في الذكرى ال ٨١ لميلاد “شوشو حسن علاء الدين (٢٦ شباط ١٩٣٩)، الذي قدم واحدة من أعقد الشخصيات الفنية المعقدة وأكثرها إثارة للجدل، لتتحول إلى شخصية فنية ذات معان حسية وأبعاد إنساية تضج بالحياة من خلال سخريته العنيفة، نتذكر تلك الصرخة المدوية ” أخ يا بلدنا” التي أطلقها، والتي عبرت إلى أقصى الحدود بجرأة وشجاعة عن وجع الناس من واقعهم آنذاك، ومازال اللبنانيون يرددونها كل يوم، لما تختزل حروفها من تعبير صادق لأوجاعم المتراكمة والمتكاثرة والمتزايدة لحد فقدان الأمل…•شحادين يا بلدنا:
أطلق المرحوم “شوشو” من خلف جسده النحيل وشاربيه الكثين أغنية “شحادين يا بلدنا” في مسرحيته “آخ يا بلدنا” سنة 1974، كلمات الأغنية تنطبق على واقع ذلك الزمان حيث كان لبنان في بحبوحة وهناك فائض في الميزانية، ولم يكن هناك دين ولا عجز وإقتصاد منهار وظروف معيشية كارثية وفساد غير المسبوق الذي نعيشه في أيامنا، وكأنه كان سابق لعصره وزمانه، ليتنبأ ما سوف تؤول إليه الأوضاع من إنحدار مخيف ومقلق على مستقبل وطنه، حيث تتكلم الاغنية عن نشالين ونصابين وعطشانين ومظلومين وجوعانين وطفرانين واراض وجرايد و ضمائر ووزراء ومدراء وحجاب وشعراء وكتاب للبيع…
وعلى ضوء هذه الأغنية، دعت النيابة العامة “شوشو” للمثول أمامها للتحقيق في هذه الجريمة الكبيرة(!) بعد أن داهم عدد من رجال الأمن مكتبه و صادروا 135 أسطوانة و طلبوا سحب الاسطوانات من الأسواق!!!
وجاء في كلماتها:
شحادين يا بلدنا…قالوا عنا شحادين
نشالين يا بلدنا… قالوا عنا نشالين
محتالين يا بلدنا… نحن شوية مساكين
مظلومين يا بلدنا… إيه وحياتك مظلومين
***
عطشانين يا بلدنا… والميّ بخمس وستين
جوعانين يا بلدنا… وما عندنا رز ولا طحين
طفرانين يا بلدنا…. وبالتعتير مليانين
محتارين يا بلدنا… ليش منشكي محتارين
***
أراضينا للبيع للأغراب .. يا بلدنا
جرايدنا للبيع للسفارات .. يا بلدنا
ضمايرنا للبيع للجواسيس .. يا بلدنا
على أونا.. على دوّي.. مين بدو يشتري مين
***
نحن يا أهل المروة..
مساكين مساكين..
وزرا ونواب للبيع..
مدرا وحجّاب للبيع..
شعرا وكتاب للبيع..
كلو كلو للبيع..
***
ليش منسرق .. ما سألتونا
منسرق لأنه سرقونا
ليش منبيع .. ما سألتونا
منبيع لأنو باعونا !!
سرقونا الكبار… باعونا الكبار
ونحنا حرامية دراويش.. صغار.. صغار
صغار صغار.. صغار.. صغار!!
***
شحادين يا بلدنا… قالوا عنا شحادين
نشالين يا بلدنا… قالوا عنا نشالين
محتالين يا بلدنا…نحن شوية مساكين
مظلومين يا بلدنا… إيه وحياتك مظلومين..
***•”البسطة” مسرحه الأول:
سكن الفنان «شوشو» أو حسن علاء الدين (1939-1975) لمدة ثلاثين عاماً تقريباً في الطبقة الأولى من مبنى متواضع في محلة “البسطة” التي كانت عمق بيروت الشعبي ومعقل “القبضايات” ومسرحاً يومياً لحياة المدينة المتناقضة.
عاش أسطورة المسرح الشعبي في هذا الحي البيروتي، الذي تشوّه اليوم بفعل الفوضى، والاكتظاظ السكاني، وغياب الدولة. عاش فيه متواضعاً” وهادئاً وخجول ومهذب (رغم شخصيته المسرحية الثائرة)، ومات “درويشاً” ومديوناً ومقهوراً!!!•يساريٌ بالفطرة:
لم يكن منتمياً إلى أي حزب سياسي، ولم يكن أيديولوجياً، لكنه كان يساري الهوى، أو “يسارياً بطريقة عفوية”، إذ تمكن بفضل عبقريته الإستثنائية من تحويل الكوميديا الى عمل سياسي – إجتماعي ونقدي.
* زياد سامي عيتاني - إعلامي وباحث في التراث الشعبي.
* المصدر: موقع "بلدي"
تعليقات: