ماذا حصل في الأوزاعي وبربور؟

بين ركام منزلهما (مروان طحطح)
بين ركام منزلهما (مروان طحطح)


عاش المواطنون في بيروت والضواحي خلال اليومين الماضيين على وقع أخبار تتحدّث عن اشتباكات متنقلة، أوقعت جرحى وأحرقت خلالها منازل عدد من المواطنين. فهل تتمكن القوى الأمنية من السيطرة عليها؟

«تهجّرنا من الكرنتينا في عام 1976، ولسنا على استعداد لأن نعيد الكرّة اليوم» قالت أمينة الطايع، صاحبة منزل أحرق ليل الأحد ــــ الاثنين في المنطقة الواصلة بين الجناح والأوزاعي.

منزل آمنة كان أحد ضحايا الاشتباكات التي شهدها عدد من شوارع بيروت، ليل أول من أمس، وتضمن إطلاقاً كثيفاً للنار وعدداً من قنابل المولوتوف، فضلاً عن عدد من الجرحى، يضاف اليهم إحراق منزلين. الخلافات بدأت في المنطقة الواقعة بين الأوزاعي والجناح بعد ظهر أول من أمس، واشتدت قبل منتصف الليل، لتنتقل إلى منطقة بربور ــــ كورنيش المزرعة، وتحلّ ظهر أمس في الطريق الجديدة. روايات عديدة تناقلتها ألسن أشخاص شاركوا في هذه الإشكالات أو شهدوها عن قرب، ومعظم رواياتهم أجمعت على أن للإشكال خلفيات قديمة تعود إلى ما يقارب السنة، حين وقع خلاف على تعليق صور وأعلام لزعماء سياسيين.

ورغم الإجماع على اعتبار أن ما جرى لم يكن وليد اللحظة، فإن تضارباً حصل بشأن حقيقة سرد ما حدث. تتحدّث الرواية الأولى، حسب شاهد عيان، عن أن هناك شاباً مناصراً لتيار المستقبل، يدعى خالد ع.، طعن الشاب حسين ب. في ملعب لكرة القدم، الأمر الذي أدى الى تدخّل عدد من أصدقاء المطعون، ومن بينهم خ. س. وح. س. وع. س وع. ح وقاموا بضرب الشاب الذي طعن صديقهم. بعدها جاءت مجموعة دعم من أنصار المستقبل وبدأت بإطلاق النار، الأمر الذي استدعى ردّاً بالمثل من الطرف الآخر المحسوب على حزب الله وحركة أمل. ويضيف الشاهد العيان، في هذا الوقت صادف مرور زوجة أحد الشبان الذين شاركوا في ضرب خالد ع.، فقامت المجموعة المناصرة للمستقبل بالاعتداء عليها رغم أنها حامل. الاعتداء على السيدة الحامل دفع مجموعة أشخاص مؤلفة من نحو 15 شاباً مقنّعاً، أكّد عدد من الشهود العيان أنهم من مناصري حزب الله، للدخول إلى الحي حيث يسكن بعض مناصري تيار المستقبل وهم يطلقون النار في الهواء، وقاموا بعد ذلك بإحراق منزل والعبث بآخر تقطن فيهما عائلتا أحمد د. وخالد ع. اللذين يتهمهما بعض أبناء الحي بالمشاركة في الاعتداء على السيدة الحامل.

أما الرواية الثانية فترجع سبب الإشكال إلى 15 يوماً خلت، حيث حصل الشاب أحمد د. (موالٍ للمستقبل) على رقم هاتف فتاة من عائلة يناصر أفرادها حزب الله وحركة أمل، ثم اتصل بها. وعندما علم أشقاؤها بالأمر، ذهبوا إلى منزله واعتدوا عليه بالضرب. ومنذ ذلك الحين، توترت العلاقة بين أبناء الحي الواحد، إلى أن انفجرت مساء أول من أمس بعد شجار على لعبة كرة قدم بين كل من خالد ع. وحسين ب.، حيث طعن الأول الثاني بسكين كان في حوزته، ثم اشتبك بعدها مع عدد من الشبان من عائلة الفتاة كانوا موجودين في الملعب، وذلك على خلفية طعن صديقهم.

أمينة الطايع التي أحرق منزلها، وهي والدة أحد المشاركين في الخلاف، اتهمت أحد المسؤولين المحليين في حزب الله بالوقوف وراء تحريض شبان الحي على عائلتها «من أجل تهجيرنا من الحي على خلفيات مذهبية». وأضافت الطايع لـ«الأخبار» أن «عدداً من النسوة تعرّضن للاعتداء وقد أحرق المنزل على مرأى من عناصر الجيش اللبناني». ووجهت الطايع والنسوة اللواتي كنّ معها نداء استغاثة إلى الدولة بضرورة حمايتهم و«إلا سنحمي أنفسنا بأيدينا في مواجهة جنود دولة حزب الله».

وفي منطقة بربور، ذكرت مصادر أمنية أن خلافاً وقع في الليلة ذاتها بين مناصرين لتيار المستقبل وآخرين من مناصري حركة أمل، تعرّض خلاله أحد مناصري «أمل»، محمد حمدان، للطعن بسكين. بعدها، قام مناصرون لحركة أمل باحتجاز من يتهمونه بطعن رفيقهم، قبل أن يتدخل مسؤولون محليون من حركة أمل ليحرروه ويسلموه إلى مخابرات الجيش، التي تولت نقله إلى المستشفى العسكري بسبب تعرضه للضرب على يد مناصري حركة أمل المذكورين.

وبحسب شهود من منطقة بربور ــــ المزرعة، فإن الخلاف في منطقتهم جاء نتيجة «محاولة مناصرين لتيار المستقبل القيام بردة فعل على ما جرى في الأوزاعي، وخاصة إحراق منزل مؤيدين للتيار المذكور». شهود آخرون ذكروا لـ«الأخبار» أن مناصرين لحركة أمل بدأوا بإطلاق النار بعد الخلاف على منازل سكان المنطقة بشكل عشوائي، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بجروح بينهم رئيس شؤون الموظفين في مستشفى المقاصد نبيه زيدان.

وبعدما خضعت الأمور لسيطرة قوى الجيش، عادت الأجواء لتتوتر ظهر أمس، عندما قامت مجموعة من الشبان في حي التمليص، من مناصري المستقبل، بتوقيف المواطن أحمد كريك وزوجته وطفله أثناء مروره في المنطقة، وحصل خلاف نجم عنه تعرض كريك للضرب والطعن، نقل على إثرهما إلى مستشفى الزهراء.

وقد أصدرت حركة أمل بياناً نفت فيه صلتها بالإشكالات التي حصلت، كما نفى حزب الله بدوره أي علاقة له في هذه الحوادث.

في المقابل، جرى على المستوى الرسمي عقد اجتماع لمجلس الأمن المركزي، عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر أمس، برئاسة وزير الداخلية حسن السبع، لعرض المستجدات الأمنية وإجراءات مواكبة إضراب 7 أيار الذي دعا إليه الاتحاد العمالي العام من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. وفي هذا الإطار رفعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي جهوزيتها إلى 90% ابتداءً من بعد ظهر اليوم.

تعليقات: