تكثر الشائعات والمخاوف بكل ما يتعلّق بالدولار حالياً. الجميع يخاف من ارتفاعه... التجّار، رجال الأعمال، السياسيون، الاقتصاديون والمواطنون أيضاً. كلٌّ خائف على رزقه، بينما المواطن خائف من أن تضيع منه أساسيات الحياة، والأكثر خوفاً عنده هو القروض التي استحصل عليها من المصارف واحتمال اتخاذ إجراء دفعها بالعملة الأميركية. فهل يمكن أن يُتخذ هذا الإجراء؟ وهل سيكون له جدوى اقتصادية للمصارف والدولة بالمجمل؟
خلال السنوات الأخيرة، قدمّت المصارف عروضاً وإغراءات كبيرة للمواطنين بهدف تشجيعهم على الاقتراض بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة اللبنانية، وبالتالي الكثير من المواطنين لديهم قروض شخصية أو قروض للسيارة أو غيرها بالدولار الأميركي، وفي الوقت الراهن ما زال المقترض يسدد دينه للمصرف وفقاً لسعر الصرف الرسمي 1500 ل.ل. وعما إذا كان من المحتمل اعتماد سعر صرف مختلف، وإجبار المواطنين على الدفع وفقاً للسعر الجديد أو تسديد الدفعات بالدولار الأميركي، أوضح الخبير الاقتصادي عطيّة معلّم خلال حديثه لـ"النهار" أن "اعتماد سعر صرف غير 1500 ل.ل لدفع القروض المصرفية، هو قرار يُتخذ ضمن السياسة النقدية لمصرف لبنان، بالتوافق مع جمعية المصارف، وتتبعها آلية للمحافظة على الودائع والرواتب، علماً أنّ الأعباء على المواطن ارتفعت بنسبة 260 في المئة".
وشدد على أنّ إجراءً كهذا سلبي في ظل غياب خطة اقتصادية جادة وشاملة، بل الهدف منه سيكون تخفيف أعباء المصارف، إذ إنّها منهكة نتيجة عدم قدرة الدولة على تسديد ديونها "أوروبوندز" لصالح المصارف التجارية.
القروض الشخصية والتجارية
الزميل سمير صبّاغ تعرّض لمشكلة مع أحد المصارف عندما طلب البنك منه دفع القرض التجاري بالدولار الأميركي، بعد أن اقترضه سابقاً بالدولار، وأوضح: "القرض بقيمة 35 ألف دولار، ولم أتوقف عن الدفع خلال الأشهر الماضية رغم الأزمة المالية. وكان الحل النهائي بالاتفاق مع المصرف بدفع 65 % من القرض بالدولار الأميركي عبر شيك مصرفي، وباقي المبلغ بالليرة اللبنانية".
الخبير المصرفي نسيب غبريل أكدّ لـ"النهار" أن "لا إجراء من هذا النوع حتى الآن، في وقتٍ تكثر فيه الشائعات نتيجة عدم ثقة المواطنين"، مشدداً على أنّ "المصارف تدعم تتفهّم الأزمة الاقتصادية، وبالتالي التعميم الذي صدر عن مصرف لبنان بإعادة تمويل القروض، والقرارات المتخذة في موازنة 2020 عن تعليق الغرامات للمتأخرين بالدفع يُكرّس هذا الدعم".
وأضاف غبريل: "الطريقة الوحيدة للوصول إلى هذه المرحلة هي أن يُغيّر مصرف لبنان السعر الرسمي ويعتمد سعر صرف المنصة أو أي رقم آخر"، موضحاً: "القروض الشخصية خصوصاً يتم تفهّم وضعها، أما القروض التجارية فيتم التوافق عليها وفقاً للحالة".
دفع القروض بالدولار... سلبيات فقط
من جهته، رأى الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين أن "اتخاذ إجراء بدفع القروض على سعر صرف غير الـ 1500 ل.ل. ليس له فائدة، بل سلبياته كبيرة، بدءاً بتغيير سلسلة الرتب والرواتب للقطاعين العام والخاص، وصولاً إلى ارتفاع نسبة التضخّم، وارتفاع جنوني للدولار في السوق السوداء"، وفضّل أن "تبقى الإجراءات الحالية باعتبار أنّ المقترض أبرم اتفاقية طويلة الأمد على سعر رسمي ثابت هو 1500 ل.ل، وليس سعراً متحركاً".
يكثر الحديث عن إجبار المواطنين دفع القروض المصرفية بالدولار الأميركي، وفي حين يعتبر البعض أنّها شائعات فقط، يتخوّف المواطن والاقتصاديون خصوصاً من أن تسعى المصارف إلى إعادة تقييم أصولها على سعر صرف رسمي جديد، وسط نوايا لدى أطراف في الحكومة برفع سعر الصرف الرسمي. فكيف ستكون ردّة فعل المواطن؟
تعليقات: