لقد صدر أخيراً، وتحديداً في 9/ 5/ 2014، قانون جديد للايجارات، ليرعى وينظّم علاقة قديمة جديدة، بين المالكين والمستأجرين، أمست في الآونة الاخيرة معضلة اقتصادية واجتماعية وحتى سياسية، لا تزداد الاً سوءاً وتفاقماً وتعقيدات لا تُحصى ولا تنتهي.
وقد تمّ تعديل القانون المشار اليه أعلاه عام 2017، وتحديداً بدءاً من 28/ 2/ 2017، بعد أن أعاد المشرّع النظر في بعض بنود ومواد القانون الصادر عام 2014 ، الى أن انتهى الامر، من جملة ما قد انتهى اليه، من إيكال مهمة النظر في تطبيق، أو عدم تطبيق، الزيادات القانونية التي أتى بها القانون الجديد، الى ما يُسمّى اللجان ولهذه اللجان الصفة القضائية، بمعنى أنّ لها الحق، الوحيد والحصري، في تقرير ما اذا كان المستأجر يحق له أو لا يحق له بمساعدة الصندوق الخاص بالمستأجرين، وفي بعض الحالات الاخرى، اذا كان يحق للمستأجر، أو لا يحق له، في أن تحلّ الدولة، أي الصندوق الخاص بالمستأجرين، مكانه، وفي شكل تام وكامل، بحيث يُسدّد بدل الايجار، ومعه الزيادة القانونية، كاملة، من ذلك الصندوق، اذا توافرت في وضع المستأجر بعض الشروط التي نصّ عليها القانون الجديد للايجارات.
ومع صدور قانون يقضي بتعليق المِهل، منذ بضعة أشهر، بحيث أتى هذا القانون الجديد بتعليق المِهل التي يحق خلالها للمستأجر دفع ما هو مطالب به، من بدلات ايجار وزيادات قانونية، بحسب القانون الجديد للايجارات، عادت الفوضى لتسود الموقف مجدداً بين المالكين والمستأجرين، ليس لعدم وضوح النص القانوني وحسب، ربما، وانما خصوصاً لعدم تمكّن اللجان المولجة بتطبيق الزيادات على بدلات الايجار، من العمل في شكل طبيعي وقانوني وعملي، كما نصّ عليه القانون الجديد، خصوصاً لناحية الاجتماع، بغية درس الطلبات والملفات المقدّمة اليها من المستأجرين أو المالكين، نظراً الى استحالة التلاقي والاجتماع، بسبب الظروف الصحية، ونقصد جائحة كورونا المستجدة والاستثنائية، بعد النص على خلق تلك اللجان وايكال أمر البت بأحقية أم بعدم أحقية المستأجر في اللجوء الى الصندوق، من عدمه، الى تلك اللجان، المُحدَثَة والموزعة على المحافظات اللبنانية الست، بحسب المراسيم التي صدرت أخيراً، كذلك الامر، استكمالاً واستتباعاً في تنفيذ بنود ومواد القانون الجديد بذاته، والذي نصّ حرفياً على وجوب صدور المراسيم التطبيقية بغية استكمال تنفيذه وتطبيقه.
فمن جهة أولى، وبما أنّ المستأجر على علم وعلى يقين أكيدين بما نصّ عليه القانون الجديد للايجارات، في صيغتيه الاولى للعام 2014 والثانية للعام 2017 ، بعد أن تمّ نشر هذين القانونين في «الجريدة الرسمية»، وفقاً للاصول القانونية، فطالما أنّ المستأجر قد تسنّى له الوقت الكافي للاطلاع على هذين القانونين، وطالما أنّ القانون نفسه نصّ على انشاء اللجان وايكال أمر البت بالطلبات والملفات المقدّمة اليها، بغية التقرير في أحقية المستأجر باللجوء الى الصندوق من عدم أحقيته في ذلك اللجوء، وفق معايير وشروط معينة، لها وحدها وحصرياً، ولكن، من جهة أخرى، طالما أنّ تلك اللجان لا تتمكن، في الوضع الراهن، وتحديداً منذ شباط 2020، من التلاقي والاجتماع ودرس الطلبات والملفات واتخاذ القرار في شأنها، كما هو مفروض ومنصوص عنه وفقاً للقانون، بسبب الظروف الصحية والمستجدة والاستثنائية، أي جائحة كورونا، وما تفرضه من التباعد الاجتماعي، بغية الحدّ والتخفيف أقله من خطر انتقال المرض، بسبب العدوى، ففي رأينا، وطالما أنّ المستأجر أصبح على علم وعلى يقين أكيدين بكامل النصوص القانونية الصادرة حول هذا الشأن، وطالما أنّ القانون قد أعطى المستأجر مهلة شهرين من تاريخ انشاء اللجان لتقديم الطلب اليها، تكون مهلة الشهرين التي يحق في خلالها للمستأجر التقدّم بالطلب الى تلك اللجان ذاتها، قد انقضت وتالياً لم يعد من حقه التقدّم بتلك الطلبات، نظراً لانقضاء المهلة القانونية، وذلك بسبب بديهي ومنطقي، ألا وهو أنّه قد تسنّى الوقت الكافي للمستأجر الاطلاع على كل نصوص القانون الجديد، خلال سنتين كاملتين. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إنّ المستأجر الذي لم يمتثل ولم يتقيّد بأحكام القانون الجديد حتى تاريخه، بعد مرور ثلاث سنوات على تعديل القانون في العام 2017 ، هو مستأجر متعنت لا يريد الامتثال لأحكام القانون الجديد، من الاساس ومنذ البداية، خصوصاً وأنّ القانون نص على امكانية أن يلجأ الفريقان في ظلّ أحكامه الى اتفاق رضائي حول تحديد الزيادات القانونية على بدل الايجار، بسبب تعنته وسوء نيته، ولا يجوز له الآن، تالياً، وفي ظلّ الظروف الاستثنائية الخاصة بسبب كورونا، السماح له في الاستفادة من حجة عدم تمكن أعضاء اللجان من التلاقي والاجتماع بغية درس الطلب المقدّم منه.
تعليقات: