الخبير المالي والاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي
على وقع الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بلبنان، تسود البلاد في الأشهر الأخيرة أجواءا من القلق من نهاية وشيكة لدعم الدولة للمحروقات والمواد الأولية، ومخاوف من زيادة الجوع، في بلد أصبح نصف سكانه من الفقراء في ظل الانهيار المالي غير المسبوق الذي ضرب لبنان منذ حوالي العام.
ويقف اللبنانيون حائرون بين ضرورة استمرار دعم المصرف المركزي للمواد الغذائية والأدوية والمحروقات تخوفا من الجوع الذي سيهدد جميع المواطنين، بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار في حال قامت الدولة بهذه الخطوة من جهة، ومن جهة ثانية ضرورة التوقف عن الدعم حفاظا على ما تبقى من أموال المودعين. علما انه مع نضوب تدفقات الدولار من الخارج، استخدم البنك المركزي الاحتياطات المتناقصة لتوفير النقد الأجنبي لتمويل الواردات الأساسية من الوقود والقمح والأدوية. وقد رأى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي في حديث لـ “جنوبية” ان حاكم مصرف لبنان اعتاد على التفريط بأموال المودعين، وان المصارف اللبنانية أفلست”.
لبنان غير قادر على دعم السلع لأكثر من شهرين
وفي مقابلته التلفزيونية الأخيرة، فجّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة العديد من القنابل على شكل مواقف أثارت جدلا كبيرا، لا سيما بعد تأكيده ان “المركزي” غير قادر على إبقاء الدعم على السلع الأساسية لأكثر من شهرين آخرين، وإن على الدولة وضع خطة في ظل تفاقم الأزمة المالية.
لبنان سينتقل من مرحلة الفقر الى الجوع والمرض
اشار يشوعي ان الشعب اللبناني لم يستفد من الدعم بما فيه الكفاية لأن 50% من هذا الدعم استفاد منه غير اللبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانية وكذلك دول ما وراء الحدود”. واكد يشوعي ان مستوى الأسعار الذي يشهده لبنان اليوم هو أعلى مستوى يمكن ان يتحمله الشعب، ولم يعد بمقدور المواطنين تحمل المزيد من الغلاء”، مشيرا انه في حال ارتفعت الأسعار 5 في المئة اضافية هذا يعني ان الشعب اللبناني سيبدأ بمرحلة الجوع والمرض”.
لم يعد بمقدور المواطنين تحمل المزيد من الغلاء
وقد أشار يشوعي انه لو كان مكان سلامة، لكان قام بردّ الأموال للناس، فبدلا من استنزاف 6 مليارات دولار من أموال المودعين بسبب سياسة الدعم العشوائية والتفريط بمزيد من أموال الناس كان الأجدى تسديد الأموال للناس نقدا على الأقل لأصحاب الحسابات الجارية بالدولار، خصوصا ان الشركات لديها حسابات جارية والأفراد كذلك لأنه لا يجوز عائلة من 3 افراد ان تدعم غذائيا عائلة من 7 افراد ولا يجوز على سبيل المثال ان شخصا سليما لا يأخذ حبة دواء ان يدعم شخصا يتناول العديد من الأدوية وكذلك الأمر بالنسبة للبنزين والمحروقات”.
القانون لا ينص على الاحتياطي الدولاري
ورأى يشوعي انه الأصول ان يأخذ المودعون أموالهم ويدعمون أنفسهم، مشددا ان “الناس أحق بهذا الاحتياطي المتبقي، لأن الأيام القادمة سوف تثبت انه لن يبقى من هذا الاحتياطي فلسا واحدا وسيتم صرفه وتهريبه، مؤكدا ان “قانون النقد والتسليف لا ينص على “بدعة” الاحتياطي “الدولاري”، اذ لا ينص القانون على تكوين احتياطي من العملة الصعبة انما من العملة المحلية”.
المصارف اللبنانية أفلست
وفيما أكد سلامة ان ودائع اللبنانيين موجودة، والدليل أنه لا مصرف أعلن إفلاسه. وقال “هذه الودائع موجودة في المصارف وليست في البنك المركزي، أكد يشوعي، لـ “جنوبية”، ان جميع المصارف اللبنانية أفلست، مشيرا ان “الإفلاس هو التوقف عن الدفع وطالما المصارف متوقفة عن دفع دولارا نقديا واحدا من حسابات المودعين وتضع سقوفا على السحوبات بالليرة اللبنانية فهذا يعني انهم مفلسين”. الى ذلك أشار يشوعي ان “مصرف لبنان غير مجبر على تمويل الدولة اللبنانية وبحسب قانون النقد والتسليف، يمكن لمصرف لبنان إعطاء تسهيلات صندوق (facilité de caisse) لأمور تشغيلية ولكنه لا يحق له بحسب القانون اعطاء قروض لخزينة الدولة بهذا الحجم وهذه الكثافة والاستمرارية التي دامت لأكثر من 20 عام وتعريض حسابات المودعين للخطر”. الى ذلك رأى يشوعي ان سلامة تأخر كثيرا كي يدرك ان الليرة هي عملة لبنان، مشددا انه “لا يحق لسلامة الدفاع عن نفسه فيما يخص التوقف عن دفع الدولار بحجة ان جميع الدول العالم المصارف فيها تدفع بالعلمة الوطنية، لا سيما بعد “دولرة” الاقتصاد اللبناني طيلة 25 سنة”. الى ذلك أوضح يشوعي، ان ثمة بعض البلدان تضع بعض السقوف على السحوبات النقدية في المصارف عندما يكون الاقتصاد متشبع، وذلك لمراقبة عملية الطلب منعا للتضخم وعدم تأثير التضخم على سعر صرف العملة، ولكن لا يتم وضع السقوف على السحوبات النقدية لأن البلد مفلسا وهناك فرق كبير”.
8 مليارات دولار خرجت من المصارف وليس 1,1 مليار دولار
وفيما أكد سلامة بأن البنك المركزي سيتملّك أسهم المصارف غير الملتزمة بزيادة رأس المال، تساءل يشوعي “من أين سيشتري أسهم هذه المصارف، فهل سيستخدم أيضا ما تبقى من أموال المودعين؟”. ولفت يشوعي ان هناك 8 مليارات دولار خرجت من المصارف وليس 1,1 مليار دولار، مشيرا انه جزء من هذا المبلغ بقي في لبنان في اماكن خاصة خارج المصارف، والجزء الآخر تم تحويله الى خارج لبنان”.
تعليقات: