بعد أربع سنوات من التحقيق، وبعد سنة من صدور حكم الاستئناف في قضية التخابر غير الشرعي، صدر القرار الظني في قضية الانترنت غير الشرعي. ١٦ متهماً أحيلوا على القاضي المنفرد في المتن، بتهم الاختلاس والتهريب وهدر المال العام والتهرّب الجمركي والضريبي، إلا أن النيابة العامة استأنفت القرار، بسبب منع المحاكمة عن بعض المدّعى عليهم. تلك خطوة لن تؤثر على مسار القضية التي أدت إلى اختلاس ما يصل إلى ٢٠٠ مليون دولار، وتورّطت فيها «رؤوس كبيرة»
قبل أيام من انفجار ٤ آب، أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان حنّا البريدي قراراً ظنياً بحقّ عدد كبير من المدعى عليهم باستجرار الانترنت بطريقة غير شرعية، وهدر المال العام والتهرب من دفع الضرائب. الفضيحة كانت كُشفت في العام ٢٠١٦، بعد أن قدّم عدد من شركات الإنترنت المرخصة شكوى لوزير الاتصالات آنذاك بطرس حرب يتهم فيها ست شركات بالعمل على استقدام الانترنت من تركيا إلى لبنان بطريقة غير شرعية عبر تركيب أجهزة استقبال كبيرة في أعالي الجبال، وتحديداً في جبل صنين، والزعرور، وجرد تنورين، وجرد الضنية. حينها، وصفت هذه الشركات الانترنت غير الشرعي بأنه قطاع ضخم جداً يسيطر على أكثر من ٣٠ في المئة من سوق الانترنت، وينتشر في جميع الأراضي اللبنانية، من دون أي رادع.
في ٤ آذار ٢٠١٦، أحال حرب الشكوى إلى النيابة العامة المالية، بعد أن كان المدير العام للاستثمار والصيانة عبد المنعم يوسف قد طلب من المديريات المعنية في أوجيرو الكشف الميداني على أماكن الانترنت غير الشرعي. تولى رئيس فرع التحقيقات والشكاوى الداخلية مصطفى أمين المهمة آنذاك، وكانت البداية في ٢٦ شباط، حين ضبطت كابلات ألياف ضوئية غير شرعية لنقل المعلومات في منطقة عيون السيمان، تعود لهاغوب تاكيان الذي أقرّ بملكيته للمعدات. والأمر نفسه تكرر مع ضبط معدات أخرى في المنطقة نفسها تعود لعماد لحود. كذلك، تبين وجود محطة إنترنت غير شرعي في منطقة باكيش - فقرا، تعود لجوزيف رينو سماحة، الذي اعترف بدوره بملكيته لجميع الأجهزة المصادرة. وكذلك عمد فريق أوجيرو إلى مداهمة محطة في الضنية - جرد النجاص، حيث ضبط فيها معدات استجلاب الطاقة، وتبين بعد الولوج إلى «السيرفيرات» أن المحطة تستمد الانترنت من قبرص التركية.
في ذلك الوقت، عمدت لجنة الاتصالات النيابية إلى مواكبة الأمر بجلسات مكثفة، كانت تحث فيها القضاء على الذهاب في الملف حتى النهاية. رئيس اللجنة حينها، النائب حسن فضل الله، كان قد أكد أن متابعة هذا الملف هي من أولويات اللجنة، لكونه يمثّل وجهاً من وجوه الفساد الذي كلف الدولة أموالاً طائلة، علماً بأن التحقيقات بيّنت حينها أن مؤسسات حكومية عديدة كانت تشتري السعات الدولية من الشركات التي تستجرّ الانترنت بشكل غير شرعي، ومنها رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والجيش، إضافة إلى شركتي الخلوي.
مرت أربع سنوات على كشف الفضيحة، تولت خلالها مخابرات الجيش التحقيق وكذلك مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي، قبل أن يُحوّل الملف إلى القضاء، حيث تولى القاضي رامي عبد الله التحقيق، وأكمله البريدي، حتى أنهاه في ٢٩ تموز، بعدما شمل الادعاء ٢٧ شخصاً، اشتبهت النيابة العامة في قيامهم بتركيب واستجرار الانترنت بطريقة غير شرعية مع اختلاس وهدر المال العام والتهرّب من دفع الرسوم والضرائب، وإدخال معدات من دون جمارك، في الجرائم المنصوص عنها بالمادة الاولى من المرسوم 156/83، والمادة الثانية من القانون 623/97 والمادة 770 عقوبات والقانون 461/2000.
استئناف القرار الظني يؤجّل تحويل القضية إلى القاضي المنفرد
بنتيجة التحقيقات، أصدر البريدي قراراً ظنياً بـ ١٦ مدعى عليه، هم: رينو سماحة، ديب المحمد، خالد ثمين، هاغوب تكيان، هيثم علّوش، روبير صعب، توفيق حيسو، حسن عجم، حسن مرتضى، وليد حويس، مازن الخوري، عماد لحود، انطوان ملحم، عبد الله عدرا، محمد جنيد، وطانيوس الحداد. كما منع المحاكمة عن أحمد الحواش، علي التنوخي، رالف الخوري، يوسف بلال، قاسم غراب، أحمد الحصني لعدم الثبوت.
ميزة هذا الادعاء، بحسب مصدر متابع، أنه يطال كل «الرؤوس الكبيرة» المشتبه في تورطها في القضية، وفي تكريسها هدر المال العام والانتفاع بشكل غير مشروع، وعلى حساب الدولة اللبنانية، بالرغم من طول مدة التحقيق المرتبطة بالعدد الكبير من المتورطين.
إضافة إلى جرم الاختلاس وهدر المال العام والتهريب، شملت التحقيقات جرم فض الأختام (٣٩٥ عقوبات)، فلم يتبين تورّط كل من عماد لحود، وهاغوب تاكيان، وميلاد زغيب وعماد صقير وشربل عقيقي وشربل طايع.
وبالنتيجة، أحال البريدي الملف إلى القاضي المنفرد الجزائي في المتن. لكن تبيّن أن الادعاء العام استأنف قرار منع المحاكمة عن 6 مدعى عليهم، فأحيلت القضية على الهيئة الاتهامية في بعبدا.
تعليقات: