فضائح الأرقام في دهاليز هيئة الإغاثة 42 مليون ليرة لحملة اعلانيّة كلّفت 4 ملايين


عرض مجلس الوزراء، أمس، تقريراً رفعته الهيئة العليا للإغاثة يتعلق بأعمالها حتى شباط الماضي، واللافت فيه الأرقام التي وردت في التقرير على أنها سلف قدّمت إلى لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، إذ تبيّن لـ«الأخبار» أن اللجنة أنفقت 75 مليون ليرة فقط، بينما أفادت الهيئة في تقريرها أنها صرفت على اللجنة 123 مليون ليرة... فأين الأموال الضائعة؟

أعدّت الهيئة العليا للإغاثة تقارير عن المبالغ المحوّلة إليها، وتلك المدفوعة منذ مطلع عام 2005 حتى نهاية شباط 2008، ورفعت هذه التقارير إلى مجلس الوزراء لمناقشتها في جلسته أمس، وتشمل هذه التقارير المبالغ المترتبة على الهيئة من التزامات نتيجة الأعمال والمهمات التي كلّفت بتأديتها حتى الآن، بما فيها المهمات المتصلة بالعدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006 وأحداث مخيم نهر البارد، إضافة إلى تعويضات الانفجارات والاغتيالات المختلفة... واللافت في هذا الإطار أن الحكومة لم تحوّل إلى الهيئة سوى ملياري ليرة من أصل 10 مليارات في ما يتعلق بإنجاز الإجراءات الميدانية في المخيم، كما أن السعودية لم تحوّل أي مبلغ من هبة بقيمة 12 مليون دولار تعهّدت بدفعها إلى الهيئة لتقديم مساعدات مادية إلى أهالي المخيم والمناطق المجاورة والصيادين...

أما نفقات الهيئة فهي تشمل العديد من البنود غير الواقعية، ولم تدقّق «الأخبار» في كلّ المعطيات الواردة في التقرير، لذلك ستتناول فقط فضيحة السلف الممنوحة إلى لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في إطار حملة الإغاثة التي قامت بها لمصلحة النازحين من المخيم على مدار 5 أشهر، إذ أكدت مصادر مسؤولة جداً في اللجنة أن الهيئة العليا وضعت في تصرف اللجنة سلفة واحدة في إطار عملها في المخيم هي بقيمة 75 مليون ليرة، فيما تشير الهيئة العليا للإغاثة في تقريرها إلى أنها أعطت اللجنة سلفتين بقيمة 123 مليون ليرة: الأولى بقيمة 81 مليون ليرة، والثانية لتغطية الحملة الإعلانية التي قامت بها اللجنة بقيمة 42 مليون ليرة. إلا أن مصادر اللجنة أكدت بالأرقام والوثائق أن الحملة الإعلانية هذه لم تكلّف اللجنة سوى 3 ملايين و750 ألف ليرة، وأن هذه الكلفة دفعت من ضمن السلفة الوحيدة التي حصلت عليها اللجنة بقيمة 75 مليون ليرة!

■ تضارب الأرقام في التقارير!

ولا تتوقف القضية عند حدّ اختفاء 48 مليون ليرة (123 مليون ليرة ناقص 75 مليون ليرة) في دهاليز الهيئة العليا للإغاثة، إذ إن الهيئة أشارت في تقرير سابق أعدّته إلى أنها أعطت لجنة الحوار حتى تشرين الأول 2007 سلفتين بقيمة 113 مليون ليرة، ومع أن حملة «شركاء في المسؤولية» انتهت في تشرين الأول الماضي، إلا أن الهيئة العليا للإغاثة أعلنت في تقريرها الجديد عن أعمالها حتى شباط 2008 أنها قدمت للجنة 123 مليون ليرة، أي بزيادة 10 ملايين ليرة عن التقرير الماضي، وبذلك يشير تضارب الأرقام بين التقريرين إلى أن الهيئة صرفت على حملة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني 10 ملايين ليرة من تشرين الأول حتى شباط الماضي، مع أن هذه الحملة انتهت في تشرين الأول، فما سر الهيئة هنا؟

تقول المصادر «المسؤولة جداً» في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، أن اللجنة قامت بحملة إغاثة للنازحين من مخيم نهر البارد على مدى 5 أشهر، من أيار حتى تشرين الأول 2007، وقد قامت بإغاثة نحو 2200 فلسطيني، وأمّنت لهم الطعام والمياه، وكل المستلزمات التي تؤمن لهم الاستمرارية، وفي إطار هذه الحملة وضمن السلفة الممنوحة لها بقيمة 75 مليون ليرة، قامت اللجنة بحملة إعلانية بقيمة 3 ملايين و750 ألف ليرة فقط لا غير، لا 42 مليون ليرة. وتؤكد هذه المصادر أن السلفة المالية بقيمة 75 مليون ليرة قد وضعت بتصرف لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ولكن الهيئة هي التي قامت بصرفها وفق طلبات كانت تقدّمها اللجنة عن حاجاتها في الحملة. وتؤكد المصادر كذلك أن الهيئة لم تدفع كامل نفقات اللجنة، إذ بقي مبلغ يضاهي نحو 36 مليون ليرة دفعها القيّمون على اللجنة من جيبهم الخاص، وأنه من المفترض أن تدفعها الهيئة خلال هذا الأسبوع!

■ ثياب بـ12 مليون ليرة!!

