الفنان التشكيلي عبدالله مبارك
بكثير من الإبداع ما ترسمه مخيلته وتحيكه ريشته يمضي الفنان التشكيلي عبدالله مبارك قُدمًا في مسيرته الإحترافية والغوص بهذا الفن كمن يغوص في أعماق البحر باحثًا عن اللآليء والدرر، هو الذي إستهواه منذ الصغر وهو على مقاعد الدراسة مقلدًا والده الذي سبقه إلى هذا الفن، فكان له ما أراد محلقًا في سمائه كقوس قزح منذ 35 عامًا ولم يزل استاذًا بارعًا لهذه المادة برصيد أكثر من 4000 لوحة، إضافة لأعماله الأخرى في النقش على الحجر والخشب والرسم على الجداريات.
وبلقاء مع مجلة وموقع "كواليس" وردًا على سؤال..
*بتعريف عن شخصكم، كيف تسللت هذه الموهبة إلى ذاتك وبالتالي ماذا يعني لك هذا الفن؟
...
وما نلاحظه أن كافة الحضارات القديمة عبر التاريخ تركت بصمات في عالم الرسم والنحت ولم تزل آثاراتها متواجدة بأكثر من مكان، ففي المتاحف، والشعوب تُعرف من فنونها كفن العمارة والزخرفة والفسيفساء، لذا نقول: أن الفن التشكيلي هو أبو الفنون قاطبة، وشخصيًا أبتدأت بالفن الإنطباعي الذي يعتمد على المناظر الطبيعية، ثم بالوجوه إلى التجريدي ولدمح كافة الأنواع بالأبيض والأسود وقلم الرصاص، ودخلت عالم النحت على الصخر والخشب والحديد ورسم الجداريات والفلل.
*هل الموهبة تكفي أم يلزمها صقل بالدراسة الأكاديمية؟
الدراسة الأكاديمية لا بد منها لتدعيم الموهبة. لذا، دخلت معهد لهذه الغاية وتتلمذت على يد الفنانة الدكتور عبد الحميد البعلبكي، تعلمت مبادئ هذا الفن كالتدوين، الظل والنور والمنظور، إضافة لتنسيق مزج الألوان ومدى إنسجامها مع بعضها البعض ومراعاة التوازن اللوني، وأنا أفكر باللون قبل الرسم بإستثناء التجريدي، فهو من أصعب أنواع الفنون، وما هو معلوم أن الفنان العالمي بيكاسو الذي مارس كل أنواع الفنون، وعندما لم يعد لديّ شيئًا أبتكر التجريدي كنوع جديد على هذا الفن كمجردة من كل شيء، وله خصوصية يعبر بطريقة ما عن داخل ما في الإنسان وقد يعبر عن الحزن بضربات الموت أو الصراع الداخلي. كلذلك تابعت دورة دراسية لدى المعهد الثقافي الفرنسي. وهناك مدرسة السيرالية التي تتضمن أشكال الإنسان والحيوان والطبيعة، والرسم الوحشي عبارة عن ألوان فاقعة كما يسمونها والمدرسة الإنطباعية كما تراها وتتصورها أنت ليس كما هي.
*أين يجد نفيه الفنان عبدالله مبارك؟
في المدرس الإنطباعية فهي الأم، سيما وأنا إبن بيئة وطبيعة خلابة أستوحي منها الهدوء والسكينة ومناظر كمنازل قديمة وحقول المزروعات، ضفة النهر، الراعي وقطيعه ووجوه معبّرة.
*هل تترك تعليقًا أو تسمية عن كل لوحة؟
أحيانًا أدوون تسمية أو عنوان، إنما التجريدي لا يمكن ذلك، فيحصل أن يسأل المشاهد عن مغزى هذه للوحة لأفسرها له. وبالمطلق أترك للمتلقي إستنساب التفسير وفق رؤيته للمشهد.
*هل من مكان وزمان لممارسة فن الرسم؟
- الرسم يلزمه فكرًا وهدوءًا نفسيًا وجسديًا بعيدًا عن التوترات، وأهم شيء الفكر ليستنطق المشهد الذي ترسمه مخيلته وأحيانًا يشدني منظر في مكان ما، أكان مأساويًا أو حزنًا أو فرحًا أو لقطة لحدث معين، أصوره على الهاتف أو في ذاكرتي، إنما لا أنقله كما هو، بل ما يتناسب واللون مع الرسم. بإختصار الفنان يمتلك اللون وليس العكس. على سبيل المثال الوان الفصول، أنا لا أتقيد بها، فكل فصل لون مميز في الرسومات، هناك فصول تأخذ ألوانًا باردة وأخرى ألوانًا حامية، وأكثر ما يستهويني فصل الخريق فهو يجمع كل الفصول بألوانه المتعددة وليس كالمعتقد السائد فصل حزين.
*من مشاركات في معارض ونيل جوائز وشهادات ودروع تقديرية؟
- عدة مشاركات ومنها في الجامعة الأميركية وقصر الأونيسكو والمركز الثقافي الفرنسي والروسي، ومسبح الجسر وبلدية سن الفيل وضمن أمسيات ثقافية أدبية ومهرجان الطيبة، منها جماعية وأخرى إفرادية، وأنا أول من شارك بالرسم لدى إفتتاح المكتبة الوطنية في بيروت، وأمارس الرسم على الجداريات والقصور والفلل وساحات وجوانب الطرقات في بلدتي مركبا وخربة سلم. وكنت أدرس هذه المادة في المدارس الرسمية لمدة خمسة عشر عامًا، إنما توقفت مؤخرًا. وها أنا اليوم أعطي دروسًا في مكاتب ثقافية تتبع لبلدات: "عديسة، الطيبة ومركبا" بالتعاون مع بلدياتها. وصدر لي كتاب تحت عنوان: "نطرت الرشيد" لتعليم فن الرسم ضمن دورات متتالية. وأحيانًا أعطي دروسًا خاصة في منزلي وألمس إقبالًا على فن الرسم، وهناك مواهب لامعة خاصة لدى الأطفال. وحصلت على العديد من شهادات التكريم والدروع التقديرية.
*لا بد لكل فنان أن يتأثر بمَنْ سبقه في هذا المجال وله شهرة عالمية؟
تأثرت بالفنان الراحل وجيه نحلة، كان صديق والدي، وشجعنّي وأثنى على موهبتي وزودني بإرشادات منها: "أنت تصنع وتتحكم باللون وليس هو".
*بعد كل عمل فني هل تلجأ إلى نقد ذاتي؟
طبعًا، أعود إليها، اراقبها لتبيان ما إذا كان من أخطاء أو يلزمها رتوش معينة.
*بختام هذا اللقاء من كلمة لكم؟
أتمنى أن ينتشر هذا الفن في كافة المجتمعات، لأنه غني بالثقافة ويبعد عن آفات المجتمع والمشاكل الإجتماعية.
والشكر اولًا وأخيرة لمجلة وموقع "كواليس" التي تواكب الفنون وعدة أنشطة ثقافية وأدبية.
* فؤاد رمضان - مجلة كواليس
تعليقات: