المربية سناء علي نعيم عبدالله

كنت بحالة كآبة عندما توجهت يوم أمس إلى أمانة السجل العقاري في مرجعيون لإنجاز معاملة.. ذلك كوني كنت أسمع الكثير عن المعاناة وعن الساعات الطوال وأحياناً الأيام العديدة التي يقضيها المواطن لدى بعض الدوائر الرسمية في هذا البلد..

لحظة وصولي توجهت فوراً إلى مكتب أمين السجل العقاري الأستاذ يوسف شكر، بداية فوجئت بباب مكتبه الذي كان مفتوحاً أمام جميع المراجعين.. إستقبلني بابتسامة،.. أمسك بالملف الذي كان بحوزتي وطلب مني "التفضل بالجلوس والانتظار"، كلمة حقٍ تقال أنه إنسان في كامل الروعة والأخلاق والذكاء والمعاملة الجيدة...

دقائق قليلة وبدأ بدراسة ملفي، لكنه فجأة توقف عن عمله عندما شاهد في الممر رجلاً مسناً، مقطوع الساق كان يتكئ على عكازات، فطلب منه التفضل لمكتبه وعمل على انجاز ماملته، بعدها عاد وأكمل دراسة ملفي، ثم أرشدني إلى مكتب بجانبه حيث يوجد موظفة كانت بمنتهى اللطافة والذوق.. دقائق قليلة وطلبت مني التوجه إلى مكتب آخر لاستلام الإيصال.

خلال أقل من نصف ساعة استلمت الإيصال وشعرت كأني في دائرة ببلد حضاري، نظام ما بعده نظام، هدوء نظافة، ترتيب.. لم أرى أحداً، من الموظفين أو المراجعين، من دون كمامة.

بعد انجاز المعاملة، لم أشأ الخروج من الدائرة إلا بالعودة إلى مكتب الأستاذ يوسف لتقديم الشكر والامتنان له على حسن أدائه وإدارته وحسن تعامله وتعامل موظفي دائرته مع المراجعين. الناس كلهم سواسية في هذه الدائرة من دون وساطة (طبعاً عدا الإهتمام الزائد الذي لاقاه الرجل المسن المعوّق).

لا بدّ من القول أنه لو كانت إدارة كل الدوائر الرسمية في لبنان مثل هذه الدائرة، لكان بلدنا بألف خير. وما أحوجنا في هذا البلد إلى شبان متعلمون، مثقفون يديرون شؤنه ومؤسساته يحرصون على المال العام بقدر حرصهم على راحة المواطن وتسهيل أموره، كالأستاذ يوسف شكر الذي لم أكن أعرفه من قبل إنما كان لي شرف التعرّف عليه يوم أمس.

الأستاذ شكر (الله يحميه ويحمي كل الشباب) هو ذلك الشاب المثقف الذي بفضل ذكائه وفطنته ولباقته وحسن إدارته، نجح في محو الصورة الضبابية عن الدوائر الرسمية اللبنانية التي كانت محفورة في مخيلتي، كما نجح في تحويل روح الكآبة عند دخول الدوائر إلى إحساس آخر كمن يدخل إلى بيته. تلك المشاهدة من المفيد الإضاءة عليها لأن أملنا كبير بشباب هذا البلد.

* المربية سناء علي نعيم عبدالله

أمين السجل العقاري في مرجعيون الأستاذ يوسف شكر، كامل الروعة والأخلاق والذكاء، باب مكتبه مفتوح على الدوام أمام الجميع

مبنى الدوائر العقارية في مرجعيون

المربية سناء علي نعيم عبدالله - أرشيف