لا تتوقف القضية هنا كذلك، إذ إنه في عزّ أحداث نهر البارد، وفي عزّ الأزمة الاجتماعية والمعيشية التي كان يعانيها أهالي المخيم النازحون، صرفت الهيئة العليا للإغاثة كثمن لـ«تي شيرت» والقبّعات، مطبوع عليها عبارة «شركاء في المسؤولية» 12،414 مليون ليرة!

وتشير مصادر لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني إلى أنه كان يعمل في حملة الإغاثة التابعة للجنة نحو 62 متطوعاً ونحو 10 منسّقين، وأن ما ذكرته الهيئة العليا عن سلفة قدمت للجنة الحوار كـ«ثمن ملابس شركاء في المسؤولية» غير صحيح، إذ إن الهيئة هي التي قامت بتأمين هذه الملابس، ولم تطّلع اللجنة على الكلفة، ولم تقترح كذلك عدد الملابس التي تحتاجها، وتشير إلى أن الـ12 مليون ليرة دفعت من ميزانية الهيئة العليا، وتلفت هذه المصادر إلى أن عدد الـ«تي شيرت» والقبّعات كان أكثر من المطلوب...

وأيضاً لا تتوقف القضية هنا، إذ إن الهيئة العليا في تقريرها السابق عن أعمالها حتى تشرين الأول 2007، ذكرت أنها دفعت كسلفة للجنة الحوار ثمن ملابس شركاء في المسؤولية 11 مليوناً و960 ألف ليرة، فكيف ارتفع الرقم بعد انتهاء الحملة إلى 12،414 مليون ليرة؟

وقد قدّرت الهيئة المبالغ المدفوعة والمترتّبة على الهيئة بالنسبة لاشتباكات المخيم، المدفوع منها وغير المدفوع، حتى شباط 2008 بـ9 مليارات و169 مليون ليرة، تنقسم إلى مليارين و232 مليون ليرة كتعويض عن الأضرار المباشرة التي حصلت نتيجة الاشتباكات في القرى المحاذية للمخيم، و6 مليااتر و936 مليون ليرة كنفقات مدفوعة وغير مدفوعة من الخزينة اللبنانية، علماً بأن هذه النفقات كانت حتى تشرين الأول الماضي 5 مليارات و976 مليون ليرة، أي بزيادة 960 مليون ليرة خلال 4 أشهر، أي ما يوازي 640 ألف دولار.

وفي تفاصيل النفقات، تعويض ذوي الشهداء بقيمة 3 مليارات و360 مليون ليرة، وتعويض جرحى الجيش بقيمة 750 مليون ليرة، والشهداء المدنيين 160 مليون ليرة، متضررو أحداث طرابلس في أبي سمرا 286 مليون ليرة، متضررو أحداث طرابلس في الزاهرية 69 مليون ليرة، متضررو أحداث طرابلس شارع المئتين 429،5 مليون ليرة، نفقات تغذية 713 مليون ليرة، معدات إيواء 178 مليون ليرة، مواد للأطفال 128 مليون ليرة، سلف بتصرف لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بقيمة 81 مليون ليرة، نفقات إنجاز وتنفيذ إعلانات لزوم لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني 42 مليون ليرة، ثمن ملابس شركاء في المسؤولية 12 مليوناً و414 ألف ليرة، أجرة نقل وتوضيب 26 مليون ليرة، بدل أتعاب العاملين في معرض رشيد كرامي والمرفأ والعاملين المكلّفين الإشراف على مراكز النازحين 34 مليون ليرة، ثمن محروقات 33 مليون ليرة، خدمات أرضية لطائرات عسكرية تنقل مساعدات 23 مليون ليرة، إعادة تأهيل المدارس في البداوي التي استعملت كمراكز للنازحين 302 مليون ليرة، ثمن مبيدات للحشرات 300 مليون ليرة، ثمن تجهيزات 5 ملايين ليرة، نفقات نقل جثامين واستئجار برّادات 73 مليون ليرة، مصاريف متنوعة 21 مليون ليرة.

مجرد إشارة

الهبة السعودية غير الموجودة!

دفعت الهيئة العليا للإغاثة على حساب المنحة المقدمة من المملكة العربية السعودية، التي لم تحوّل إلى حسابات الهيئة، بحسب تقرير هذه الأخيرة 18 ملياراً و51 مليون ليرة، من قيمة المنحة البالغة 18 ملياراً و90 مليون ليرة، أي أنه بقي مبلغ 39 مليون ليرة، تقول الهيئة في تقريرها إنه سيصرف لأغراض الإغاثة في مخيمي البارد والبداوي والمناطق والقرى المحاذية، وفي تفاصيل الصرف من حساب المنحة، تشير الهيئة إلى أنه تم صرف شيكات بقيمة 2 مليون ليرة لكل عائلة مقيمة في مخيمي البداوي والبارد، إضافة إلى شيكات لأهالي البلدات المحيطة بالبارد.

بحيث تم صرف 9 مليارات و750 مليون ليرة لـ4875 مستفيداً في مخيم البارد، و5 مليارات و644 مليون ليرة لـ2822 مستفيداً في البداوي، و250 مليون ليرة لـ125 مستفيداً في بلدة المحمّرة، و126 مليون ليرة لـ63 مستفيداً في بلدة بحنين، و402 مليون ليرة لـ201 مستفيد في بلدة المنية. إضافة إلى مليار و879 مليون ليرة لـ5417 صياداً في الشمال.

تعليقات: