البَرَد والدولار يضربان موسم التفاح... والفطريات \"لم تقصّر\"!


بدأ موسم قطاف ال#تفاح الأسبوع الماضي، وبدأت معه معاناة المزارعين، سواء بكميات الإنتاج أم بنوعيته أو بطرق تصريفه أو بالبحث عن بيعه دون خسائر. موجة البَرَد الشتاء الماضي، وارتفاع سعر ال#دولار ضربا جزءًا كبيراً من #موسم التفاح لهذا العام، إذ من ناحية انخفضت كمياته، ومن ناحية أُصيبَ بعضه بالتبقّع، أي تأثّرت نوعيته. فضلاً عن تقاسم التجار المزارعين على أرباحهم. في هذا التقرير نعرض مشاكل موسم التفاح لهذا العام في ظل الأزمة الاقتصادية.

إذا ما بدأنا بأسعار التفاح في الأسواق، يتراوح الكيلو منه بين 4990 و6750 ليرة. وبالطبع المزارعون هم الحلقة الأضعف في هذه التجارة خاصة في ظلّ ارتفاع سعر المستلزمات الزراعية جراء ارتفاع سعر الدولار. إذ يشتري التجار منهم محصول التفاح، ويبيعونه في السوبرماركت بأسعارٍ مضاعفة عن الأسعار التي يبيع بها المزارع. فهذا الأخير يبيع كيلو التفاح بـ 2500 ليرة، بينما التاجر يبيع كيلو التفاح بـ 4000 ليرة وما فوق. وبذلك يتقاسم التجار نصف ربح المزارعين ويربح أضعاف ربحهم، وتعب المزارع يذهب نصفه للمستلزمات الزراعية والنصف الآخر لأصحاب المحلات والتجار، هذا ما يرويه أحد مزارعي التفاح.

هناك مشكلتان في موسم التفاح لهذه السنة، فهو مضروبٌ من ناحيتين: من ناحية موجة البَرَد التي حلّت على بعض المناطق في الشتاء الفائت، ومن ناحية التبقّع (مرض فطري) الذي أصاب التفاح بسبب تقليل بعض المزارعين من رشّه بالمبيدات بسبب غلائها، لأنّهم اضطروا إلى شرائه على سعر 8000 للدولار، بينما مبيعهم بالليرة، بحسب أنطوان الحويك، رئيس جمعية المزارعين. وهناك مناطق في لبنان أصاب تفاحَه التبقّعُ أكثر من مناطق أخرى، فهناك فترة في هذه السنة ارتفعت الرطوبة والحر فيها كثيراً، وفي هذه الحالات تزيد الأمراض الفطرية على المزروعات. لذا، كان من المفترض أن تُرَش فوراً إلّا أنّ المزارعين اشتروا أدوية رخيصة وقلّلوا قدر المستطاع من الرش، ومَن لم يرش في الوقت المناسب أيضاً عانى من هذه المشكلة.

والتفاح المضروب، وفق حويك، لا يُتلَف، إنّما يُباع في سوق الجملة بأسعارٍ متدنية ويكون "تفاح باب ثاني أو ثالث" بسعر حوالي 2000 ليرة بالمفرق، بينما التفاح الجيد يُباع بـ 4000 أو 5000 ليرة. وعادة ما تشتري الأسواق الشعبية التفاح المضروب لرخص ثمنه.

مبدئياً، ثمن الكيلو من التفاح الجيد بسعر الجملة 2000 ليرة وهذه البضاعة إجمالاً تُعدّ للتصدير ولا يشوبها أي شائبة. والآن يراوح سعر كيلو التفاح ذي الحبة الصغيرة حوالى 750 ليرة بالجملة وصولاً إلى 2500 ليرة.

صادرات تفاحنا هي إجمالاً نحو مصر. وبحسب الحويك، فإن التجار المصريين مبدئياً سيستوردون التفاح هذه السنة من لبنان، لكن ما زالت سوق التفاح تتحضّر لزبائنها. ومع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية وارتفاع الدولار، سيرتفع الطلب على التفاح اللبناني في الخارج. وفي هذا الإطار، يعتقد أنّ الأسواق اللبنانية ستبيع التفاح ذا الباب الثاني لأنّه أرخص. وبرأيه، سعر التفاح لا يرتبط بارتفاع الدولار، إنّما يخضع إلى العرض والطلب في الأسواق.

بدوره، يرى أمين سر التعاونية الزراعية في عيناتا البقاعية، رواد رحمه، وهو أيضاً مزارع، أنّ هناك مشاكل عدة في موسم التفاح، أوّلها انخفاض مدوٍّ في إنتاج المنطقة من التفاح. إذ كانت عيناتا تنتج مئتي ألف صندوق تفاح، لكن هذه السنة قد تنتج كحد أقصى 60 ألف صندوق، وذلك بسبب البَرَد الذي ضرب جميع المزروعات بداية العام وكان التفاح على الشجر، كما ضرب براعم التفاح أيضاً التي لا يمكن أن تنتج بهذه الحال لمدة سنتين، بالإضافة إلى عوامل الطقس الحار.

ويلفت إلى أنّ هذه المشكلة كائنة ليس فقط على نطاق عيناتا وإنّما أيضاً في مناطق أخرى مثل بشري التي كانت تنتج مليون قفص من التفاح، لكن هذا العام قد تنتج كحدّ أقصى 50 ألفاً فقط، فهي أيضاً تعرّضت لموجة البَرَد نفسها وأسعار التفاح هناك منخفضة جداً، كما هي الحال في منطقة العاقورة. نحن في عيناتا نبيع أفضل بقليل من المناطق الأخرى إذ يزيد ثمن صندوق التفاح لدينا عنهم بين 5000 و10000 ليرة.

ويضيف رحمة أنّ مشكلة ارتفاع سعر الدولار أيضاً جعلت مزارعي التفاح يخسرون. و"كان من المفترض أن نشتري جميع المستلزمات الزراعية على الدولار المدعوم لكنّنا اشتريناها على سعر 8000 و9000 ليرة، وبذلك عندما نبيع محصولنا من التفاح نبيع بخسارة، لا دولة تنظر بوضعنا وليس هناك أي خطوة بهذا الإطار، تركونا نتخبّط وحدنا"، يشتكي رحمة. إذ من المفروض أن يبيع صندوق التفاح الذي يزن 22 كيلو بـ 8 دولارات كأدنى سعر ليستردّ رأسماله، لكنّها لن تُباع بأكثر من 4 دولارات، وبذلك لا يسجّل أرباحاً ويكون قد استرجع أكلافه فقط. فكلفة تنكة المازوت وحدها بـ 28 ألف ليرة لسقي التفاح، بينما كان سعرها الرسمي بين 16 و17 ألف ليرة، و"الدولة رفضت توفير المازوت لنا بالسعر الرسمي، وهناك مافيات تتحكم بنا"، وفق رحمة.

ويشرح رحمة أنّه لم يعد حتى باستطاعتهم التصدير إلى مصر، لأنّ كلفة #زراعة التفاح هنا أغلى من السعر في مصر، بالتزامن مع دخول التفاح التركي ذات الكلفة الأقل على مصر. ويحاولون إيجاد أسواق تصريف محاصيلهم، لكنّها ليست كما يريدون، فالتاجر يشتري منّا التفاح "بتراب المصاري" ويبيع الكيلو منها بالسوبرماركت بأثمان باهظة، "عملياً التجار يعملون بمالنا".

موسم التفاح جيّد هذا العام، وشجر التفاح يحمل بشكلٍ مقبولٍ وخالٍ من الأمراض، وفق رئيس تجمع فلاحي ومزارعي البقاع، ابرهيم ترشيشي. لكن المزارع الذي لم يرشّ مزروعاته، خسر محصوله، وشركات المستلزمات الزراعية التي كانت تقرض المزارعين، أوقفت هذه الخدمة ولا تقبل سوى بالتعامل نقداً وبالدفع مسبقاً.

ويشرح أنّ ما يحدث يطال جميع المزارعين وليس فقط مزارعي التفاح، فإذا احتسب أرباحه ورأسماله على الدولار يجد نفسه خاسراً، أمّا إذا احتسب أرباحه على الليرة يجد نفسه رابحاً. لكن ما هو أكيد، أنّ على دولار 4000 ليرة يربح المزارع بالتأكيد، أمّا أكثر من ذلك فهو يخسر حتماً.

والمشكلة الأساسية، برأيه، هي كلفة الإنتاج الباهظة، وهنا يقترف وزير الاقتصاد خطأً من خلال دعم سلعٍ لاستيرادها إلى لبنان، ولا يدعم الأساس الذي ينتج له الكثير أي المستلزمات الزراعية.

تعليقات: