للشهر الخامس توالياً، بقي القطاع العقاري مصدراً أساسياً لإيرادات الدولة، إذ ارتفع الحجم الاجمالي للرسوم العقارية المستوفاة من هذا القطاع بنسبة 85.59% في أول ثمانية أشهر من العام الجاري مقارنةً بالفترة نفسها من العام الفائت، وسجلت نحو 597.19 مليار ليرة لبنانية.
تظهر جداول الرسوم العقارية المحصَّلة من أمانات السجل العقاري والمحاكم العقارية الواردة الى وزارة المال والتي حصلت عليها "النهار"، إرتفاع حجم الرسوم المستوفاة بنسبة تخطت 84% في آب 2020 مقارنة مع آب 2019، وتحقيقها نسبة زيادة قياسية تقارب الـ333% في تموز 2020 مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، فيما ارتفعت بنسبة 179.54% في أيلول مقارنة مع أيلول 2019، وبنسبة تخطت 211% في تشرين الاول 2020، حتى سجل مجموع الرسوم العقارية المستوفاة في اول 10 أشهر من 2020 زهاء 878 مليارا و 986 مليونا و 176 الفا و500 ليرة، بارتفاع نسبته 97.31% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019 إستنادا الى أمانات السجل العقاري والمحاكم العقارية في لبنان. وتشير الأرقام الصادرة عن وزارة المال إلى أن عدد عمليات بيع العقارات بلغ 62773 في اول 10 أشهر من العام 2020، ما يشكل زيادة بنسبة 53,6% عن 40863 عملية بيع في الفترة نفسها من العام 2019. وبالمقارنة، وصل عدد عمليات بيع العقارات الى 49652 في الأشهر الـ10 الأولى من العام 2018، والى 60276 في الفترة نفسها من العام 2017. وبلغ عدد عمليات بيع العقارات 7665 في تشرين الأول 2020، أي بانخفاض من 10061 عملية بيع في أيلول، ومقارنة مع 3911 عملية بيع في تشرين الأول 2019.
يستمر الطلب المرتفع على العقارات والشقق كاستثمارات بديلة من الودائع في المصارف لتعزيز الايرادات العامة مع السحب المستمرّ لبعض الودائع من القطاع المصرفي لشراء عقارات، اضافة الى الحجم الكبير للتسوية على المخالفات والاستفادة من بعض الاعفاءات، والاهم الاستفادة من تدهور سعر صرف الليرة في السوق، ما جعل من القيمة الحقيقية المستحقة على متأخراتهم او تسوية مخالفاتهم، او فرز عقارات، أقل كلفة من السابق، خصوصا أن هذه العمليات تتم بالليرة اللبنانية. وبالفعل، يؤكد نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى انه "منذ إنطلاق الثورة في 17 تشرين الأول 2019 والمودعون في لبنان يتهافتون على شراء العقارات بهدف تهريب الودائع التي تحتجزها المصارف، خوفا على مصيرها. واستمر هذا النشاط بالتزايد مع حلول 2020، رغم فيروس "كورونا"، وقرار الإقفال من شهر آذار إلى شهر حزيران حيث استمرت نسبيا الاتفاقات العقارية لدى الكتّاب بالعدل، فوجد اللبنانيون طرقا عدة لتأمين شرائهم للعقارات، إما عبر توقيع اتفاق بيع عند الكاتب بالعدل، وإيداعه سند الملكية مع الاتفاق الموقع، الى حين إعادة فتح الدوائر الرسمية، وإما عبر توقيع اتفاق البيع وإرسال هذا الاتفاق مع سند الملكية عبر البريد المضمون الى السجل العقاري المختص في المنطقة المعنية بالعقار. وبهذه الطريقة، يتم تأمين مرور عملية البيع والسند. ويستفيد القطاع العقاري من الأزمة المالية التي يمر بها لبنان حتى اليوم، إذ اعتبره المودعون استثمارا قليل المخاطر، من شأنه حماية أموالهم من القيود المفروضة عليها، والـ"haircut" أو "bail in" أو أي إجراء آخر، وإمكان المحافظة على قيمتها على المدى البعيد".
ويشير موسى الى ان قيمة المبيعات العقارية بلغت ما بين 11 مليار دولار و12 مليارا منذ تاريخ 17 تشرين الأول 2019 وحتى 31 أيلول 2020. وأورد التقرير الاقتصادي لبنك بيبلوس ان القيمة الإجمالية لعمليات بيع العقارات بلغت 11,3 مليار دولار في الأشهر الـ10 الأولى من العام 2020، ما يشكل ارتفاعًا بنسبة 115,5% من 5,2 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام 2019. وبالمقارنة، تراجعت قيمة عمليات بيع العقارات بنسبة 20,7% في الأشهر الـ10 الأولى من العام 2019، وانخفضت بنسبة 19% الى 6,6 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام 2018. وبلغت قيمة عمليات بيع العقارات 1,2 مليار دولار في تشرين الأول 2020، مقارنة بـ1,7 مليار دولار في أيلول 2020 وبـ505 ملايين دولار في تشرين الأول 2019.
وفي موازاة ذلك، بلغ معدل قيمة كل عملية بيع 180,008 دولار أميركي في الأشهر الـ10 الأولى من العام 2020، ما يشكل ارتفاعًا بنسبة 40,3% عن معدل قدره 128,310 دولارات في الفترة نفسها من العام 2019، ومقارنة بـ133,108 دولارات في الأشهر الـ10 الأولى من العام 2018. ويعتبر موسى ان هذه العمليات ارتفعت على نحو ملحوظ مقارنة بالسنوات الماضية، وبهذه الطريقة استفاد الجميع من الشاري إلى البائع وصولا إلى المصرف أيضا، فتم تسديد الديون المتراكمة مدى سنوات. وقد جرت عمليات البيع على جميع أنواع العقارات من شقق فخمة وباهظة الثمن في العاصمة بيروت الى مكاتب ومحال تجارية قابلة للإيجار إلى أراضٍ سكنية وزراعية وصناعية على جميع الأراضي اللبنانية وبمختلف الأسعار.
أما اليوم، فقد تراجعت أعداد العقارات المعروضة للبيع مقابل شيكات مصرفية لأن المطورين المدينين تمكنوا من دفع قسم كبير من قروضهم، وتاليا لم يعد هناك أي سبب يدفعهم الى بيع عقاراتهم، إلا من خلال رفع أسعارها مقابل شيكات، ولهذا السبب بدأت الأسعار بالارتفاع، واصبح ثمن العقار يشمل فرق سعر الصرف بين السوق الرسمية والسوق الموازية والسوق السوداء، فدخل سوق العقارات مرحلة جديدة. ويتوقع موسى ان يستمر الطلب على شراء العقار طالما ان الوضعين الاقتصادي والسياسي غير منتظمين، ولن يهدأ إلا بعد إعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وتدفق المساعدات الخارجية، واستقرار العملة الوطنية. ويختم بالتشديد على "ضرورة ان يتنبه الأشخاص الراغبون في شراء العقارات على أنواعها الى ألا يشتروا بالأسعار الوهمية، لأنه احيانا تتضاعف الأسعار، والهدف من الاستثمار هو حماية الأموال المحجوزة وليس إهدارها".
تعليقات: