رئيس الحكومة حسان دياب وزوجته
انتشر فيديو من 40 ثانية يشمل تصريحاً لزوجة رئيس الحكومة نوّار دياب. 40 ثانية كانت كفيلة بإشعال مواقع التواصل الإجتماعي وببث الكثير من الغضب والأفكار المعجونة بالعنصرية.
لفتت السيدة دياب خلال تفقدها وزارة الإعلام لأهمية الاستغناء عن العاملات الأجانب والبدء كنساء لبنانيات بالعمل في المنازل، على أن يتم وضع قانون يحمينا مثل أي وظيفة أخرى، بدل أن تذهب أموالنا إلى الخارج عبر العمال والعاملات الأجانب.
خضّ الموضوع وسائل التواصل الاجتماعي وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض، لكن بعض المعارضين لم يكونوا في صفوف المدافعين عن حقوق العمال والعاملات الأجنبيات أو الرافضين لتنميط دور المرأة وحصره في العمل المنزلي فقط، بل ذهبوا إلى الدفاع بشكل عنصري عن أنه من المعيب تشبيه عمل المرأة اللبنانية بعمل العاملات الأجانب، كأن مهنة العاملة المنزلية معيبة. المعيب أكثر انتشار هاشتاغ في "تويتر"، يتسم أقله بالذكورية تحت عنوان: "حسّان ضب مرتك". بطريقة تدعو إلى العنف الموجه ضد النساء وكأن على الرجل أن "يضبّ" مرته في كل مرة تخرج فيها عن خط المجتمع المرسوم لها.
وتعقيباً على الصحة المثارة، أصدر المكتب الإعلامي في رئاسة الحكومة بياناً مؤكداً أن "البعض يحاول عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحوير تفسير روحية مضمون الكلام... وأن ما قصدته الدكتورة نوار مولوي واضح في سياق الكلام...".
بدا البيان غير مقنع، و"بدل أن يكحلها عماها". وجاء وفق بعض المطلعين ليشكل خرقاً أساسياً آخر لدور المكتب المنوط حصراً بالتصريح عن الحكومة ورئيس الحكومة وليس من مهامه التصريح والتوضيح حول أمور تتعلق بزوجة أو عائلة رئيس هذه الحكومة.
وينسحب هذا الخطأ الشكلي، قبل الولوج في مضمون الحديث، لينسف مبدأ الاستقلالية في العمل ويكرّس ممارسات تقع خارج صلاحيات العمل الإداري. فزوجة رئيس الحكومة "ليس لديها أي سلطة أو صلاحية بالشكل لتتفقد وزارات، مما يدلّ على فائض قوة والعودة إلى التقاليد والإتخاذ من سلطة الزوج سلطة لها للظهور... وبشكل آخر أعدنا العالم لصورة الإقطاع التي رافقتنا لسنوات".
المشكلة الأكبر أن مضمون هذا الحديث انزلق لتناول نوع العمل مما دفع بعض "الشهماء" على مواقع التواصل للهجوم، كأن نوع العمل هذا يقلّل من قيمة اللبناني مضيفين لكوارثنا الطبيعية والاقتصادية والانسانية كارثة العنصرية. المشكلة ليست في نوع العمل، لأنه يحق للناس أن يقوموا بأي عمل يريدون وأن يتم ضمان حقوقهم في هذه الأعمال.
طرح البعض أسئلة محقة وواقعية منها: لماذا يفرّق في الحديث عن الحقوق بين جنسية وأخرى؟ فيحق لنا الحصول على حقوقنا في هذا النوع من المهن بينما نظام الكفالة قابع يقضي على العمال الأجانب الواحد بعد الآخر؟ وكيف تقع مشكلة تحويل أموالنا إلى الخارج على كاهل هذه الفئة المهمشة من العمال الأجانب، وكيف سنحلّ مشكلة الأجانب الذين يواجهون اليوم خطورة دفع معاشاتهم بالليرة عبر ترحيلهم وإستبدالهم بعمال لبنانيين؟
والسؤال الأكبر الذي نطرحه على زوجة رئيس الحكومة ونائبة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة: هل فعلاً أن دور العمل المنزلي منوط بالمرأة فقط؟ ولماذا نحصر هذا الدور بالمرأة فقط ونعيد للأذهان صوراً نمطية كنا بدأنا بالتخلي عنها أو هكذا خيّل لنا؟ وهل سنحلّ مشكلة البطالة التي تقرع أبوابنا عبر ترحيل العمال الأجانب؟ هل هو الحلّ فعلاً؟
أعتقد كما غيري أن الحلّ الواقعي يبدأ عبر خطة استراتيجية شاملة تكون أولويتها إيجاد حلول فعلية للبطالة ودورة الاقتصاد المتهالكة في اليأس وفِي عمى التخطيط المستدام والمنتج منذ عقود. عندها قد ينخفض سعر الصرف فعلاً وتأخذ النساء حقوقهن، ويذهب نظام الكفالة الى غير رجعة حين يجلس مسؤول يرى بعين العدالة على الكرسي. من يعلم؟!
تعليقات: