غرفة العزل الصحّي (تصوير نبيل اسماعيل)
عند الساعة الخامسة مساءً، ستصدر النتيجة الثانية لأول حالة سُجلت في لبنان من مستشفى رفيق الحريري الجامعي. وقد أثار خبر شفاء المريضة بناءً على النتيجة الأولية السلبية التي صدرت بالأمس آمالاً وارتياحاً كبيرين في ظلّ أجواء الخوف والهلع التي تسيطر على لبنان في الآونة الأخيرة. مما لا شكّ فيه أن مسألة تعاطي الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي مع الحالة الأولى شكّل مادة جدلية، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض لموضوع نشر صورة جواز سفر المريضة. المشهد يختلف اليوم، المريضة التي بقيت محط أنظار اللبنانيين، تحوّلت في هذه اللحظات إلى نقطة أمل يتمسك بها الناس للتخفيف من حدّة القلق والرعب من هذا الشبح الفيروسي. لدى المريضة ت.ص الكثير لتقوله، هي التي فضّلت الابتعاد عن الإعلام وتفادي الحديث بعد الذي تعرضت له، كسرت صمتها وشاركتنا معاناتها وإيمانها ورسالتها.
بصوت خافت تُجيب المريضة على اتصالنا، "بوجود الله وأهل البيت عليهم السلام نحن لا نخاف من شيء. سبحانه وتعالى هو يعرف بكل ما يجري، لم أكن أعاني من أعراض صحية، لكن لا أعرف حقيقة ما جرى. صحيح أن فترة الأسبوعين كانت صعبة ولكن بالمثابرة والعبادة مرّت الأيام. كنتُ أقول لنفسي إنني في مرحلة عبادة وسيأتي يوم سيفرجها الله عليّ. لم أتناول أي حبة دواء بل كنتُ أخضع لمتابعة صحية لمراقبة الحرارة والتأكد من صحتي".
وأشارت الى أن "الله عندما يريد أن يشفي شخصاً سيُشفيه، يلّي عند الله مش عند حدا. أحياناً نرى شخصاً يقع على الأرض ولم يكن يشكو من شيء. الله ليس لديه سوى الرحمة".
لا تخفي المريضة الجرح الناتج عن نشر صورة لجواز سفرها، فتقول: "أتمنى من الجهة التي نشرت صورة جواز سفري أن أقول لهم أنا لستُ مجرمة ولستُ مطلوبة من القانون حتى يتمّ نشر صورة عن جواز سفري. لنُسلم جدلاً أنه تبين لكم أنني مصابة بفيروس الكورونا، هذه قناعتكم ولكن لا يحق لكم أن تنشروا لي صورة جواز سفري. لكل من نشر هذه الصورة، هل كنت ترضى بنشر هذه الصورة لوالدتك أو شقيقتك أو إبنتك؟ حتى تمّ التداول بصورة أخرى قيل إنها أنا، لكنها لم تكن صحيحة ولم أنتزع للحظة الحجاب عن رأسي، بالإضافة الى أن الغرفة ليست غرفة العزل التي كنتُ فيها. لذلك سأقول لهم الله سيُحاسب كل إنسان، وكل شخص سيقع يوماً ما في الحفرة، وكلنا سنواجه الموت وما من أحدٍ سيبقى خالداً الى الأبد في هذه الحياة. أكثر ما آلمني هو نشر صور جواز سفري، وهذا موضوع غير مقبول، لم يحترموا خصوصيتي".
برأيها "ما جرى مؤسف جداً ومؤلم للغاية. وأتمنى من الناس أن تتمتع بالوعي الكافي حتى نتفادى أذية شخص آخر، هناك بعض الأشخاص الذين لا يتحملون هذا الضغط وهذه الممارسات، وقد يتسببون بوفاتهم لا سمح الله. أشكر الله لأنه مدّني بالصبر وتعاليت على كل هذه الأخبار حتى لا أتأثر نفسياً. عليهم أن يحترموا الناس والرأي الآخر وعدم إهانة الشخص وأذيته، والله خلقنا متساوين، وليس هناك أحد مُفضّلاً عن الآخر ، وما لا ترضاه على نفسك لا تقُم به لغيرك".
تعليقات: