بعدما علمت جمعية الامداد بوجود مسن يفترش الأرض وليس له مأوى ولا معيل، وبعدما طُلب من الجمعيات انشاء دور للمسنين ليتم رعايتهم وتأمين كل متطلباتهم لكي يعيشوا بكرامة في خريف عمرهم وخاصة بعدما كان لهم دور في المجتمع في تنشئة الأجيال الى أن شاءت بهم الظروف (سفر أبنائهم أو بعدهم عنهم لارتباطهم بأشغالهم ووظائفهم) أن يقضوا حياتهم منفردين، ولأجل إبعاد شبح اليأس والوحدة عنهم وما ينتج من ردات فعل نفسية وصحية سلبية وإعطائهم شحنة أمل ومعنويات، وللوقوف إلى جانب المسن قامت جمعية الامداد بإنشاء بعض الدور، منها دار الامام زين العابدين”ع” (بيت الأهل في الخيام)، التي كان لـ”مجلة وموقع كواليس” لقاء مع مسؤوليه، تناول كافة جوانب هذا البعد الإنساني لهذا الصرح، بالقول:
“إن المبادرة الخيرية لتأسيس الدار كانت منذ علمت الجمعيه بوجود مسنين عاجزين لا مأوى لهم وخاصة حالة المُسن الذي يفترش الأرض وحيدًا وعاجزًا.. وكان قد هزها هذا المشهد المؤلم، وحيث أن الواقع فرض نفسه في ضرورة وجود مكان يجتمع فيه أهلنا المسنين لتكون لهم عناية مستمرة يحتاجونها في ظل غياب الأبناء من جهة وملاذًا لإلتقاء مِمَنْ لا معيل لهم ولا كفيل من جهة أخرى، فأخذت جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية على عاتقها هذا الجانب والدور بإستحداث عدة دور موزعة في أكثر من منطقة لبنانية منها هذا الدار في بلدة الخيام – قضاء مرجعيون، (تحت إسم بيت الأهل)، والذي تأسس في العام 2016، بمساعدة بلدية الخيام التي قدمت قطعة الأرض لبنائه وبدعم من الحاج محمد حمود، وتم بناء هذا المركز بمثابة نادي ترفيهي نهاري للمسنين يتم إحضارهم من منازلهم على عاتقنا، وإعادتهم ظهرًا، وهنا قد واجهتنا صعوبات جمة إضافة لاقناعهم مع ذويهم لإعتقادهم أنهم ذاهبون إلى مأوى عجزة، كما هو متعارف عليه وخشية من ألسن المواطنين تجاه الأبناء لكن خدمات الدار والتعامل الانساني الراقي بالاضافة الى اطلاعهم إلى أهداف الدار واقناعهم بالهدف الاسمى ألا وهو إبعادهم عن جو الكآبة والوحدة، والكل يعلم كم من عجوز ومُسن يقيم بمنزله بمفرده لا يزوره أحد أو يجالس أحد على مدى أسبوع وأكثر حتى لو جرى تأمين إحتياجاته الخاصة من مأكل ومشرب، فهو يرغب بوجود أحد إلى جانبه ومن عمره وبيئته… لذا لمسنا تجاوبًا كليًا.. وبات المركز يجمع يوميًا حوالي مئة مُسن ومُسنة من عدة فئات عمرية من بلدات الخيام وكفركلا وبلاط ودبين، الذين بدورهم كانوا يخبرون أقربائهم أو جيرانهم المسنين مثلهم عن أجواء المركز والألفة والمحبة التي تسود الجميع وكأنهم عائلة واحدة والخدمات التي يتلقونها من صحية وإنسانية واجتماعية، إضافة إلى الأنشطة الثقافية الذهنية والترفيهية والزيارات والرحلات والبرامج الدينية وبرامج محو الأمية وتعليم بعض الحِرف والمطالعة وإعداد وجبات طعام قديمة وإرشاد زراعي ومسابقات… وهذا يعتبر أساسي للحفاظ على التمركز الذهني والنفسي لكل مُسن ؛ ويشارك في هذه الأنشطة البلدية ومنظمات محلية دولية من وقت لآخر.
هذا وبفضل تلك البرامج تزوّد المسنون بالكثير من المعلومات والمهارات التي كانوا يجهلونها ( قراءة , كتابة , حرفيات..) بكل حب وسعادة..
ومن ضمن خدمات الدار وجود فريق اختصاصي( اجتماعي , نفسي ..) لمتابعة الوضع النفسي لمن يعاني أو يواجه مشاكل إو إضطرابات ومساعدتهم على تخطيها, بالاضافة الى التواصل الدائم مع ذوي المسنين..
بالنسبة للمتابعات الصحية هناك رعاية واشراف صحي دائم من قبل أطباء ومسعفين متطوعين, أما في حال تعرّض المسن لحادث صحي طارىء يتم معالجته في الدار أو في مستوصف الهيئة الصحية الإسلامية الموجود بجوارنا، وفي حال تردى وضعه الصحي يتم نقله إلى مستشفى مرجعيون الحكومي حيث يوجد ملف صحي وآخر إجتماعي لكل مسن..
هناك بعض حالات للمسنين المقعدين أو الذين يعانون من وهن وثقل حركة وعوارض صحية أقعدتهم في المنزل وعدم تمكنهم من الحضور إلى الدارعندها يتم تحويلهم إلى مركز صور للمسنين والتابع أيضا لجمعية الامداد للإقامة الدائمة ليلًا نهارًا.
ومؤخرًا تم إستحداث مشروع خدمة المسنين المقعدين في المنازل وهو عبارة عن فريق متطوع مؤلف من 35 شاب وشابة يقومون بزيارات يومية دورية لإستفقاد المسنين والإشراف على وضعهم ومساعدتهم في الإستحمام وتغيير الملابس والفراش يتراوح هؤلاء المقعدين بـ 80 مسنوكان لهذه المبادرة الصدى الواسع لدى الكثير من الأهالي بطلب المساعدة للإشراف على مُسن مُقعد ومعالجة التقرحات لديه، كما يؤمن المركز أسَّرة طبية (فرشات هواء) وماكينات أوكسجين على سبيل الإعارة، إلا أننا نواجه صعوبة بعدم مبادرة البلديات بتأمين نقل المسنين من منازلهم في الخيام، كفركلا، دبين وبلاط.
إن دعم وتمويل هذا المركز هو من قبل جمعية الإمداد الخيرية وبعض أصحاب الأيادي البيضاء من الخيام والمحيط وبلدية الخيام التي تؤمن نقل المسنين على عاتقها.
أما بالنسبة لمشاريع الدار المستقبلية هي :
بناء طابق آخر لإستيعاب أكبر عدد ممكن
إستحداث مركز علاج فيزيائي..
وفي الختام لا بدّ من التنويه بمن أشاد هذا الدار وبكل عامل فيه.. وكل الشكر لجمعية الإمداد لعطاءاتها الانسانية , وبالشباب المتطوع المندفع لتقديم الخدمات الانسانية والاجتماعية للمسنين في الدار وفي منازلهم , وأشجع الجميع على التعاون مع هذا المركز الذي يقدم الخدمات الراقية للمسن وهو مُكرّم، معزز ومرهف، وأتمنى أن تعمم هذه المبادرة من خلال استحداث أماكن في كل منطقة من لبنان لهذه الغاية.
فؤاد رمضان - مجلة كواليس
تعليقات: