إن التعرض للجيش اللبناني، في لحظة يواجه فيها لبنان استحقاقات مصيرية، لا يمكن المرور به مروراً عابراً وإنما يجب التفكير بدلالاته السياسية الخطيرة حتى يكون للادانة مردود ايجابي يحاصر أعداء الجيش، ويكون للتضامن معه بعد عملي يحتاجه الجيش كي يواصل مهماته الوطنية الصعبة. فالجيش، في غياب الحلول السياسية وتسلط العقل الفئوي على الساحة السياسية، يتحمل مسؤوليات تاريخية في حماية اللبنانيين، وصون مجتمعهم، ودفع الأذى عن وحدتهم والدفاع عن دولتهم مع الحرص على تأمين التوازن بين مؤسساتها. وفي هذا السبيل يبذل الجيش جهوداً تفوق قدراته التي يتحدث الجميع عن تعزيزها دون أن يترافق ذلك مع خطوات عملية ملموسة تلبي حاجته الماسة الى الوسائل الحديثة من أسلحة وآليات وأجهزة اتصال. وإذا كان العتاد المتطور أمراً لا بد منه لجيش يتصدى يومياً لأعقد وأصعب المهمات فإن القرار السياسي الموحد هو أساس بالنسبة له لتوضيح رؤيته الميدانية، وتزخيم قوته الداخلية، وتمكينه من تجاوز الالغام المزروعة، والشراك المنصوبة وتحقيق المهام المنوطة به.
لقد اختبر اللبنانيون طبيعة الانقسام السائد في البلاد وتداعياته الخطيرة على غير صعيد، وباتوا يدركون أن استمراره على الوتيرة نفسها لن يخدم لبنان أو أي فئة أو طائفة فيه، وانما سيحمل المخاطر على الوجود والمصير، لذلك باتوا يعتبرون أن إدانة الجريمة ودعم الجيش لا معنى لهما اذا لم يقترنا فعليا بمقاربة سياسية جديدة للامور تعالج هذا الانقسام وتحصره في النطاق السياسي وتضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار شخصي أو حزبي أو طائفي.
ولسان حال الناس في هذا الاطار أن تماسك الدولة هو الذي يساعد الجيش على أداء مهماته بنجاح، وان التنسيق المسبق معه في كل خطوة أمنية تفرض نفسها أمر لا بد منه لتجنب المفاجآت والخسائر في آن. ولسان حال الناس انه بات على كل الاطراف التطلع الى ما هو أبعد وإيقاف الحملات السياسية واستئناف الحوار المفضي الى نتائج ملموسة، واتخاذ خطوات ايجابية على كل صعيد ابتداء من ساحة رياض الصلح وصولا الى ساحة كل مدينة وبلدة وقرية في لبنان. ولسان حال الناس انه إذا لم تكن حكومة الوحدة الوطنية هي السلاح الأمضى لمواجهة أعباء اليوم فكيف لنا بغيابها أن نواجه أعباء الغد. ولسان حال الناس ان الأذى الكبــير الذي ينال لبنان اليوم ينال من كل قطر عربــي ويســتدعي من جامعة الدول العربية سياسة جديدة تجعلها أكثر حضورا وأكثر فعالية لمعالجة قضايا هي من صميم مسؤولياتها.
تعليقات: