نشر موقع الخيام في العشرين من الشهر الجاري خبر (انقاذ الحمار القبرصي من ألأنقراض)، والملفت ان هذا الخبر تصدّر معظم الصحف العربية.
وان كان الخبر في الشكل غير مستساغ لدى البعض، إلا ان حماسة طرح الموضوع تجاوز إشكاليات المظهر الخارجي، ليعَبر عن حالة الإحباط وتجلط الدم في شرايين الجسم العربي، وكذلك يعكس حالة من الكآبة والصراع النفسي تتحكمان في العقلية العربية مما افقدها ألأنسجام والتناغم والحيطة والحذر مع ما يحاك ضدها كم هم بني البشر في وطننا العربي تطالهم صنوف من المعاناة، وكأن لسان حال الصحافة يندب حظوظ ما يلحق بأوطننا العربية من حروب متنقلة تحصد العشرات من البشر يومياً في هذا القطر وذاك و جوع وتجويع وحصار وتهديد وأمية متفشية هنا وهناك وشحن طائفي، ومذهبي، وديني، وقومي، وقبلي، وعائلي وعرقي، حتى بلغ السيل الزبى، وأصبح العجز والسكوت والضعف والهوان من ملامح ساكني الوطن العربي. ودون ان تحرك ساكنا أو يكون هناك اي حملة جدية لأنقاذ الوطن والمواطن.
ان ما دفع القبارصة رغم إختلاف انتمائهم هو إعجابهم بقوميتهم القبرصية حتى ولو كانت تمتطي ظهر (الحمار القبرصي) فتوحدوا لإنفاذه لأنه نال شهرة واسعة تعود الى آلآف السنين، قد يكون الموضوع ظاهره (الحمار القبرصي) وباطنه هو إعتزاز القبارصة بوطنهم وقوميتهم وناسهم وبشرهم وتراثهم وثقافتهم وليس كل ما هو ظاهره يحمل الخشونة والقسوة والألآم والصعوبة والأشمئزاز والغلبة، يعبر عن حقيقة حتمية ودامغة لاتقبل التصحيح والتقويم والجدل والتفنيد والتأنيب، بل ان ننظر الى صفحات جوهره الناصعة البياض ونقرؤها ليس قراءة المتعصب الحاقد المختال المتكبر أو الذليل الخائف المهزوم الضعيف بل قراءة االمنفتح المتسامح والمتواضع الكريم والشجاع القوي والواثق الأمين الذي لا يخاف في الله لومة لائم، يقارع الحجة بالحجة.
يحكى بأن احد زعماء الهند ألأستقلاليين عندما عمدت القوات المستعمرة على أذلالهم قامت بمنع وصول مواد الخام من القطن المقطوف من حقولهم، الى المصنع فتوقف المصنع والآلاف من العمال عن العمل. فعمد هذا الزعيم الى خلع قميصه المنُتَج في هذا المصنع وكان يتنقل شبه عارِ ليس لأستعراض عضلاته، بل ليؤكد لشعبه بأن اذا لم نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع فمصيرنا ان نسير ونحن عراة وكان له ما أراد حين تعاطف الشعب معه وسار خلفه الى ان عادت القوات المستعمرة عن قرارها.
فالعري والتعري وخلع الملابس من المظاهر الغير مقبولة في شكلها وفي خارجها، لكن في مضمونها وداخلها كرسالة فأنها تحمل القوة والصلابة والأصرار على أنتزاع الحق وليَ عنق الجبابرة وحماية الوطن والموطن وألأعتزاز بالنفس والتفاخر بالأنجازات الوطنية، وتحفيز الشعب نحو مزيد من العطاء والأنتاج، والوصول الى النصر المبين.
فسبحان الله الذي خلق الأنسان في احسن تقويم فأبدع صنعاً وخلقاَ. إلا ان حملات التجني والافتراء والعبث بأرواح بني البشر والتهديد بالإبادة والمحو عن الخريطة وجد طريقه في ألأنتخابات ألأمريكية للأسف اصبح مادة لجني وحصد ألأصوات. فبين إنقاذ الحمير، وإبادة البشر، مسيرة أمم وحركة تاريخ مفعم بالأحداث ودروس مليئة بالتجارب والعبر، فاتعظوا يا أولي الألباب.
وأخيراَ:
حبلٌ على غارب بهيمة...
كتب لها النجاة.
حبلُ على ظهر سفينة...
رست على بر الأمان.
حبلُ على خشبة المقصلة...
ربط بها عنق إنسان.
latif_hassan@hotmail.com
تعليقات: