وماذا عن شبكة اتصالات سوليدير؟


...

آريس ــ كوباآريس ــ كوباالحكومة ترى في «خط» المقاومة إنتهاكاً... وترخّص لشبكة قادرة على التنصّت!

لا يُعدّ خط الاتصال السلكي الذي يمدّه حزب الله بين عدد من المناطق اللبنانية الحالة الأولى في لبنان، إذ سبق لمجلس الوزراء في عام 1998 أن رخّص لشبكة اتصالات متطورة تكنولوجياً تابعة لشركة سوليدير العقارية في مدينة بيروت لخمسة وعشرين عاماً!

هل شبكة الاتصالات التي أقامها حزب الله في بعض المناطق حالة فريدة من نوعها في لبنان، وتستوجب إعلان حرب أهلية لنزعها؟ هل «شبكة» اتصالات حزب الله هي شبكة أصلاً؟ هل «شبكة» الاتصالات لتحصين المقاومة هي فعلاً تهدر المال العام، وهل يجب ملاحقة من أقام هذه «الشبكة»؟... الإجابة بالنفي تأتي على لسان رئيس مجلس الوزارء السابق رفيق الحريري الذي رخّص بصفته رئيساً للحكومة ووزيراً للمال ووزيراً للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية في 4 أيلول من عام 1998 بموجب مرسوم رقمه 12992 إقامة شبكة اتصالات لشركة سوليدير واستثمارها وصيانتها في نطاق منطقة بيروت لمدة 25 عاماً قابلة للتجديد! والمدهش في هذا المجال أن شبكة الاتصال التابعة لشركة سوليدير تُعدّ أكثر تطوراً مما أطلق عليه صفة «شبكة حزب الله»، كما أن مضمون المرسوم ظالم بالنسبة للدولة التي لا تستوفي من تشغيل شبكة سوليدير المتطورة سوى 20 في المئة من مجموع فواتير القبض الصادرة عن هذه الشركة لمشتركيها، مع مبلغ مقطوع لا يتعدى مئة مليون ليرة سنوياً أي نحو 67 ألف دولار! فما قصة شبكة سوليدير، وهل بوجودها يمكن اعتبار الخط السلكي لحزب الله «شبكة»، وهل يجوز في هذا الإطار منع تمديد هذا الخط التابع بطبيعة الحال لسلاح المقاومة؟ وهل خط اتصال للمقاومة يُعدّ انتهاكاً للسيادة؟ وشبكة يمكن استخدامها للتنصت من قبل القيمين على شركة سوليدير تُعدّ شرعية؟

المرسوم!

فقد صدر عن رئيس الجمهورية السابق الياس الهرواي ورئيس مجلس الوزراء السابق ووزير المال والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية رفيق الحريري، بناءً على الطلب المقدم بتاريخ 18/8/1997 من الشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط مدينة بيروت ش.م.ل. (سوليدير)، المرسوم رقم 12992 المتعلق بإقامة شبكة اتصالات لشركة سوليدير واستثمارها وصيانتها في نطاق منطقة بيروت، والمبرر هو «أن الخدمات الاتصالية المتطورة والمتخصصة (Multimedia) التي يمكن توافرها من خلال شبكة الألياف البصرية تُعدّ ضرورة ملحة وأساسية لمنطقة وسط بيروت، وإن هذه الخدمات غير متوافرة ولا تدخل ضمن نطاق البرامج المعدّة من وزارة الاتصالات «السيادية»، وإن كلفتها كبيرة ومردودها متدنٍ بالنسبة لعمر الاستثمارات على ما يتبيّن من كتاب المديرية العامة للاستثمار وصيانة المواصلات السلكية واللاسلكية تاريخ 7/5/1998». ونص المرسوم

على:

المادة 1 ـــــ يرخص لمدة خمس وعشرين سنة قابلة للتمديد أو التجديد للشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط مدينة بيروت ش.م.ل. (سوليدير) المسماة في هذا المرسوم «الشركة» إقامة وإدارة واستثمار وصيانة شبكة لنقل وتبادل المعطيات (Teleport) وذلك في نطاق وسط مدينة بيروت (سوليدير) المحدد وفقاً للمرسوم رقم 4830 تاريخ 4/3/1994 والمرسوم رقم 5609 تاريخ 3/9/1994.

المادة 2 ـــــ يحدد الترخيص بإقامة وإدارة واستثمار شبكة شرائح واسعة من الألياف البصرية (Reseau a larges bandes en fibres optiques et cables)، وتوزيع البرامج المصورة مع جميع التجهيزات المتعلقة بها، وذلك لنقل جميع المعطيات بالاتجاهين وتبادلها، وكل خدمات الاتصالات ذات القيمة المضافة (services multi-connectio). ولا يجوز أن تتعدى خدمات الشركة إلى خارج نطاقها وإلى غير من يرغب من المشتركين في هذه الخدمات. ولا يشمل الترخيص الخدمات الهاتفية.

المادة 3 ـــــ للشركة من أجل تحقيق خدماتها الحق بأن ترتبط بشبكات الاتصالات المحلية والدولية (droit d,inter-connection) وفقاً للقوانين المرعية الإجراء. وتعطى الشركة حق مرور (droit de passage) عبر المنشآت والتمديدات والطرق العائدة للدولة وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء. بذلك تصبح شبكة سوليدير وفق هذه التسهيلات وزارة هاتف مصغّرة!

المادة 4 ـــــ لا يجوز للشركة التنازل عن الترخيص إلى أي شخص طبيعي أو معنوي إلا بموافقة وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية.

المادة 5 ـــــ تقيم الشركة الشبكة وتديرها وتستثمرها وتصونها على نفقتها ومسؤوليتها، ولا يترتب على الدولة أية مسؤولية أو أي عبء مالي من جراء ذلك. وللشركة تحقيق إدارة الشبكة واستثمارها وصيانتها بمختلف الوسائل القانونية المرعية الإجراء، وتبقى مسؤولة عن كامل العقود التي تجريها في هذا الإطار، على أن تعلم الوزارة بها خلال مهلة شهر على الأكثر من تاريخ إجرائها.

المادة 6 ـــــ تستوفي وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية لقاء هذا الترخيص عشرين في المئة من مجموع فواتير القبض الصادرة عن الشركة لمشتركيها (لا تحسم من هذه الفواتير أية مبالغ لقاء الإشغال أو التجهيزات أو الخدمات التي تقدمها الشركة)، بالإضافة إلى مبلغ مقطوع قدره مئة مليون ليرة لبنانية سنوياً لقاء حق المرور المعطى لها بموجب المادة الثالثة أعلاه، وذلك ابتداءً من تاريخ استعمالها هذا الحق.

المادة 7 ـــــ تمارس الشركة حق المرور المعطى لها بموجب المادة الثالثة وفقاً للنماذج والخرائط التي تعدها وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية وتوافق عليها. تخضع لموافقة وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية نظام الخدمات للمشتركين، بما في ذلك نماذج العقود والتعرفات المقررة من قبل الشركة.

المادة 10 ـــــ عند انتهاء مدة الترخيص أو إلغائه تعود ملكية الشبكة إلى الدولة.

شبكة متكاملة

هذا المرسوم الذي منح شركة عقارية أصبحت «دولة ضمن دولة» بسبب القوانين التي فرضت من جهة معينة داخل السلطة أعطتها صلاحيات واسعة تطال أصحاب الحقوق الأصليين في وسط بيروت، وتتصرف بأموالهم دون وجه حق، وتوسع أعمالها الخارجية على حسابهم، يبطل منطقياً ما اتهم به حزب الله في ما يتعلق بالخط السلكي الذي أنشئ لتأمين التواصل الآمن بين قيادات الحزب. وفي هذا الإطار، يشير العميد المتقاعد والدكتور المحاضر في تقنيات الاتصال محمد عطوي لـ«الأخبار» إلى أن ما ورد في موجبات المرسوم عن أن شبكة الألياف البصرية غير متوافرة، ولا تدخل ضمن نطاق البرامج المعدّة من الوزارة غير صحيح، إذ إن الوزارة تستخدم الألياف البصرية في مراكز عدة، كما أن كلفة هذه الشبكة لا تتعدى المليون دولار أميركي، في حين أن مردودها يمكن أن يكون لصالح الخزينة اللبنانية، ويلفت إلى أن الحكومة منحت شركة سوليدير حق إقامة هذه الشبكة وصيانتها واستثمارها وإدارتها، مع أنه لدى وزارة الاتصالات الإمكانات التقنية اللازمة للقيام بجميع الإجراءات الآنفة الذكر، ويمكن للوزارة أن تنظم الشبكة وتربطها بشبكاتها الخاصة للإفادة منها، ويستغرب العميد عطوي أن تمنح شركة عقارية حق إنشاء واستثمار شبكة متطورة بالألياف البصرية، في حين يحجب إقامة خط سلكي للمقاومة، وهو الذي لا يحتاج إلى إدارة ولا صيانة ولا إلى أي إجراء يمكن أن يحيّد وزارة الاتصالات عن أرباح مادية معيّنة.

ويلفت عطوي إلى أن شبكة سوليدير شاملة وتشمل نقل الصوت والصورة والفيديو والداتا، وأن إعطاء الشركة الحق في الارتباط بالشبكات المحلية والدولية يمكن الشبكة من الاتصال في شبكة الإنترنت العالمية، ويشير إلى أن شبكة سوليدير لها الحق وفق المرسوم المرور (droit de passage) عبر المنشآت والتمديدات والطرق العائدة للدولة، وهذا مستغرب، إذ يمكن أن تمد هذه الشركة ما تريده، ويمكن أن تراقب خطوطاً خاصة في منطقة بيروت، ويمكن أن تستفيد عبر إجراء اتصالات عن طريق الكوابل المنتشرة بالقرب من شبكتها في التمديدات والمنشآت الخاصة بالدولة اللبنانية. ويلفت العميد عطوي إلى أن وجود تناقض مدهش وارد في المرسوم، إذ إن المرسوم يمنح شبكة اتصالات سوليدير حق الارتباط بشبكات محلية وعالمية، في حين يورد المرسوم نفسه أن خدمات الشبكة لا تشمل الاتصال الهاتفي، إذ إن هذه الشبكة تقدم خدمات الاتصال الهاتفي من دون أدنى شك. ويشدد على أن كان من المفترض أن تحصل سوليدير على الـ20 في المئة من فواتير الزبائن، وليس أن تكون هذه النسبة القليلة للدولة، إذ إن الشبكة هذه لا تكلف أكثر من مليون دولار، فلماذا تريد سوليدير الحصول على أرباح بنسبة 80 في المئة؟ لافتاً إلى أن سوليدير تستطيع الاستغناء عن هذه الشبكة بسبب انتشار خدمة الـDSL وذلك لولا إفادة أحد المحظيين من عائداتها!

مجرد إشارة

بين حزب الله وسوليدر

يشير عطوي إلى أن شبكة سوليدر مفتوحة للاتصالات المحلية والدولية، أما شبكة المقاومة فمحصورة بنطاق محدد بين عدد من المسؤولين، كما أعطى المرسوم شركة سوليدر إقامة الشبكة وإدارتها واستثمارها وصيانتها، في حين أنه لا شبكة لحزب الله، بل خط لا يحتاج إلى إدارة ولا استثمار ولا ربح تجاري، وطبعاً لا يتسع هذا الخط إلى 100 ألف خط، في حين أن شبكة سوليدر تتسع إلى مئات آلاف الخطوط والاتصالات، كما أنها قائمة على أجهزة وخطوط ألياف بصرية ومعدات الكترونية، لذلك تسمى شبكة، وهذا ما يمكن القول إنه غير موجود في الخط السلكي لحزب الله.

تعليقات: