فرحة لم تكتمل
يطلق مصرف الإسكان برنامج قروض ميسَّرة للبنانيين، مخصَّصة لشراء أو بناء أو ترميم مسكن. مبادرةٌ أُطلِقت في أسوأ أزمة مرّت على لبنان، واصطدمت هي أيضاً، كما أي بادرة أمل، بحائط أزمة الدولار وأسعار الصرف المتعددة وغير الثابتة. عملياً، هل ستلقى هذه القروض زبائن؟ وكيف تؤثّر أزمة الدولار على نجاحها؟
يوضح رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمصرف الإسكان المهندس جوزيف ساسين لـ"النهار" أنّه "كيفما جلنا في وسائل الإعلام نرى سوداوية، لذا رغبنا بإطلاق بارقة أمل للشباب خصوصاً للذين ينوون الهجرة، وإن هاجر الشباب سيكون لبنان بذلك مأوى للعجزة، ولا أحد يتزوّج من دون منزل، وتراجع نسبة الزواج يؤثّر على التطوّر الديمغرافي في لبنان، ففي هذا الإطار يجب أن يتملّك الشباب في بلدهم كرابطٍ لهم، وإلّا هاجروا من دون عودة، ونأمل أن يُقبل الشباب على هذه القروض لهذه الغاية".
ووفق ساسين، "يمكن لحوالي 3000 عائلة أن تستفيد من هذا البرنامج ضمن قيمة القرض الذي حصل عليه مصرف الإسكان من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة 165 مليون دولار، وتتوجّه هذه القروض إلى 80% من ذوي الدخل المحدود وإلى 20% من ذوي الدخل المتوسط".
ويضيف أنّ "حسنة هذا البرنامج هو أنّه يتوجّه إلى اللبنانيين المقيمين كما للبنانيين المغتربين، لكن يشترط في الحالتين أن يمتلك الراغبين دخلاً، سواء كانوا موظفين أو أصحاب أعمال حرة أو يمارسون مهنة حرة، وتتراوح الدفعة الأولى ما بين 20 إلى 30%، ويموّل مصرف الإسكان 70 إلى 80% من ثمن الشقة".
وبرأي ساسين، "لا يمكن أن يكون هناك برنامج ميسّر للقروض السكنية أكثر من هذا البرنامج، إذ فترة سداد الأقساط هي 30 عاماً وفائدة القرض 4,5%، بينما الفوائد على الليرة في السوق حالياً هي ما بين 8 إلى 9%، ولا يمكن أن تتعدّى نسبة السداد الشهري ثلث الدخل الشهري، ونأخذ في الاعتبار الدخل العائلي، أي زوج وزوجة مثلاً أو مجموع الإخوة، وفيما جميع المصارف تحبس ودائع الناس نحن أطلقنا هذا البرنامج، ونحن المصرف الوحيد الذي يقوم بنشاطٍ اجتماعي".
وأهمّ ميزة في هذا البرنامج أنّه بالليرة، فمع أزمة الدولار الحالية، مهما تغيّر سعر الصرف، يبقى صاحب القرض في مأمن فهو يسدّد قرضه بالليرة.
وفي السؤال عن مدى إمكانية إقبال اللبنانيين على هذه القروض في ظل الأزمة الراهنة، يلفت ساسين إلى أنّه "يلزمنا حوالي شهرين إلى ثلاثة أشهر لمعرفة مدى الإقبال على هذه القروض، إذ كنّا المصرف الوحيد الذي أطلق برنامج قروض لترميم وإعادة تأهيل المساكن المتضررة جراء انفجار المرفأ، وكان سقف هذا البرنامج 150 مليون ليرة بمدة تسديد 15 سنة وفائدة 3% بالليرة لكي يستطيع الناس الترميم الخارجي لمنازلهم، لكن الإقبال كان ضعيفاً جداً لأنّ المتضررين فضّلوا الحصول على المساعدات للقيام بهذه الأعمال بدلاً من القروض، وإن كانت ميسَّرة جداً".
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل سيصطدم برنامج القروض الميسَّرة من مصرف الإسكان بحائط أزمة الدولار وأسعار صرفه؟
يقول نقيب المقاولين في لبنان، المهندس مارون حلو، أنّ "قروض مصرف الإسكان هذه لن ترى زبائن لها بنسبة 90% قبل تثبيت سعر الصرف، وبدون أي شك ستصطدم هذه المبادرة بأزمة الدولار وسعر الصرف، لكن تبقى هناك نافذة للشقق الموجودة في المناطق النائية والشعبية جداً والتي على أصحابها تسديد ديون بالليرة، أو مَن لديه عقار وترتكز حياته على التداول بالليرة ولا يتعامل بالدولار".
ويرى حلو أّنّه "بما أنّ القروض بالليرة، سيضطر صاحب القرض إلى الشراء بالليرة، بينما لا يمكن الدخول في لعبة أسعار صرف الدولار، وقد لا يبيع أي صاحب شقة شقته بالليرة، وهي قروض للشقق المعروضة بالليرة ولا يمكن لأي شخص أن يشتري شقة بالدولار وأن يسدّد قيمتها بالليرة في ظل وضع الليرة الذي هو اليوم في مهب الريح مع عدم وجود سعر صرف دولار ثابت ورسمي، فسعر الصرف الرسمي ليس واقعياً على الإطلاق، وهناك ثلاثة أسعار لسعر الصرف".
ويتابع أنّه "في حال ثُبِّت سعر الليرة، قد يكون هناك سوق موازية ما بين الشقة بالليرة والقرض بالليرة، ويصبح الحصول على القرض مطروحاً عملياً، لكن طرح برنامج القروض في الوقت الحالي برأيي ليس عملياً أبداً ولن يلقى راغبين في الظرف الحالي".
وفي السؤال عن سعر الصرف الذي يتبعه أصحاب الشقق بالليرة اللبنانية، يشير حلو إلى أنّ "هذا الأمر يحتكم إلى العرض والطلب، وأسعار العقارات ارتفعت بدولار الشيك المصرفي وانخفضت بالدولار الحقيقي، وهنا ندخل بنقاشٍ عميق لتوضيح واقع الأمر، وحقيقةً يجب أن يعود سعر العقار أو الشقة إلى الدولار الحقيقي وليس دولار الشيك المصرفي أو دولار الليرة اللبنانية، وأن يُثبَّت سعر صرف الليرة على الدولار الحقيقي، وحينها يمكن التداول ولن يكون هناك فرق بين الليرة والدولار.
وكان مصرف الإسكان قد أطلق برنامج قروض ميسَّرة بالليرة عبر خط ائتمان من الصندوق العربي للإنماء، وقرّر تخصيص كامل قيمة القرض الذي حصل عليه من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة 165 مليون دولار أميركي ما يعادل حالياً خط ائتمان بقيمة حوالي 640 مليار ليرة لبنانية لتمويل قروض طويلة الأجل للبنانيين المقيمين كما وللعاملين خارج لبنان لشراء أو بناء أو ترميم مسكن وفق الشروط الآتية:
أولاً: المباشرة بإطلاق المشروع ضمن سقوف بقيمة 300 مليون ليرة لبنانية للمداخيل العائلية التي لا تتعدى عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور و450 مليون ليرة لبنانية للمداخيل العائلية التي تتعدى عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور ولا تفوق عن 15 ضعفه، على أن يصار الى تعديل هذه السقوف إلى 450 و600 مليون ليرة لبنانية لاحقاً بعد مصادقة مجلس النواب على رفعها.
ثانياً: تحديد معدل فائدة الإقراض بنسبة 4,5 في المئة سنوياً.
ثالثاً: تحديد المدة القصوى لسداد هذه القروض بـ 30 سنة.
تعليقات: