لم ينجُ الشعب اللبناني من ظلم السلطويّين، فالدوائر دارت على الجميع، مُسَاوية بين الحاكم والمحكوم
بكل أنانيّة، وعبر فائض الطائفيّة والمذهبيّة والإدارة السيئة والاحتيال على الدستور والتلاعب بالقوانين والوعود الكاذبة، تمكَّن معظم الطبقة السياسيّة "العتيقة" من تحويل لبنان إلى بلد يعاني من جفاف المواطنيّة وشح المحاسبة ونضوب الأعمال وتيبيس الآمال.
ما حصل مؤخراً من "شبه" انهيار، أثبت صدق المثل القائل: "على الباغي تدور الدوائر". فما أن تفاقمت الأزمات وتوسعت تأثيراتها السلبيّة وتداعياتها الوخيمة، حتى شملت معظم أركان وأدوات الطبقة السلطويّة "العتيقة"، المشارك بعضها في الحكومة وغير المشاركة، التي تسبّبت بالعديد من أزمات البلد وأهله، وربما صنعت أكثرها "عمداً"، خدمة لمصالحها وطموحاتها وجيوبها.
لكن، وللأسف، لم ينجُ الشعب اللبناني من ظلم السلطويّين، فالدوائر دارت على الجميع، مُسَاوية بين الحاكم والمحكوم، ما جعل الظالم والمظلوم غريقين في بحر الأزمات نفسه.
بالنتيجة، هناك غريق وغريقة، ما يعني أن البلد في حالة غير مسبوقة وعلى درجة عالية من الخطورة، فـ "الغريق لا ينقذ غريقاً".
- الغريق "الشعب"، المعروف أنه فاقد الحيلة وليس بيده وسيلة للخلاص، أصبح في عهدة وبرعاية حكومة الرئيس حسَّان دياب الساعية، بالملموس، إلى إنقاذه.
- الغريقة "الطبقة السياسيّة العتيقة"، المعلوم أنها كثيرة الكلام والوعود وتملك أكثر من حيلة، منها استغلال الشعب كوسيلة للنجاة، تشنّ هجوماً عنيفاً على حكومة دياب بهدف وقف عمليّة الإنقاذ، التي لو استمرت فإن تلك الطبقة لن تجد من ينتشلها مما هي فيه.
الطبقة السياسيّة "العتيقة" الغريقة، سواء ممن داخل الحكومة أو خارجها، لن تتوانى عن فعل أي شيء لإنقاذ نفسها أولاً، حتى لو اضطرها الأمر، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أن تلجأ إلى:
- التعامل مع الإصلاح على أنه العدو الأخطر على مستقبلها ومصيرها.
- استثارة العصبيّات المذهبيّة، تحديداً.
- التلاعب بالأمن والأمان الاجتماعي.
أما الشعب الغريق، فما من وسيلة أمامه إلا خوض مغامرة الوثوق بمن لم يخدعه حتى الآن، بدلاً من تكرار الخطأ نفسه مع الطبقة "العتيقة"، التي تملأ اليوم فضاء الداخل والخارج بصراخها مستغيثة "أنا الغريقة... أنقذوني".
المعركة الحقيقية ليست مع حكومة دياب، بل مع الطبقة السياسيّة "العتيقة" التي خذلت الشعب بعدما أغرقته.
* المصدر: ليبانون فايلز
لم ينجُ الشعب اللبناني من ظلم السلطويّين، فالدوائر دارت على الجميع، مُسَاوية بين الحاكم والمحكوم.. الظالم والمظلوم غريقين في بحر الأزمات نفسه
تعليقات: