البطريرك الراعي
غبطة البطريرك ، ثلاث عظات متتالية تشير فيها الى الحياد وطبعاً تحييد لبنان ،او حياده عن الصراعات في المنطقة ، واعتقد هذا ما تقصده .
عندما نطالب بالحياد ، يكون على الأقل بأن لبنان يوماً ما كان على الحياد منذ ما قيل الإستقلال ، وطبعاً نحن لم نستقل لأن قرار السيادة لم يكن يوماً في يد الدولة .
اول انتخاب رئيس جمهورية بعد الإستقلال او ما يسمى بالإستقلال بين بشاره الخوري وإميل اده الأول تدعمه بريطانيا والثاني تدعمه الأم الحنون فرنسا ، وهذا ليس حياداً ، وكل الرؤوساء كان يتم تعينهم من هذه الدولة او تلك ، وقيل بأن سليمان فرنجيه جاء بصوته ، وهذا مخالف للواقع حيث أن الإتحادالسوفياتي كان داعماً له .
اذا كان حيادك المقصود منه الطائفة المسيحية نعتقد بآن هذا الحياد لا علاقة له بالمسيحيين ، وربما البعد السياسي ، هو أمن اسرائيل ، وليس المسيحيين ، لأن لو كان القصد المسيحيين كان من الواجب عليك التحرك والمطالبة بتحييد المسيحيين من الصراع في الشرق ، فلسطين ، سوريا والعراق ، خاصة وغبطتك بطريرك انطاكية ،، وسائر المشرق ، ولكن لم نر هذا الحماس عندما تعرضوا المسيحيين في سوريا والعراق الى التصفية والتهجير وتدمير الكنائس ، لا بل لم نسمع لك همسة ، ومن حافظ ودافع عن المسيحيين في سوريا المقاومة التي تطالب بنزع سلاحها ، والمقاومة في العراق حضنت المسيحيين واكرموهم ومن ثم حافظت على كنائسهم .
غبطة البطريرك : منذ ظهرت وانت مطران لم نسمع لك صوتاً سوى الحفاظ على أمن اسرائيل، مطالبتك مراراً بعودة الخونة وقد عرفت عنهم بأنهم مواطنون لبنانيون حتى في عظتك في الناصرة وفي الأرض المحتلة وهذه اراضٍ مغتصبة من العدو الصهيوني ودولتك في حالة حرب معه بموجب اتفاق الهدنة ، مطالبتك بعودتهم ليس حباً بهم بل لأنهم اصبحوا عبئاً على العدو الصهيوني .
لماذا لم تطالب الكنيسة بالحياد عندما اجتاح العدو الصهيوني لبنان اول مرة 1977 و 1978 و1982 ووصل الى العاصمة ، الم تكن غبطتك موجوداً؟
لم نسمع صوتاً واحداً بالحياد يومها ولم نسمع صوتاً واحداً بالتنديد لإحتلال العاصمة لا بل كان الصوت مباركاً تنصيب بشير الجميل ومن ثم اخوه امين رؤوساء ، الم يكن يومها الحياد مطلوباً او الناي بالنفس ؟
المطالبة بالحياد مطلب كل لبناني شريطة أن لا يكون شبر واحد من الأرض محتل من مغتصب ، لنحرر ارضنا ابتدأً من مزارع شبعا الى تلال كفرشوبا الى العباسية والغجر والقرى السبع والإتفاق على الحدود البحرية ، وعدم السماح لطيران العدو بإختراق اجوائنا يومياً ، وبعدها تجتمع القوى السياسية والدينية لتبحث في الحياد اذا كان مجدياً في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة .
الحياد يجب ان يكون بالتساوي بين كل الدول هذا هو مفهوم الحياد ، كيف سيكون الحياد مع العدو الإسرائيلي ودولتنا تعتبره عدواً وهي في حالة حرب معه حسب اتفاقية الهدنة عام 1949 .
غبطتك لم تتبع الحياد في الداخل حتى بين الصف المسيحي منهم من وافقك ومنهم عارض الفكرة ، وبالرغم من هذا تحركتم قبل وزير خارجية فرنسا الى
بيروت ودعوت الى اجتماع روحي مسيحي ليؤيدك في الحياد ، مما ادى هذا الى الإنقسام الحاد بين المرجعيات الإسلامية والمرجعيات المسيحية ، وكذلك بين المرجعيات السياسية ، وكما يقول المثل " اتيت لتكحلها عميتها ".
غبطتك تطالب بنزع سلاح المقاومة ، وعلى أن يتولى الجيش بسط سيادته على كافة الأراضي اللبنانية ، كلنا نريد ذلك بما في ذلك رجال المقاومة ليحيوا حياتهم بالحد الأدنى كما نعيش نحن ، هذا مطلب لهم ، ولكن هل
الجيش بإمكاناته الحالية يستطيع صد هجوم سرب من 100 جندي اسرائيلي.
هل لدى غبطتك نفوذ لتمارسه على اميركا بأن تسمح بتسليح الجيش من اي دولة أخرى او من امريكا نفسها بأسلحة تمكنه من الدفاع عن نفسه في حالة تعرض لهجوم من العدو ، اقولها بالفم الملآن اميركا لا توافق بتسليح الجيش بأكثر من سلاح للإستعمال الداخلي فقط ، وقالتها للظباط اكثر من مرة وبكل وقاحة لا نسمح لكم بالتسلح بأسلحة قد تضر بالجيش الاسرائيلي او حتى الدفاع عن انفسكم في حالة اعتداء اسرائيل عليكم ، وهذا معروف عند قيادة الجيش والظباط وخاصة الظباط الذين صفقوا لغبطتك في عظة الحياد .
غبطة البطريرك : لنسلم جدلاً بأن كل اللبنانيين وافقوا على الحياد وعلى تسليم سلاح المقاومة ، من يضمن لنا هذا الحياد ؟ الأمم المتحدة ام الولايات المتحدة ؟ كلاهما لن يجرؤ على الوقوف بوجه اسرائيلي ، والدليل القرار 425 هل نفذوه ام سلاح المقاومة هو الذي نفذه .
نذكر غبطتك بأن لااحد يستطيع تنفيذ اي قرار وخاصة قرارات تقسيم فلسطين منذ القرار رقم 181 لعام 1947 ولغاية الآن ، الوحيد الذي نفذ القرار ضد العدو هو لبنان 425 ، اذاً حيادنا لا ضمانة له سوى قوتنا ، والحياد لن يبصر النور بوجود دولة اسمها اسرائيل محتلة لأراضينا .
الحياد غبطة البطريرك مطلب اميركي اسرائيلي ، حيث لم يعد يخفى على الرجل العادي ، هل غبطتك توافق على تجنيس 500 الف فلسطيني ، وهل غبطتك توافق على بقاء مليون ونصف سوري في لبنان معلقين لا تستطيع اعادتهم الى بلدهم ولا تستطيع منعهم من العمل وقد تُطالب مستقبلاً في تجنيسهم .
عندما نطالب بالحياد يجب أن نكون اصحاب قرار واصحاب سيادة على على ارضنا وقراراتنا ، هل نستطيع بناء محطات كهربائية عن طريق ايران لا نستطيع ،، وهل نستطيع بناء محطات كهربائية عن طريق المانيا لا نستطيع ، وقد عرض علينا الدولتين ورفضت اميركا ، ونطالب بالحياد ؟
ومؤخراً عرضت علينا الصين فقامت القيامة من اميركا واصدقاؤها وغبطتك منهم ، هل هذا هو الحياد الذي تطلبه غبطتك .
هل ايران تحاصرنا وتجوعنا ،عرضت علينا البترول ومشتقاته بالليرة اللبنانية هل تجرؤ غبطتك الموافقة ؟ هل هذا هو الحياد الذي تنادي فيه ؟
بالحد الأدنى يجب المطالبة اولاً بفتح الحدود السورية لتصريف انتاجنا الزراعي، للآن هل تسمح لنا اميركا بفتح الحدود ؟.
طالما نحن مقيدين بما تمليه علينا اميركا من قرارات ولا نستطيع مخالفة هذه القرارات ، يجب أن لا نسمح لأنفسنا بالحد الأدنى أن نسوق للحياد الذي هو مطلب اميركي اسرائيلي .
نحن اداة في اليد الامريكية تحركنا كما تشاء ومنها الحياد ، وهي من اوصل الوضع الى ما نحن عليه من انهيار مالي بواسطة عملاؤها الإقتصاديين والسياسيين وهي من يفرض الحصار علينا حتى ولو ادى الى موت اطفالنا ،
ومنهم من يموت جوعاً ، وتأتي غبطتك وتطالب بالحياد ، وكأنك تضعنا بين خيارين كلاهما مر إما الخضوع للإملاءات الأمريكية او الموت جوعاً .
ولا لبناني تعز عليه كرامته يرضى بأن يكون عبداً عند اسرائيل ويقبل بالحياد المشروط ، والموت جوعاً افضل من الذلة ،ونطمن غبطتك بأننا لن نموت جوعاً .
قلنا سابقاً، التفكير بالحياد خاصة في موقعنا عبث ، والحياد لا يخدمنا نحن ولكنه يخدم العدو الصهيوني ، وكما قلنا بأن غبطتك بطريرك انطاكية وسائر المشرق .. وليس بطريرك "كسروان " .
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
تعليقات: