في ظل ما يعانيه الوطن ومواطنيه من ضغوطات إقتصادية وحياتية وإجتماعية وطبية جراء وباء الكورونا، والإرتفاع الهائل لأسعار السلع الإستهلاكية على اختلافها وتوقف معظم المؤسسات الإنتاجية وتدني القيمة الشرائية للعملة اللبنانية حيث لم يعد بمقدور أية عائلة الإستمرار من العيش في ظل هذه الأجواء، فكان لبعض النساء ربات البيوت، دور بتحدي هذا الواقع في المساعدة للنهوض نوعًا ما من هذه الضائقة بالإتكال على الذات والخبرات، كل ضمن إختصاصها. ومن بين هؤلاء النساء السيدة أولينا أبونقول، إوكرانية الجنسية، متأهلة منذ ٢٣ عاماً من الدكتور شكرالله مخايل أبونقول من بلدة كوكبا – قضاء حاصبيا، التي أمتهنت صناعات حرفية زخرفات لرسومات تلصقها على طاولات خشبية وخزائن المطبخ والنوم والأبواب وما شابه، بحرفية مميزة وذوق رفيع لتبدو كأنها لوحة طبيعية.
كذلك إمتهانها للتصنيع الغذائي والزراعي وتحضير المونة البلدية من مكدوس ومربيات وحبوب وغير ذلك.
وكان لموقع مجلة كواليس لقاء معها تناول هذا الجانب من إهتماماتها فقالت:
- كوني ولدت في عائلة بأوكرانيا ووالدتي كسائر السيدات الأوكرانيات والروسيات الخبيرات في صناعة المونة البيتية من مكدوس ومربيات وخلافه لمواجهة فصل الشتاء القاسي والطويل. وعندما تزوجت من اللبناني الدكتور شكرالله مخائل أبونقول تنقلنا في أسفارنا للدراسة والإقامة في عدة دول، بينها خمس سنوات متواصلة في إيطاليا حيث لفتني الفن الإيطالي وتأثرت به سيما الإبداع في فن الرسم والنحت والهندسة العمارية وصولأ الى فن التصنيع الزراعي والغذائي، فتابعت العديد من الدورات أغلبها في الجنوب الإيطالي وتحديدا في مدينة نابولي وجزيرة صقلية حيث الثقافة والفن وحتى المأكولات تشبه لحد كبير الثقافة والذوق اللبناني. عدنا بعدها الى بلدي الثاني لبنان الذي أعشق، ومنذ عشر سنوات إستقرينا هنا في بلدة زوجي الجنوبية كوكبا – قضاء حاصبيا.
وتحسسًا مع زوجي والضائقة المعيشية التي نعيشها كما معظم العائلات اللبنانية، فقد توجهت نحو فن ال Découpage أي إبتكار وإستحداث زخرفات على الطاولات الخشبية وخزائن غرف النوم والمطابخ والحمامات المصنوعة جميعها من الخشب، أكانت قديمة أو حديثة، إضافة لصناعة علب متعددة الأحجام والألوان التي توضع فيها مظاريف الشاي والأعشاب الأخرى، كذلك صواني القهوة والشاي و النقولات والتبلوهات بالإعتماد على محارم الورق الملونة بعدة ألوان كالتي تستخدم على مائدة الطعام، فالصقها على السطح المخصص مهما كان نوعه ووضعه وقِدم عهده بعد وضع عليها مادة لاصقة خاصة، ثم أضع فوقها معجونة لكر الكيريليك ويتم تكرار العملية لأربع مرات بالتزامن مع وضع مادة اللكر Alkid وهي المادة التي تستعمل في طلاء السفن لتصبح مقاومة للماء والحرارة، وبهذه العملية الإحترافية أحصل على منجور واوانٍ بمثابة لوحات طبيعية فريدة، ولدي مشغل خاص مع المعدات والأخشاب والمواد اللازمة التي تستعمل في هذه الصناعة وقد ساعدني بذلك خلفية إختصاصي الجامعي كمهندسة. .
أما عن صناعة التصنيع الغذائي، قالت السيدة أولينا أبو نقول:
إنه مرتبط بالعادة التقليدية والخبرة في بلادنا حيث والدتي وسائر السيدات الأوكرانيات والروسيات الخبيرات في تحضير المونة البيتية لمواجهة فصل الشتاء القاسي والطويل. وقد أكتسبت منذ الصغر هذه الخبرة، وها أنا أُطبقها في بلدتي كوكبا التي تزدهر بأنتاج الزيتون والزيت والكثير من أصناف الخضار والفاكهة الصيفية، فأهتم بصناعة كافة أنواع الكبيس من خيار وقثاء وبندورة وفليفلة وباذنجان، وخل العنب والتفاح والزعتر والمربيات من تين وتفاح ولقطين، وأكيدنيا والليمون أبو صفير ، بالإضافة الى اللبنة "المكعزلة" بزيت الزيتون والكشك وغيرها، وصناعة الصابون البلدي المعروف وقد طورته ليصبح صابون بلدي سائل... أما البندورة المجففة على حرارة الشمس والتي توضع في مرطبان مع الزيت والحر الأحمر والأسود وعشبة إكليل الجبل والثوم فهي من أكثر المنتاجات التي لاقت إعجاب زبائني في كل لبنان.
أخيراً أود أن أذكر فضل والدة زوجي التي كان لها الدور الكبير في تعلمي هذه الصناعة.
كل ذلك ساعدني في تحسين مستوى معيشتنا وتأمين مأكولات بيتية نظيفة خالية من أية مركبّات أو مواد حافظة، وبالتالي أعتبر نفسي سيدة منتجة وفاعلة في المجتمع وأتمنى على كل سيدة أن تسعى للعب دور إنمائي عملي في مجتمعها لأجل بناء أسرة سعيدة.
العنوان: كوكبا- قضاء حاصبيا هاتف: 76/178577
* المصدر: مجلة كواليس
* حوار رئيس التحرير فؤاد رمضان
تعليقات: