أُطلقت يد الأجهزة الأمنية للإطباق على الناشطين والمعترضين في الشوارع. ربما بحجة توقيف عدد لا يتخطى أصابع اليد الواحدة من المشتبه في انتمائهم إلى «منتديات» تنتظر الأجهزة تفريغ داتا الاتصالات لمعرفة «ارتباطاتهم»... لكن يبدو أن القبضة الأمنيّة آخذة بالتشدّد لـ«تأديب المعترضين». وما الملفات التي تعاود القوى الأمنية «نبشها» أخيراً إلا دليل على الاستدعاءات التي تنتظر الناشطين.
أما الاستدعاءات والتوقيفات المتعلّقة بالتحرّكات أمام المصارف، منذ 17 تشرين الأول الماضي إلى اليوم، فلم يتغيّر «زخمها». إذ لا يزال المعتقل سلطان يعقوب يواجه ادعاءين من مصرف لبنان وأربعة مصارف خاصة. وفي سياق آخر، جرى أمس التحقيق مع 7 ناشطين في الزهراني، تعرّض اثنان منهم للضرب، بتهمة «قطع طريق عدلون» وبتهمة أخرى عبّر عنها المحقّقون هي الانتماء إلى الحزب الشيوعي اللبناني!
في الوقائع، وبالتسلسل الزمني، جرى استدعاء سلطان يعقوب يوم السبت، من قبل فرع مخابرات الجيش في النبطية، ثم جرى تحويله إلى فرع مخابرات صيدا. وذلك على إثر فيديو يظهر تعرّضه وآخرين، ليل الخميس الماضي، لواجهة أحد المصارف في النبطية. لكن يبدو أن المصارف المتضرّرة الأخرى، إضافة إلى مصرف لبنان قرّرت اتخاذ صفة الادعاء الشخصي. يوم الاثنين، تمّت إحالة يعقوب إلى الشرطة العسكرية في صيدا، التي خابرت بدورها النيابة العامة العسكرية. معاونة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية مايا كنعان أشارت إلى وجود محضر عدلي باسمه وادعاء في النبطيّة، وأعطت إشارتها بمخابرة المفرزة القضائيّة في النبطية أي «تحرّي النبطية». ولدى مخابرة التحرّي الاثنين، «ماطل» الأخير طالباً برقيّة خطيّة رسمية. البرقية وصلت أمس إلى تحرّي النبطية الذي أشار إلى أنه سيزور اليوم مركز الشرطة العسكرية، حيث لا يزال يعقوب محتجزاً، لأخذ إفادته وآخرين شملهم الملف.
رفض «اللبناني الفرنسي» الادعاء، رغم أن الفيديو المنتشر ليعقوب أظهر تكسير واجهته
بالمحصّلة، فإن ثلاثة محاضر شملت اسم يعقوب، المحضر المفتوح لدى الشرطة العسكرية شمل آخرين، ومحضران لدى النيابة العامة الاستئنافية في النبطية، أحدهما بادعاء شخصي من مصرف لبنان، والثاني بادعاء شخصي من أربعة مصارف هي: بنك عوده، سوسيتيه جنرال، بيبلوس وفرنسبنك. مصرف لبنان والمصارف الأربعة ادّعت بداية ضدّ مجهول، ثم ضد الموقوف يعقوب وآخرين. فيما رفض البنك اللبناني الفرنسي اتخاذ صفة الادعاء الشخصي، بالرغم من أن الفيديو المنتشر ليعقوب وآخرين أظهر تكسير واجهته. لكنّ ما حصل ليل الخميس، يبدو أنه طاول فروع مصارف أخرى في النبطية، وهي التي اتخذت الادعاء الشخصي، بانتظار تفريغ كاميرات المراقبة.
قضيّة يعقوب تحوّلت إلى قضية رأي عام كون ظروفه المعيشيّة ورعايته لوالدته المريضة دفعته إلى إفراغ غضبه في زجاج المصرف نيابةً عن غضب اللبنانيين الذين خسروا ودائعهم. وفي الشقّ القانوني، فإن عدم اختصاص مخابرات الجيش في استدعاء المدنيين، كونها ليست ضابطة عدليّة، يطرح السؤال حيال استدعائها يعقوب السبت، ولماذا جرى تحويله إلى فرعها في صيدا؟ وما هو الجرم الذي يستدعي إِشارة من النيابة العامة العسكرية؟ ولماذا يستمرّ التوقيف، علماً بأنه لم تصدر إلى حينه إشارة من المحامي العام الاستئنافي في النبطية رمزي فرحات بالتوقيف!
إلى ذلك، قام مكتب «مخابرات الجيش» (الذي لا اختصاص له في التحقيق مع مدنيين) في الزهراني، باستدعاء 6 ناشطين أمس، للحضور فوراً إلى مكتبه، على خلفيّة «قطع طريق عدلون». أضيف إليهم مُستدعى سابع لمجرّد نشره عبر مواقع التواصل مسألة استدعاء رفاقه، علماً بأن الاستدعاء حصل من دون إِشارة قضائيّة ولا محضر تحقيق، بقي الناشطون الـ 7 لمدة ساعتين في التحقيق قبل إطلاق سراحهم. غير أن المستنكر هو تعرّض اثنين منهم للضرب خلال التحقيق، فيما سأل أحد المحققين الموقوفين، في إطار من «الشتائم والتدفيش»، عن انتمائهم إلى الحزب الشيوعي اللبناني! تهمة قديمة يبدو أن ثمة من قرر نبشها من أرشيف «الشعبة الثانية».
تعليقات: