الأستاذ أحمد حسان
لعلها ليست صدفة أن يكتب الصديق العزيز أسعد رشيدي عن آفات تجتاح الساحات الخيامية، والإشارة إلى ممارسات غريبة عن طباع أهل الخيام وعاداتهم وتقاليدهم، ودعوته الصادقة للمعنيين للاهتمام بهذه الظاهرة التي وان استمرت سوف تزيد من عمق الأزمة التي تعاني منها الخيام، وتزيد من غربة أبنائها عنها.
وليس صدفة أيضاً الإشارة في مقالة سابقة لي إلى العادات التي ترافق إقامة المآتم في الخيام وما يرافقها من مصاريف باهظة تترتب على أصحاب العزاء، والذين هم بغنى عنها في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي نعاني منها جميعاً.
في الحالتين أرجو أن يكون هناك من يقرأ ومن يسمع ومن يعمل بصدق للتصدي لهذه المشكلات وغيرها. والأمر لم ولن يتوقف على هاتين الإشارتين بل يتعداهما إلى ما هو أعمق وأشمل بحيث يطال دور الخيام الوطني والحضاري وموقعها الريادي ضمن محيطها والتي كانت تتميز به منذ ما قبل الاستقلال وحتى الأمس القريب.
فالخيام مؤول الأحزاب والتيارات والحركات السياسية والاجتماعية، ورجالها هم أول من تطوع في الجيش الوطني وحملوا السلاح دفاعاً عن شرف الوطن والذود عنه، وهم أول من علم الحرف في كافة القرى والدساكر والمدن اللبنانية، بحيث قلما تجد مدرسة في جنوب لبنان إلا وفيها أستاذ أو أكثر من الخيام، وكذلك الأمر في الإدارات والمؤسسات العامة للدولة اللبنانية، ناهيك عن جيش من الأطباء والمهندسين والشعراء والصحافيين والمجازين وأصحاب الشهادات العليا ( من أبنائها وبناتها طبعاً) الذين يعملون في الوطن أو المهجر، ولكننا بالرغم من كل تلك الطاقات الخيرة نفتقد للخيام المنبر والموقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي، والمنبر الثقافي الحر، والأجواء الديمقراطية المتسامحة التي كانت تسود بين أبنائه، لتصبح الخيام بالرغم من بعض النشاطات القيّمة التي تقام فيها أشبه بصحراء ثقافية تفتقر إلى الحيوية التي كانت تتمتع بها، والحق في ذلك لا يقع على جهة أو فئة أو جماعة بعينها، بل إن المسؤولية تقع على كافة أبنائها وفي كافة مواقعهم الفكرية والسياسية والاجتماعية، ولا يستطيع احد منا أن يتذرع في أي سبب او عائق، فالمسألة أكبر من أية مبررات، لأنها تتعلق بوجودنا وبتاريخنا ومستقبلنا كرواد ثقافة وعلم وعمل، وبدور الخيام الرائد على مستوى الوطن وعلى مستوى المنطقة المتميزة التي نعيش فيها.
إنها دعوة صادقة لأبناء الخيام الذين نسمع ونقرأ لهم وعنهم للمشاركة في إعادة إحياء الخيام، أقله في الأفكار والاقتراحات والنقاشات، فوسائل التواصل أكثر من ان تحصى، ولعل أهمها هذا الموقع المتميز الذي نطل عبره على بعضنا البعض بكل حرية وتجرد ودون أية عوائق وبفضل القيمين عليه وتجردهم إلا من المصلحة الخيامية العليا وضمن هذا الإطار لا يسعنا إلا توجيه التحية للخياميين الذين ما زالوا يعملون بصمت وصدق لإبقاء الخيام على صورتها الجليلة والمقاومة والصامدة في وجه تجهيلها وتعليبها وتدجينها، فالخيام لم تكن يوماً إلا منبراً وساحةً ودور، وآثار أبنائها تسجل يومياً في السجل النظيف والذهبي للوطن، ولكم أن تستعرضوا أسماء بعض أبنائها وفي كافة الميادين لتعلموا ما أقصد.
تعليقات: