوائق أو جدران إسمنتية أو أسلاك شائكة أو إقامة بوابات عبور.
ـ إقامة حاجز دولي بمثابة نقطة تفتيش على الخط الأزرق الفاصل بين المجلس المحلي شمالاً والمدرسة الابتدائية جنوباً مزود بالعناصر والآليات.
ـ إبقاء التواصل بين سكان القرية بشطريها على حاله.
ـ عبور السكان والعمال الى إسرائيل والعودة منها إلى الشطر اللبناني، تحكمه تدابير إسرائيلية خاصة، وأخرى «دولية«» ضمن نطاق انتشارها.
ـ الخدمات المدنية والتعليمية والرعاية الاجتماعية والطبية من شأن الدولة العبرية.
ـ الخدمات الإنسانية والطوارئ وتسهيل أمور الناس الحياتية والخدماتية تتولاها اليونيفيل.
ـ المسؤولية الأمنية وحفظ النظام في الشطر اللبناني أو توقيف محكومين فارين أو مخلين بالأمن أو ملاحقة مطلوبين أو مهربين من قبل إسرائيل تقع على عاتق اليونيفيل.
ـ عدم السماح للسكان المحليين بتجاوز الشطر الشمالي باتجاه المناطق اللبنانية.
ـ عدم السماح لأفراد أو دوريات للجيش الإسرائيلي، أو أي عناصر أمنية بلباس مدني دخول الشطر اللبناني لملاحقة مطلوبين أو محكومين، وهذا الأمر من مسؤولية اليونيفيل.
ـ تسيير دوريات مؤللة وراجلة لليونيفيل المعززة في شوارع وأحياء الشطر اللبناني.
ـ وضع حاجز دولي عند الطرف الشرقي للقرية يحصر الدخول إليها بأبناء القرية.
ـ تركيز حاجز دولي ـ لبناني مشترك عند مدخل الطرف الشمالي للغجر.
ـ يتولى ضابط ارتباط من الجيش اللبناني مراقبة هذه الاجراءات بشكل دائم في الجانب اللبناني من الغجر.
وفي سياق تنفيذ هذا الاتفاق، علم أن قوات اليونيفيل بدأت بالدخول الى المناطق الزراعية في القسم اللبناني من الغجر بانتظار الدخول الى المناطق المدنية الذي لن يكون بعيدا.
الغجر البيضاء كما تبدو من الأراضي اللبنانية
تعليقات: