الراحل المهندس يوسف الزوقي
قبل أيام، فُجعت راشيا الفخار بخبر وفاة الشاب الثلاثيني يوسف خليل الزوقي، 31 عاماً، في أبيدجان في ساحل العاج. اليوم، الوجع أكبر، وقساوة الرحيل يُثقلها تعذر وصول جثمان يوسف إلى لبنان بسبب الاجراءات المعقّدة في زمن #كورونا. كانت الغربة كفيلة في حرق قلب عائلته التي كانت بعيدة عن ابنها، لكن الجمرة اليوم تحرق روحهم. هم لا يطلبون الكثير، فقط استرجاع جثمانه لدفنه في أرض الوطن.
منذ 3 سنوات انتقل المهندس يوسف إلى ساحل العاج في أبيدجيان للعمل، إلا أن الموت غدره في 12 نيسان. لن ندخل في حسم سبب الوفاة الذي شكّل جدلاً إعلامياً وتناقضاً في المعطيات، بالنهاية، الوفاة حصلت وأحدثت معها الصدمة والألم اللذين لن يُزيلهما أي تفسير. لكن ما يجري اليوم بمثابة طعنة أخرى في جسد يوسف، فجثمانه عالق بين حكومتين؛ من جهة، سمحت الحكومة اللبنانية بإجلاء الدفعة الأولى من الرعايا اللبنانيين بأعداد محدودة وشروط ضيقة نتيجة وباء كورونا، ولم تطلب رسمياً أو تتفاوض مع الحكومة هناك لإعادة جثمانه إلى لبنان؛ ومن جهة أخرى، لم تسمح حكومة ساحل العاج بإعادة جثمان يوسف إلى وطنه لبنان.
هذا الواقع المرير دفع بالكثيرين إلى توقيع عريضة للمطالبة بعودة جثمان #يوسف_الزوقي إلى لبنان (حتى الساعة تم توقيع العريضة من قبل 6320 شخصاً) حتى تتمكن عائلته المفجوعة إلقاء النظرة الأخيرة عليه، ودفنه بأرضه ووطنه. وتُعتبر العريضة بمثابة وسيلة ضغط لحضّ الحكومة اللبنانية على المطالبة بإعادته والعمل على تسهيل الإجراءات لتسليم الجثمان.
بكلمات مؤثّرة تكتب شقيقته تانيا خليل الزوقي وجعها، تقول: "أرجوكم أعيدوا شقيقي، لم نتمكن من الوقوف إلى جانبه عندما لفظ أنفاسه الأخيرة، أقله دعونا نقول له وداعاً حتى يبقى والدي يتنفس".
في هذا الإطار، شرحت خالته سوزان في حديث مع "النهار" حقيقة ما يجري وأين وصلت الأمور اليوم. تقول: "توفي يوسف صباح الأحد في 12 نيسان، وعلى ما يبدو أن السياسة المتبعة من قبل وزارة الصحة في ساحل العاج تقضي بدفن الجثة مباشرة وعدم الاحتفاظ بها بالبراد لمدة طويلة. الأمر الذي دفع ببعض الشبان اللبنانيين إلى التمني من القنصل اللبناني هناك تمديد المهلة حيث نجح في كسب يومين إضافيين. المشكلة اليوم أن هذه المدة شارفت على الانتهاء وأمامنا ساعات ولم نتلقَّ أي اتصال أو مبادرة من الحكومة اللبنانية بشكل رسمي لتولي مهمة التفاوض والضغط لإعادة جثمان يوسف إلى لبنان".
وتشدد خالته على "أننا كنا نأمل بتجديد الرحلات لإجلاء اللبنانيين خلال مجلس الوزراء، إلا أن ذلك لم يحصل ما جعلنا نبحث عن بديل أو خيارات أخرى لتأمين وسيلة أخرى لاستعادته ومنها استئجار طائرة خاصة. إلا أن هذا الخيار يتطلب الحصول على موافقة من وزارة الصحة والحكومة هناك للسماح بنقل الجثمان إلى لبنان، ولكن نعرف جيداً أن تفاوض الحكومة أو الدولة اللبنانية يختلف حكماً عن التفاوض الشخصي للضغط على الدولة الأفريقية للحصول على إذن السفر والسماح بنقل جثمان يوسف إلى لبنان".
ولا تُخفي خالته سوزان متابعة القنصل اللبناني في ساحل العاج جان الترك لكل التفاصيل ومساعيه للمساعدة في هذا الإطار، لكن ما نتمناه حقيقة أن تقوم الدولة اللبنانية بالضغط من هنا سواء لتمديد فترة إبقائه في البراد لمدة أطول أو للحصول على إذن السفر. لذلك نحاول من خلال علاقاتنا الشخصية والإتصالات التي نجريها إلى رفع الصوت أكثر، واليوم تلقينا اتصالاً من نقيب المهندسين الذي أبلغ وزير الخارجية بالمسألة. لكن ما زالت الاتصالات على مستوى فردي وشخصي وليس من قبل الجهات الرسمية للضغط والعمل على حل العقدة".
المعلومات الرسميّة
وكان سفير لبنان في أبيدجان يوسف رجّي صرّح لـ"النهار" أن الزوقي توفي متأثّراً بالكورونا بعد مضاعفات صحيّة؛ وأضاف "مَرِضَ الشاب في مدينة تبعد 400 كلم عن العاصمة حيث كان يعمل وأُحضِرَ إلى هنا بعد تأزّم وضعه. تابعناه كسفارة، منذ تبلّغنا إصابته وإدخاله المستشفى في أبيدجان؛ كما التفّ حوله أصدقاؤه وأبناء الجالية. حاول الأطباء جاهدين إنقاذه"
وفق خالة الفقيد، إن "المهلة شارفت على الانتهاء ولم نتوصل إلى حلّ. أمامنا ساعات فقط وكل ما نأمله أن تصل صرختنا ونستعيد جثمان يوسف إلى وطنه الأمّ".
الراحل المهندس يوسف الزوقي
تعليقات: