سجينات بعبدا يهربن بشراشف النوم


هربت فجر أمس خمس سجينات من سجن بعبدا، وتمكّنت قوى الأمن من القبض على إحداهن كانت قد أصيبت برضوض أثناء نزولها من نافذة السجن بواسطة شراشف معقودة. وضع السجن لا يستوفي أدنى المعايير الدولية. هل ستتحرّك الحكومة القادمة لإصلاحه؟

«نزلوا متل العسكر» قال أحد رجال الأمن الداخلي الذين تمركزوا أمس عند الحائط الغربي لسجن النساء في بعبدا، متحدّثاً عن السجينات الخمس اللواتي هربن من السجن المذكور فجر أمس.السجينات الخمس، وكما تشير التحقيقات الأوّلية، استخدمن حبلاً كان حتى ما بعد ظهر أمس متدليّاً من النافذة التي هربن منها، والتي تعلو عن الأرض نحو 12 متراً. الحبل الممدود مكوّن من شراشف بيضاء وخضراء معقود بعضها ببعض، ويخترق شجرة ملاصقة لحائط السجن، وبقي مرتفعاً عن الأرض نحو متر واحد.

المكان الذي يرجّح أن السجينات خرجن منه لا يبعد سوى أمتار قليلة عن منطقة حرجية كثيفة تفصل السجن عن طرق عامة، وتُشرِف على مباني الجامعة الأنطونية في بعبدا. وتشير التحقيقات الأوّلية إلى أن السجينات تمكّنّ من استخدام آلة حادة لقطع الحديد المثبّت على النافذة، ثم نزلن متمسكات بالحبل، وتوجهن إلى الحرج المجاور، ومنه انطلقن كل إلى قصدِها. ومما سهّل عملية الفرار أن الجهة التي خرجت منها السجينات لم تكن خاضعة للمراقبة، إذ تغيب عنها الحراسة البشرية أو كاميرات المراقبة. إضافة إلى ذلك، لا تحيط بها أي أسلاك شائكة، ولا يوجد أي عائق للخروج أمام نزيلات السجن سوى الحديد المثبّت على النوافذ، الذي يبدو للعيان أن الصدأ التهم جزءاً منه.

عملية الفرار التي حصلت بعد منتصف الليل كانت سهلة جداً، لكن ما أدى إلى اكتشافها بسرعة هو سماع رجال الأمن ضجة وصراخاً صادرين من الجهة الغربية للسجن. وعندما عاين الأمنيون المكان لم يجدوا سوى الحبل المتدلي من النافذة. فتّشوا الغرف ليتيقنوا من فقدان خمس سجينات، فأعلموا غرفة العمليات في قوى الأمن الداخلي. بدأ تفتيش الحرج المقابل للسجن، وسيِّرَت الدوريات من مختلف القطعات الأمنية. وبعد أكثر من ساعتين، عُثِر على إحدى السجينات الهاربات في منطقة بئر حسن، قرب مدرسة المروج. ونظراً إلى إصابتها بجروح ورضوض نتيجة انزلاقها أثناء عملية الفرار، نُقِلَت إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي للعلاج. ورجّح المحققون أن تكون الضجة والصراخ ناجمين عن سقوط إحدى السجينات عن الحبل خلال فرارها.

سهولة الفرار وضعف الإجراءات الأمنية ليسا الاستثناء الوحيد في سجن النساء في بعبدا. فالقادم إلى المكان من قصر عدل بعبدا المجاور لن يتنبّه إلى وجود السجن في المنطقة المحاطة بمبانٍ شاهقة أكثرها غير مكتمل. ولولا وجود اللوحة المرفوعة فوق المدخل الرئيسي، لما تنبّه أحد إلى أن المبنى الصغير المنزوي بين مستوصف للجيش وكلية العلوم الطبية في الجامعة اللبنانية هو سجن. من جهة المدخل الرئيسي، يبدو السجن منزلاً سكنياً عادياً جدّد طلاؤه الخارجي حديثاً، وهو غير مبني في الأساس ليكون مؤسسة إصلاحية. لا يفصل السجن عن مستوصف الجيش الملاصق له سوى شريط شائك على السطح. ولا تظهر في المحيط أي كاميرا للمراقبة. على بعد أقل من عشرة أمتار من المدخل الرئيسي للسجن، عوائق حديدية يمكن تجاوزها والوصول إلى المدخل أو إلى المستوعب المخصص لنوم رجال الدرك المكلّفين بحراسة سجن النساء.

السجينات الفارّات هن خمس: أم وابنتها محكومتان بالسجن مدة خمس سنوات بجرم مخدرات، وسيدة في العقد الرابع موقوفة بجرم القتل والسرقة، وأخرى موقوفة بجرم مخدرات، إضافة إلى شابة موقوفة بجرم النشل والسرقة. وقد بدأت قطعات الدرك والشرطة القضائية وفرع المعلومات البحث عن الهاربات، فيما بدأ التحقيق مع أفراد الأمن المكلّفين بحراسة السجن، إضافة إلى التحقيق مع نزيلات السجن الأخريات لمعرفة ما إذا كان هناك أي متدخّل أو مسهّل لعملية الفرار. وذكر مرجع أمني أن ما يصعّب التحقيق بالقضية هو سهولة التخفّي التي تتمتع بها النساء عامة، وعدم وجود العدد الكافي من النساء للمشاركة في التحقيق.

تعليقات: