رغم المطالبات والكتب الخطية التي حاولوا إيصالها للواء محمد خير، إلا أنه في كل مرة كانت هناك مماطلة
قبل ثلاثة أشهر، انفجر منزل خليل الزير في بلدة تمنين التحتا البقاعية. تطاير البيت، وبعض منازل الجيران، «أشلاء» إثر نشوب حريق أدى إلى انفجار قارورتي غاز. لم تقتصر الأضرار على ذلك، إذ أصيب الزير وأطفاله وعدد من جيرانه بحروق من الدرجتين الثانية والثالثة. يومها، نقل هؤلاء إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة، ولكن، بسبب خطورة الحروق، كان لا بدّ من البحث عن مستشفى متخصص، وهو ما ليس متوفراً سوى في بعض مستشفيات العاصمة، ومنها مستشفى الجعيتاوي. مع «بعض الاتصالات»، تأمّنت الأمكنة، ولكن بدأت معها معاناة أبناء تمنين الفوقا الذين وجدوا أنفسم وحدهم «بلا دولة»، على ما يقول الزير.
لم يأت عتب الزير على الدولة من فراغ، وإنما خلال معاناته، لمس الغياب الكامل، حتى «عن أبسط الحقوق، والتي هي الدخول إلى المستشفى». فحتى في حقٍ بديهي كهذا، «كنا بحاجة إلى إجراء اتصالات للحصول عليه». واليوم، ثمة عتب أكبر، وخصوصاً بعد الانفجار المشابه الذي حدث في الطريق الجديدة، والذي «فتحت خلاله أبواب المستشفيات للجرحى، وعلى نفقة وزارة الصحة بحسب ما أوعز وزير الصحة العامة حمد حسن». أما بالنسبة إلى ابن بلدة تمنين، فلا يزال حتى اليوم «عم إدفع من دم قلبي فروقات الوزارة عني وعن عيلتي وعن جيراني وصرت دافع أكتر من 20 مليون ليرة».
يحاول الزير أن يقارن بين الانفجارين، فلا يجد بينهما فوارق. رغم عدد الضحايا الأكبر في الطريق الجديدة، ولكن «في النهاية، الانفجاران نفطيان: غاز ومازوت». مع ذلك، لم تكن «المعاملة متشابهة»، يقول. ففي الانفجار الأخير، «تأهب الكل من وزارة الصحة إلى الهيئة العليا للإغاثة». أما في تمنين، فلا أحد حرّك ساكناً، «حتى الهيئة العليا للإغاثة لم تعر الأمر أهمية، ولم تعط الإذن بالكشف أو التعويض»، وهو ما يؤكده رئيس بلدية تمنين الفوقا حسين جانبين، لافتاً إلى أنه «رغم المطالبات والكتب الخطية التي حاولنا إيصالها للواء محمد خير، إلا أنه في كل مرة كانت هناك مماطلة»... إلى أن حدث التفجير الأخير «ورأينا وزير الصحة العامة كيف سارع إلى الإيعاز للمستشفيات باستقبال المصابين على نفقة الوزارة، وكيف كشف اللواء خير على مكان الانفجار، واعداً بالتعويضات». وهنا، يسأل جانبين: «هل أهل تمنين الفوقا لا يستحقون التعويض عن تفجير لم يكن ناجماً عن خطأ شخصي لسوء التخزين؟».
كل المساعي فشلت هنا، ووصل الأمر إلى حدّ طلب جانبين المساعدة من ابن البلدة وزير الزراعة عباس مرتضى «الذي تواصل أكثر من مرة مع خير، من دون طائل».
ثلاثة أشهرٍ من المماطلة والمراوحة، فيما صاحب المنزل المتضرر يجاهد في كل يوم لتحصيل المال لدفع المستحقات المالية و«فروقات وزارة الصحة»، فضلاً عن سعيه لمحاولة تأمين تعويضات مالية للمصابين وعائلاتهم، وخصوصاً أن من بينهم من بات بلا عمل. فهل ستسمع الدولة أنين خليل الزير ابن بلدة تمنين الفوقا؟ أم تتركه يواجه قدره الذي فرض عليه أن يكون ابن إحدى بلدات بعلبك الهرمل؟
تعليقات: