أستاذ في علم الاجتماع شادي مشنتف
يقوم عدد من الشباب اللبنانيين، الذين انسدت أمامهم أفق المستقبل بالإقدام على الانتحارهروبًا من المشاكل العديدة، والأزمات الكبيرة التي لم يجدوا لها حلًّا خاصة في مجال العمل، فيستسلمون.
العديد من هؤلاء الشباب توجهوا برسالة إلى اللبنانيين كوصية قبل الانتحار، يعددون الأسباب التي دفعتهم إلى فعلتهم هذه، يشرحون فيها اليأس الكبير، الذي وصلوا إليه، كما العديد من أبناء جيلهم، غير انه للأسف تكون طريق هذه الرسالة فقط القراءة، والقول:" ياضيعان الشباب و الزعل لمدة خمس دقائق ".
أما أنا اليوم، أكتب رسالة بعنوان" قبل أن أنتحر" أقول فيها إنني لن انتحر، فما يعانيه لبنان اليوم هو، هو ما عاناه منذ وجوده، وأنا شريك أساسي فيه، تتغير الأسماء، لكنّ الحوادث و المشاكل هي هي، فلماذا أفكر بالانتحار، وأنا نفسي انتخبت، وأيدت، وصفقت للكثيرين ممن خربوا البلد؟
لماذا أفكر بالانتحار، وأنا نفسي أؤيد الفساد عندما يكون لمصلحتي، وأدافع عن المجرم إذا كان من طائفتي؟
لماذا أفكر بالانتحار، وأنا نفسي أقبل أن أكون تابعًا لدولة ما في الشرق أو الغرب؟
لماذا أفكر بالانتحار، وأنا نفسي لا أساهم بنظافة الحي الذي لا أسكن فيه، وأعتبر أملاك الدولة مشاعًا وتخريبها حق، والتهرب من الضرائب والرسوم شطارة؟
لماذا أفكر بالانتحار، وأنا نفسي أستغل الأزمات كي أسرق أخي في المواطنية؟
نعم أعنون رسالتي بـ "قبل أن أنتحر" لأني لا لن أنتحر، لا يحق لي الانتحار ما دمت لم أسعَ للتغيير، ولا لتصحيح الإعوجاج ( يكفينا مشهد الاستهتار بكورونا التي بدأت تفتك بنا).
أما للشباب الذين انتحروا لأسباب العمل والمستقبل، أقول:" نحن لا نستحقكم، لقد أزعجتكم أغلاط هذا الوطن، وفساده، والمحسوبية، والواسطة، فلم تستطيعوا التحمل، فأنهيتم حياتكم كتسجيل موقف، لأنكم أصحاب كفاءة، لم تجدوا مكانًا لها في هذه الغابة (مع أنني أفضل حلولا أخرى غير إنهاء الحياة).
* شادي مشنتف (أستاذ في علم الاجتماع)
تعليقات: