توفر الأموال لدى الهيئة العليا للإغاثة للتعويض على الأثرياء الجشعين، ولا تأبه في توفيرها لإطعام الفقراء الجياع الشرفاء!
لا تعنيني الخطابات، ولا اللقاآت، ولا المصالحات، ولا تشكيل اللجان، ولا التشكيلات القضائية، ولا ضرورة حصول انتخابات نيابية مبكرة، ولا من هم معارضة او موالاة، ولا تشريع زراعة حشيشة الكيف، ولا القرارات الأمنية، ولا تحرير فلسطين، ولا قانون قيصر.
تعنيني فقط لقمة العيش الموجودة في أماكن البيع ولا يمكنني الحصول عليها.
أصبحت زياراتي إلى محلات السوبرماركت، شبيهة بزيارة المتحف الوطني، حيث رسم الدخول هو بدل ركن السيارة، ثم التجوال بداخل هذه الأماكن، أقرأ فيها الأسعار الخيالية للسلع الغذائية، مستوضحا عن سعر سندويش شاورما الدجاج "اللقمة"، الذي تضاعف وأصبح ستة آلاف ليرة لبنانية، وعن سندويش البطاطا "حاف" الصغير، الذي تضاعف وأصبح أربعة آلاف ليرة. علما أن كيلو لحم الدجاج لا يتعدى الستة آلاف، وكيلو البطاطا هو أقل من نصف سعر السندويش. أخرج من المكان، وامعائي تستغيث الشاورما والبطاطا.
الحمد لله أنني لا زلت عازبا، رغم العقود الطويلة التي عانيت فيها صراع البقاء ولا أزال، في هذا البلد الهلامي، لبنان.
هل كنت سأعود إلى البيت، فيما لو كنت عائلا لأولاد قاصرين، وأكتفي بسد جوعي بما تيسر من مأكل في المنزل؟
كلا ما كنت لأعود إلى المنزل خاوي اليدين، أمام عيون أطفال جوعى، ينتظرون لقمة العيش من والد معيل،
كلا لم يكن هذا ليحصل، ولن املأ كيسا من الأغذية وأسرقه، وأطعم اولادي مالا حراما، بل سوف أضرم النار في الزيت، أو اوراق المحارم، أو المشروبات الروحية، المتوفرة بكثرة في المكان، حتى يحترق كامل المبنى، مهما كانت مفاعيل هذا العمل العدائي والعدمي السلبي على شخصي ووجودي.
سوف أرتكب هذه العمل رغم معرفتي المطلقة أنه سوف تحضر لاحقا الهيئة العليا للإغاثة لتخمين الأضرار والتعويض على صاحب السوبر ماركت، كما تفعل هذه الهيئة حاليا مع متضرري وسط بيروت الأثرياء.
يأسف المرء ويتساءل عن كيفية توفر هذه الأموال لدى الهيئة المذكورة للتعويض على الأثرياء الجشعين، ولا تأبه في توفيرها لإطعام الفقراء الجياع الشرفاء!
نعم سيكون خياري إحراق المكان، وتسليم نفسي إلى الجهات الأمنية، والإعتراف أمامها بما فعلته، وتحميلها مسؤولية توفير الغذاء الشريف لأطفالي حتى يبقون على قيد الحياة!
لا يعنيني سعر صرف الدولار ولا ندرته، بل يهمني أن تقوم وزارة الإقتصاد، بالتعاون مع القوى الأمنية، بضرب يد من حديد للمستغلين الجشعين، والحد من إرتفاع أسعار السلع الغذائية الضرورية لحياة البشر.
لا يهمني ما تفعله القوى الأمنية من مراقبة عقابية على الكمامة، وأرقام لوحات السيارات، ومنع سير الدراجات النارية في بعض مناطق بيروت ليلا، وتسطير مخالفات بقيمة خمسين ألف ليرة، بل يهمني قيام هذه القوى الامنية بدور اجتماعي واقتصادي وإنساني له فوائد على استقرار حياة كل الناس.
لا يهمني كلام كل السياسيين الذين نهبوا المال العام ولا وعودهم الكاذبة!
لا يهمني ولا أراهن على الدمى التي سوف تصل إلى المبنى في جوار ساحة النجمة بعد الإنتخابات النيابية!
لا تهمني متابعة اخبار طغمة الفاسدين في هذه السلطة الفاسدة!
تهمني فقط، حياة الناس البسطاء النبلاء وكفاية عائلاتهم، وسلامة أماكن سكنهم المتواضعة، وصدق كلامهم ووفائهم.
لا يمكن أن تهزم لقاءات، واجتماعات، وحوارات، شياطين الطغمة الفاسدة انطلاق شرارة غضب الناس، التي حان موعد تمدد نيرانها إلى كل معاقل فسادهم وإفسادهم!
لقد بلغ سيل الجوع والمجاعة الزبى، وسوف نشاهد في وقت قريب جدا، انهيار سدود التجويع والترويع.
لن يسرق الفقراء والجوعى قوت اولادهم حتى يشبعون، كما ينهب الطغاة المال العام حتى يثرون، بل سوف يقلبون الطاولة على لصوص الهيكل، ويهدمونه على رؤوسهم .
لن يمهلون، ولن يهملون!
* سعد نسيب عطاالله
لا يهمني كلام كل السياسيين الذين نهبوا المال العام ولا وعودهم الكاذبة!
تعليقات: