رفيق الحريري
غدا الثلثاء تصدر المحكمة (الدولية) الخاصة بلبنان حكمها في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتُعلن غرفة الدرجة الثانية الحكم بعدما كان مقرراً ان يصدر في 7 الجاري غير أن إنفجار المرفأ علّق صدوره. وعليه تتوجه الانظار منذ اليوم الى لاهاي التي وصلها الرئيس سعد الحريري والنائب المستقيل مروان حماده واخرون لحضور جلسة اعلان الحكم، والذي يتوقع ان يدين افرادا في لبنان، وربما اخرين في سوريا، قضوا جميعا في ظروف غامضة، او وفق متابعين للملف، تم اخفاؤهم، ويرجح ان يكون اعلن عن وفاتهم، فيما يكون تم تغيير هوياتهم، وباتوا في عداد الموتى، بحيث تتعذر ملاحقتهم، وتنفيذ الاحكام بحقهم. وهذا الامر، مصدر ادانة للجهات التي ينتمون اليها، اذ انها في معرض عدم تجاوبها مع المحكمة، اخفت الادلة التي يحملها هؤلاء المخفيين.
واذا كان "حزب الله" يتعامل وفق لامبالاة ظاهرة مع المحكمة، وبالتالي مع الحكم، منذ اليوم الاول لقيام المحكمة بطابعها الخاص، ويعتبر انها وجدت لادانته سلفا، وقد اعد مناظرة ودراسات تدحض قانونية تلك المحكمة، واستعان انذاك بالمستشار الحالي لرئيس الجمهورية سليم جريصاتي، فان الانظار تتجه الى لاهاي لاسباب عدة. اولها الكلام الذي سيطلقه الحريري الابن بعد القرار. وعلمت "النهار" انه اعد كلمة للمناسبة، مع فريق عمله، وهو سيوجهها مباشرة بعد صدور الحكم، يتوجه فيها الى المجتمع الدولي، والى الانصار وجمهور رفيق الحريري و"تيار المستقبل"، كما الى اللبنانيين عموما، وستكون كلمة حازمة وحاسمة، لا تخاذل او تهاون فيها، لكنها لا تقود حتما الى خلق فتنة بين اللبنانيين، اذ ان الحريري الابن، وفق قريبين منه، حريص على السلم الاهلي، وخصوصا في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان، وبعد الكوارث التي حلت باللبنانيين، واخرها الانفجار الكارثي في المرفأ، والذي يرقى في حجمه الى العملية الارهابية التي اودت بوالده.
ومن المعلوم، اذا لم تحصل اي مفاجآت، ام المحكمة تصدر احكامها في حق افراد وليس مجموعات سياسية واحزاب وانظمة، اي انها ستدين افرادا ينتمون الى "حزب الله" من دون توجيه تهم مباشرة الى الحزب. واما تنفيذ الاحكام فيترك للدول ما لم تطلب مساعدة الانتربول لتوقيف الاشخاص المطلوبين وملاحقتهم. لكنها في حالة لبنان، تصبح عملية مستحيلة بعدما اعلن عن وفاة المدانين المتوقعين.
سياسيا، لفت امس المؤتمر الصحافي لرئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الذي اراد توجيه رسالة الى الحزب عشية صدور الحكم، بانه لن يتخلى عن حليفه مهما اشتدت الظروف رغم الخلافات التي قد تنشأ في ملفات داخلية بين الطرفين، لكن هذه الخلافات لا تمتد الى الصراعات مع الخارج، وخصوصا مع اسرائيل، في رسالة ضمنية الى المواجهة ايضا مع المحكمة التي يعتبرها الحزب صنيعة اميركا واسرائيل.
48 ساعة مفصلية لحكم الحريري وما بعده
من صباح اليوم الاثنين الى مساء غد الثلثاء سيُصبِح الحدث اللبناني في مكان آخر طال انتظاره منذ 15 عاما حين اهتز لبنان والمنطقة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005 .
كل الأنظار ستشخص غدا الى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي ستلفظ حكمها في جريمة العصر التي أودت بالحريري والتي استوجبت إحالة الجريمة على القضاء الدولي . وإذ يتوجه نجل الشهيد ووارثه السياسي الرئيس سعد الحريري اليوم الى لاهاي مع وفد يرافقه لحضور جلسة النطق بالحكم فان الحدث سيغدو مزدوجا عقب اعلان الحكم اذ سيكون للحريري الابن موقف يتسم بأهمية بارزة ومفصلية سواء فيما يتصل بحيثيات الحكم كما سيصدر او بموقف الحريري ودلالاته وإبعاده التي ترصدها مختلف الأوساط الداخلية والخارجية.
أهمية الحكم لا تقف فقط عند حدود الإدانة المرتقبة ما لم تكن هناك مفاجأة كبيرة للمتهمين الأربعة في الجريمة من”حزب الله ” وما سيتركه ذلك من تداعيات عميقة واكثر اثرا بكثير مما حاول الأمين العام للحزب التقليل منها في كلمته الأخيرة بل تتمدد هذه الأهمية الى تداعيات توقيت الحكم وتزامنه مع احتدام لحظة داخلية شديدة التأزم عقب الانفجار الزلزال الذي ضرب مرفأ بيروت ووضع لبنان امام واقع غير مسبوق من الخطورة استعاد معه الاهتمام الدولي المتعدد القطب. ومع ان ترقب صدور الحكم في اغتيال الحريري سيشكل الاختراق الكبير المتوقع للحظة التحركات الدولية والمحلية الكثيفة التي طبعت المشهد اللبناني منذ أنفجار 4 آب فان معظم الاهتمام سيتركز على رصد الأثر القوي والمباشر للحكم وتاليا الموقف الذي سيتخذه الرئيس سعد الحريري منه على مجريات استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة تكليفا وتأليفا بعد مرور الساعات الثماني والأربعين المقبلة . ذلك ان مجريات الاستحقاق الحكومي بدت عالقة على جمود كبير يخشى ان يتمدد لفترة غير قصيرة مع عدم بروز أي عوامل جدية بعد من شأنها بلورة الاتجاهات الجدية للتكليف أولا والتوافق على طبيعة تركيبة الحكومة علما ان بعبدا عاودت العزف كما في تجربة تشكيل الحكومة المستقيلة على اشتراط اكتمال كل التفاهمات المسبقة على التكليف والتأليف قبل تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الشخصية التي تحظى بأكثرية النواب لتأليف الحكومة الجديدة .
وإذ لا تبدو الأيام المقبلة على الأقل مرجحة لتحديد مواعيد الاستشارات فان كل الأنظار ستكون مشدودة لرصد نبرة الرئيس سعد الحريري ومضمون موقفه بعد صدور الحكم غدا لان كثيرين سيربطون ما يتردد عن عودته الى رئاسة الحكومة الجديدة بتداعيات الحكم فضلا عن أمور كثيرة جوهرية أخرى يبدو ان الحريري ليس في وارد المساومة حيالها وتشكل شروطا ثابتة له للعودة والا لن يقبل بهذه العودة .
ولذا اكتسبت زيارة السفير السعودي وليد بخاري لبيت الوسط مساء امس ولقائه الرئيس الحريري عشية توجهه الى لاهاي بعدا بارزا عبر عن تعمد إظهار السفير السعودي الأهمية الكبيرة التي تعلقها على صدور الحكم وما سيتركه من انعكاسات داخلية وخارجية.
وعبر السفير السعودي عن ذلك بقوله ” نؤكد وقوف المملكة التام وتضامنها مع الشعب اللبناني الشقيق وجميعنا نترقب ساعة النطق بالحق والحقيقة من محكمة دولية بحجم الشهيد رفيق الحريري . العدالة الإلهية ستنتصر لدم الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وتضع لبنان على خارطة تحقيق السلم الدولي ” .
48 ساعة مفصلية لحكم الحريري وما بعده
تعليقات: