بارزاني: لا نعادي إسرائيل ونتعامل معها كأي دولة

\
\"رئيس وزراء إقليم كردستان\" نيجيرفان بارزاني


خلال عامين فقط من توليه رئاسة حكومة اقليم كردستان العراق، حقق السياسي الشاب نيجيرفان ادريس بارزاني، 42 عاما، حفيد الزعيم الكردي الراحل مصطفى بارزاني، الكثير من الانجازات السياسية والاقتصادية في الاقليم، لعل أبرزها وأهمها هو تشكيل الحكومة الموحدة التي ظلت حلما بعيد المنال بالنسبة للقوى السياسية الكردية على مدى ثمان سنوات متتالية أعقبت انقسام الحكومة الكردية الاولى المنتخبة عام 1992 الى ادارتين جراء الاقتتال الداخلي الذي اندلع في الاقليم عام 1994، علاوة على تركه بصمات واضحة في مجال اعادة اعمار الاقليم وتدعيم ركائز الاقتصاد وتعزيز الامن والاستقرار وتوسيع نطاق الحريات وانجاز المشاريع الاستراتيجية العملاقة التي كانت كردستان بأمس الحاجة اليها لاسيما في الحقل الثقافي والعلمي بموازاة العمل المستمر لتحويل الإقليم الى مركز اقتصادي هام في المنطقة وبؤرة لجذب الاستثمارات ورؤوس الاموال الخارجية وتكريس دور حكومته في حل القضايا السياسية الشائكة لاسيما مع دول الجوار.

وفي ضوء ما أنجزته حكومة هذا السياسي الشاب الذي يتسم بقدر كبير من الأناقة والوسامة خلال العامين الماضيين والتي تتجلى ملامحها في شوارع وساحات وميادين مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق، قررت قيادتا الحزبين الرئيسين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه بارزاني تكليفه بمواصلة رئاسة الحكومة عامين اضافيين.

في لقائنا معه في مكتبه بمدينة اربيل العاصمة، استهل حديثه بأسلوبه المهذب بالاشادة بصحيفة «الشرق الاوسط»، مؤكدا حرصه على تصفحها باستمرار، ثم بدأ حوارنا على النحو الآتي: ـ

* ما لذي اتفقتم عليه في مباحثاتكم مع الوفد التركي الذي زار بغداد مؤخرا، وما صحة الانباء التي تحدثت عن اتفاق امني سري بين حكومة الاقليم وتركيا، بخصوص حزب العمال الكردستاني؟

- منذ فترة طويلة نسعى نحن والجانب التركي لترتيب لقاء مشترك لبحث المسائل الهامة موضع الاهتمام المشترك، وقد مهدت الزيارة الاخيرة للرئيس جلال طالباني الى انقرة، لعقد اللقاء المنشود والذي تم في مقر إقامة الرئيس طالباني ولكن بحضور أعضاء وفدي حكومة الاقليم والجانب التركي فقط، وتناولت المباحثات العديد من المسائل بما فيها مشكلة حزب العمال الى جانب بحث السبل الكفيلة بتطوير وتعزيز العلاقات الثنائية، وكانت نتائج المباحثات ايجابية جدا وستكون بداية ممتازة لعلاقاتنا مع تركيا التي هي جارة مهمة بالنسبة لإقليم كردستان، اما بخصوص الانباء التي تتحدث عن ابرام اتفاقات سرية مع تركيا، فأجزم أنها عارية عن الصحة تماما، لأن نطاق مباحثاتنا لم يتجاوز حدود القضايا التي اشرت اليها آنفا.

* الاعتداءات التركية مستمرة على اقليم كردستان جوا وبرا، وهناك تحشدات تركية على ابواب الاقليم، ما موقفكم من كل ذلك بصراحة ؟ وكيف تقرأون صمت الحكومة العراقية حيال ما يجري؟

- كل ما يقوم به الجيش التركي حتى هذه اللحظة لم يتجاوز نطاق الحدود الدولية لتركيا التي من حقها قانونا ان تحرك قواتها داخل حدودها كما تشاء، وبرأيي ان اي اعتداء تركي او انتهاك لحرمة اراضي الاقليم هو اعتداء وانتهاك للسيادة العراقية، وهو أمر لا يخدم لا المصالح التركية ولا مصالح الاقليم، وشخصيا آمل ان تعي تركيا جيدا بأن الاجتياحات العسكرية لن تغير من الأمر في شيء، ذلك ان المشكلة القائمة بحاجة الى خطوات على الصعيد السياسي والاقتصادي بموازاة العمل العسكري الذي تلوح به أنقرة. اما بخصوص موقف السلطة العراقية فان المسألة ذات وجهين الاول يتمثل في المبدأ القاضي بعدم السماح لأي جماعة مسلحة باستخدام اراضي اقليم كردستان منطلقا لشن عمليات عسكرية ضد اي من دول الجوار، وهو المبدأ الذي ينبغي لنا جميعا الالتزام به وبالذات اقليم كردستان والعراق، إذ ليس من المعقول أبدا ان يستخدم حفنة من المسلحين اراضي الاقليم كقاعدة انطلاق لمهاجمة دول الجوار والاحتماء بالإقليم كملاذ آمن لهم من اي رد فعل معاكس، فذلك امر من شأنه زعزعة الوضع الامني لكلا الطرفين.

والوجه الآخر يتمثل في الغارات التركية المستمرة والتي برأينا سوف لن تغير من الوضع القائم مطلقا باستثناء زعزعة الوضع الامني في كردستان وحسب، وسقوط المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين، وفي اعتقادي فان قضية حزب العمال تستدعي من تركيا البحث بجدية عن الحلول السياسية الناجعة، وستقدم حكومة الاقليم في ذلك الميدان كل المساعدات الممكنة لتحقيق ذلك الهدف مع التزامها التام بمبدأ عدم السماح لأي جهة مسلحة باستخدام اراضي الاقليم قاعدة لعملياتها المسلحة ضد اي من دول الجوار.

* هل تتوقعون اجتياحا عسكريا تركيا لأراضي الإقليم على المدى القريب ؟

- لم نلمس لحد الآن أي بوادر لعمل عسكري تركي وشيك لأراضي الاقليم رغم التحشدات المكثفة على الحدود والتي لم تتجاوز نطاق الحدود الدولية لتركيا.

* يجري الحديث في بعض الاوساط السياسية والاعلامية عن مخططات تركية واقليمية لتقويض الكيان السياسي والاداري القائم في اقليم كردستان بذريعة مهاجمة حزب العمال الكردستاني، كيف تقرأون تلك الآراء ؟

ـ علينا أولا ان نقر بواقع وجود حزب العمال وقواعده في مناطق جبلية وعرة وحدودية في اقليم كردستان والتي ينطلق منها مسلحو الحزب لشن عملياتهم المسلحة ضد تركيا، وهو أمر مرفوض تماما، اما بخصوص المخططات تلك فان واقع الحال يؤكد أن قضيتنا نحن كرد العراق هي قضية قائمة في ضمن حدود الدولة العراقية التي يعتبر اقليم كردستان جزءا من أراضيها، وبدورنا نسعى لحلحلة المشاكل القائمة في اطار العراق وحده، ولا نرغب مطلقا في التدخل بشؤون تركيا او ايران او اي من دول الجوار الاخرى.

* حزب الحياة الحرة الكردستاني «بيجاك» المعارض لإيران ادعى ان الغارات الاخيرة للطيران التركي على مناطق قنديل استخدم فيها صواريخ يشتبه في احتوائها على غازات كيماوية سامة، ما هي معلوماتكم حول هذا الموضوع؟

- لا معلومات دقيقة لدي تؤكد تلك المزاعم، وأعتقد شخصيا ان استخدم ذلك النوع من الاسلحة المحظورة دوليا ليس بالامر الهين، كما ان تركيا التي تسعى للانضمام الى الاتحاد الاوروبي لن تلجأ الى استخدمها لانعدام موجباتها، كما أرى ان الامر لا يستدعي الاهتمام.

* اذن ما غاية «بيجاك» من تلك المزاعم ؟

- فقط الدعاية الاعلامية وتهويل الامور لأغراض معينة، ولا اتصور ان لديه دليلا دامغا يثبت ذلك.

* قبل أيام أصدر حزب «بيجاك» بيانا اتهمكم فيه شخصيا بالمتاجرة بقضية الشعب الكردي في بقية اجزاء كردستان، كيف تردون على ذلك ؟

- لا اعتقد ان تلك الاتهامات الباطلة تستحق الرد عليها، ولكن أود القول إن ذلك الحزب لا يعمل لصالح الكرد وقضيتهم مطلقا بل على العكس من ذلك تماما، والدليل على ذلك انه لم ينجز او يحقق اي شيء للكرد طوال السنوات الماضية، كما أن العمليات المسلحة التي يقوم بها عناصر الحزب هنا او هناك ضد القوات الايرانية تدفع السلطات الايرانية نحو انتهاج المزيد من الصرامة وممارسة المزيد من الضغوط على سكان المناطق الكردية في ايران، ونتيجة لذلك يواجه الكرد هناك مشاكل ومعاناة إضافية هم في غنى عنها وبالتالي لن تغير تلك العمليات من الواقع في شيء، بمعنى ان القضية الكردية في ايران لا يمكن حلها بقتل بضعة جنود ايرانيين هنا وهناك.

* ألا تعتقدون أن تركيا تمارس عليكم ضغوطا عسكرية لحملكم على التخلي عن تنفيذ المادة 140 من الدستور الخاصة بتطبيع الأوضاع في كركوك كلما حان موعده؟

- تنفيذ المادة المذكورة شأن عراقي بحت ولا يخص أيا من دول الجوار، وقد بحثنا هذه المسألة بصراحة ووضوح مع الوفد التركي في بغداد والذي أكد تأييد أنقرة الكامل للحلول والخيارات التي يتبناها الشعب العراقي، وبرأيي ان تركيا صارت تدرك جيدا أن هذه القضية شأن عراقي داخلي وان ارادة الشعب العراقي ينبغي ان تحترم ولا أتصور ان تعمد الى خلق مشاكل بالنسبة لنا حاضرا او مستقبلا باستغلال المادة 140 ذريعة لذلك.

* أكدتم مرارا في مناسبات سابقة أنكم لن توافقوا ثانية على تمديد السقف الزمني للمادة 140 من الدستور العراقي، وها قد انقضت الاشهر الستة المضافة من دون ان يتحقق شيء، فما هو موقفكم الآن ؟

- أحيانا يتمنى المرء أمورا قد لا تتحقق وأحيانا يحتم عليه واقع الحال التعامل مع الحقائق القائمة على ارض الواقع، فالدستور العراقي الذي صوت عليه 80% من العراقيين أقر المادة 140 كمادة دستورية واجبة التنفيذ وحتى هذه اللحظة لا تلمس حكومة الاقليم وجود أي قرار سياسي في بغداد يحول دون تنفيذها وهو امر يبعث على السرور والارتياح. ولو نظرنا الى قضية كركوك القائمة منذ اربعة عقود تقريبا نظرة عملية فسنرى أن واقع الحال يوحي بأنها لا تحل في غضون 6 أشهر او حتى عام، وبرأينا ان تحديد سقف زمني لهذه المادة كان باستمرار تعبيرا عن انعدام الثقة وللأسف الشديد بين بغداد والكرد، ولكن مع ذلك أود القول إن خطوات عملية جيدة انطلقت مؤخرا لتنفيذ هذه المادة الدستورية، وأتوقع ان يعود ممثل الامين العام للأمم المتحدة «استيفان ديمستورا» الى العراق بعد ايام قليلة حاملا جملة مقترحات مهمة لبحثها مع القيادة الكردية والعراقية بشكل عام بخصوص تنفيذ المادة 140، ونحن بانتظار تلك المقترحات، وعندها ستتخذ القيادة الكردية ورئاسة الاقليم والبرلمان والحكومة قرارها النهائي بهذا الشأن.

* كيف تقيمون علاقاتكم مع إيران حاليا ؟

- حكومة إقليم كردستان مصرة على اقامة افضل العلاقات الدبلوماسية مع جميع دول الجوار وايران دولة جارة ومهمة جدا بالنسبة لنا وتربطنا معها حدود برية مشتركة وطويلة، وللأسف تعكر أحيانا عمليات القصف المدفعي الايراني للمناطق الحدودية داخل الاقليم بسبب وجود عناصر «بيجاك» صفو العلاقات بين الطرفين، وهناك أكرر التأكيد مجددا على عدم السماح لأي جماعة مسلحة بمهاجمة دول الجوار انطلاقا من اراضي اقليم كردستان.

* وما علاقة إقدام ايران على تجفيف مياه نهري ألون وسيروان بقضية «بيجاك» أليس هذا بمثابة اعلان حرب المياه ضدكم ؟

- قضية تجفيف المياه تخص الحكومة المركزية في بغداد التي ينبغي لها ان تبحث الامر بجدية مع السلطات الايرانية، وفي رأيي تمثل قضية المياه إحدى أهم المشاكل في المنطقة برمتها الآن ومستقبلا، وكنت شخصيا قد ألقيت كلمة قبل عدة سنوات في جامعة واشنطن اوضحت فيها بصراحة ان قضية المياه ستتحول في المستقبل القريب الى مشكلة عويصة بالنسبة للكرد الذين طالما احترقوا بثرواتهم النفطية، وتمنيت ألا تتسبب مشكلة المياه في مزيد من الأسى بالنسبة للشعب الكردي.

* يقال ان شركات اسرائيلية دخلت اقليم كردستان، بأسماء مستعارة للعمل في مجال الاستثمار النفطي ما صحة تلك الانباء؟

- ليست عندي معلومات بهذا الخصوص، ولكن ما اود قوله هو ان حكومة اقليم كردستان لم ولن تعادي اسرائيل مطلقا، بل وتتعامل معها كأي دولة اخرى في العالم، اما بخصوص وجود شركات نفطية اسرائيلية في كردستان فانني أشير اولا الى ان السياسة الخارجية للعراق ترسم في بغداد لا في كردستان واذا ما تقرر هناك إقامة علاقات مع اسرائيل فاننا سوف لن نتردد في ذلك ابدا، ومن الطبيعي والعادي السماح لأي شركة اسرائيلية بالعمل في الاقليم اذا وافقت بغداد على ذلك، وأوكد ثانية أننا لا نعادي اسرائيل بل ونرغب في تطوير علاقاتنا مع جميع دول العالم بما فيها اسرائيل.

* أين وصلت مشاكلكم مع بغداد بشأن العقود النفطية وقوات البيشمركة بعد مباحثاتكم الاخيرة هناك ؟

- نعم كانت هناك مشاكل عالقة مع بغداد ولكنها ليست من النوع التي لا حلول لها، بمعنى انها تتعلق بالنظام الفيدرالي الذي هو حديث العهد بالنسبة للعراق والذي لم يتضح في اطاره بعد معالم السلطات والصلاحيات بين المركز وادارة الاقليم، وهي مشاكل تعاني منها الفيدراليات العريقة في اكثر الدول تحضرا حتى الآن، وبرأيي بروز تلك المشاكل بين الحين والآخر أمر طبيعي جدا لأن الامور والمستجدات التي تظهر في حياتنا العملية اليومية قد تلتبس وتتقاطع بشأنها الآراء ووجهات النظر بين السلطة المركزية وسلطة الاقليم، لكن الأهم في الأمر هو اننا متفقون مع بغداد على ضرورة حلحلة المشاكل دوما على أساس بنود الدستور الذي صوتت له غالبية العراقيين، عليه فان حكومة الاقليم واثقة تماما ومؤمنة جدا بأن جميع العقود التي أبرمتها مع الشركات الاجنبية في مجال النفط مطابقة كليا لبنود ومضامين الدستور، وتتماشى مع الصلاحيات الدستورية المخولة لها، وللتأكيد على صحة ذلك كنا قد طلبنا من جهة قانونية دولية تتخذ من لندن مقرا لها النظر في مسألة العقود النفطية وإبداء رأيها القانوني بشأن مشروعية وقانونية اجراءاتنا، وقد جاءت الاستشارة القانونية من تلك الجهة الدولية وبشكل رسمي مدونة عندنا، لتؤكد سلامة اجراءاتنا المطابقة للدستور والصلاحيات المخولة لحكومة الاقليم. كما وبحثنا مع بغداد مسألة قوات البيشمركة ولازال الحوار مستمرا بين الجانبين، وستنطلق جولة اخرى من المباحثات قريبا بشأن القضايا الاخرى التي نحن متفائلون في ايجاد الحلول الناجعة لها.

* هل شاركت قوات البيشمركة فعلا في معارك البصرة وجنوب العراق ضد ميليشيا جيش المهدي ؟

- اطلاقا، والأنباء التي تحدثت عن تلك المشاركة المزعومة لا أساس لها من الصحة أبدا، فمهام قوات البيشمركة هي حماية الاقليم وحسب كما لم تتلق حكومة الاقليم أي طلب بشأن ارسال قوات البيشمركة الى خارج مناطق الاقليم.

* في حال انتهت فترة ولايتكم لحكومة اقليم كردستان هل ستسلمون الادارة سلميا لمن يخلفكم ام ستلجأون الى الاتفاقات الحزبية مجددا؟

- بكل تأكيد سنعمل على تداول السلطة ديمقراطيا، فالاتفاق القائم بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني سيبقى ساري المفعول لحين موعد الانتخابات التشريعية القادمة وفي ضوء نتائج الانتخابات سيتولى الحزب الفائز مهام ادارة الحكومة كما هو متعارف عليه في العالم المتمدن، وبدورنا مستعدون لتسليم السلطة الى خلفنا بشكل سلمي وديمقراطي.

* ما هي خطط حكومة الاقليم لمعالجة مشاكل نقص الخدمات والبطالة التي يتذمر منها سكان الاقليم على نحو واسع بالرغم من العائدات المالية الهائلة للحكومة؟

- أولا العائدات ليست بتلك الضخامة التي تتحدثون عنها بحيث تمكننا من حل ومعالجة كل تلك المشاكل وتلبية كل تلك المطالب على نحو يسير، وفي الواقع هناك فعلا مشاكل عويصة يعاني منها الاقليم وتتمثل في معضلة الكهرباء والمياه والوقود وتلك مشكلة قائمة في كل العراق منذ سنوات ومن الصعب التغلب عليها في غضون عام او اثنين، لكن حكومة الاقليم وضعت تلك المشاكل المستعصية على صدارة أولوياتها، وهنا لا بد أن نشير الى ان التغلب على تلك المعضلات ليس هينا لأسباب عديدة؛ فعلي سبيل المثال لا الحصر محطة توليد الطاقة الكهربائية الحديثة في أربيل التي كان من المفترض ان تعمل قبل ثلاثة أشهر تأخر تشغيلها لسبب بسيط يتعلق بمخاوف الخبراء من القدوم الى كردستان بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة في مناطق وسط وجنوب العراق تارة، وأنباء التحشدات العسكرية التركية على الحدود مع اقليم كردستان احيانا اخرى والتي تخلق عندهم انطباعا بأن اقليم كردستان غير مستقر ايضا، اي ان الظروف والاوضاع التي نعمل في ظلها ليست مستتبة تماما، بحيث نتمكن من معالجة المشاكل بسهولة.

اما بخصوص البطالة، فلا اعتقد أن كردستان تعاني من البطالة بقدر ما تعاني وللأسف الشديد من ظاهرة كسل القوى العاملة، وإلا ما كان الاقليم ليضطر الى استيراد العمال الاجانب من بنغلادش والدول الاخرى لتشغيل القطاعات الخدمية، وهذا امر يدق ناقوس الخطر بالنسبة لنا ويحذرنا من تفشي تلك الظاهرة ويدعونا الى العمل الجاد لتبديد ثقافة الكسل من خلال تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والجامعات وغيرها من المؤسسات.

وبوجيز العبارة يمكن القول إن حجم الدمار الذي حل بكردستان في الماضي لا يتناسب ابدا مع الموازنة المالية المخصصة لها.

* بالرغم من مرور عامين على تشكيل حكومة موحدة في الاقليم، إلا ان وزارات المالية والداخلية والبيشمركة لازالت غير موحدة، ترى ما السبب في ذلك ؟

- اريد التأكيد بكل صراحة على ان العوائق التي تحول دون ذلك ليست سياسية مطلقا بل فنية بحتة وأجزم بأن عملية توحيد تلك الوزارات ستتم لاحقا ونحن في حوار مستمر للوصول الى التشكيلة الوزارية الجديدة من خلال مسارها الصحيح.

* ما هي خططكم لخلق فرص العمل للشباب وما الغاية من دعوة المستثمرين العراقيين المغتربين لزيارة الاقليم ؟؟

- أهم وأفضل طريقة لخلق فرص العمل للشباب هو تشجيع الاستثمار الخارجي، وفي ضوء ذلك تبنت حكومة الاقليم هذا العام سياسة اقتصادية تستند الى تشجيع المستثمرين العراقيين المقيمين في الخارج على العودة للوطن وتوظيف رؤوس اموالهم في مشاريع اقتصادية انطلاقا من كردستان كخطوة اولى والامتداد الى سائر ارجاء العراق لاحقا، وكنت شخصيا قد ارسلت وفدا رسميا برئاسة «هيرش محرم» رئيس مؤسسة الاستثمار في الاقليم الى خارج البلد للالتقاء بالمستثمرين العراقيين ودعوتهم لزيارة كردستان التي هي وطنهم بلا شك، وقد تحاورنا معهم عن كثب بخصوص توسيع نطاق نشاطاتهم الاقتصادية في الاقليم لتعود بالخير والفائدة على كل ارجاء العراق، وقد لاقت دعوتنا تجاوبا جيدا من قبلهم، وقريبا جدا سيبدأون بالعمل في كردستان تمهيدا للانطلاق نحو المناطق الاخرى من العراق بعد تحقيق الامن والاستقرار فيها ان شاء الله.

تعليقات: