جنود دوليون يتسوقون في تبنين
الناقورة ـ
يرى رئيس مكتب الشؤون المدنية في قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان اليونيفيل، ريتشارد مورشينسكي، أن اليونيفيل «لم تقم بتغيير جذري في المنطقة الجنوبية، لكنها تمكنت في بعض الأماكن من تغيير نوعي وجذري». وأشار مورشينسكي في حديث خاص لـ«الأخبار» إلى أن «الدولة اللبنانية يجب أن تعمل بشكل أفضل في المنطقة، ولو كانت موجودة أصلاً بشكل كامل، فما من سبب لوجودنا اليوم هنا». مؤكداً أن الدولة اللبنانية لم تقدم، ولو مرة، «لائحة باحتياجات الناس هنا، ولم تأت لتقول: الناس يحتاجون إلى كذا أو كذا».
وقال: «لقد تبدل جوهر وجود قوات حفظ السلام بشكل عام في كل أنحاء العالم، إذ أفهمتنا تجربة أفريقيا أنه يجب ألا نكون فقط قوة عسكرية، بل أن نتطلع إلى حاجات الناس في كل البيئة المحيطة بعملنا؛ وقد أكدت التجربة أن قوات حفظ السلام لا يمكن فصلها عن السكان المحليين وتجاهل حاجاتهم، ومن أجل ذلك أسست ما يمكن تسميته وحدات أو أقسام الشؤون المدنية. هذا المفهوم الجديد تكرّس بعد حرب تموز 2006 مع اليونيفيل بصورة جديدة، أكبر مما كانت عليه وبموازنة أكبر، على أن تتواصل على مدى بقاء هذه القوة. ونحن في لبنان، بالشؤون المدنية، عندنا فريقان يغطيان كل منطقة العمليات؛ وفيهما نوعان من الموظفين: مدنيون من البلد، يعرفون طبيعة المنطقة وتقاليدها وحاجاتها، طريقة تفكير الناس وثقافتهم، وهم مهمون جداً لنا؛ ودوليون أيضاً. لكن عملنا لا يكون مع أفراد، بل مع سلطات محلية كالبلديات والمختارين وبعض الجمعيات».
بلغت مصاريف اليونيفيل من أموال الأمم المتحدة منذ ما بعد آب عام 2006 نحو مليون دولار أميركي، وهذا الرقم يمثّل بين 8 و10 بالمئة من الأموال التي صرفتها الدول المشاركة في قوات الطوارئ الدولية لتصل إلى نحو تسعة ملايين دولار أميركي.
عنها يقول مورشينسكي: «الأموال هي لمساعدة الناس، ومن خلال هذه المساعدة إذا تحسنت مشاعر الناس تجاهنا سنكون مسرورين؛ طبعاً لن نكون مسرورين إذا قدمنا كل هذه المساعدات والمشاريع والناس لا تحبنا، نحن لم يكن هدفنا شراء الناس، بل مساعدة من يحتاج إلى المساعدة. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار انتشار نحو 12 ألف جندي في المناطق الجنوبية، ربما لم يكن هذا العدد كبيراً، لكن له ثقله في المنطقة، وهو يستخدم الطرق ويشرب من مياه الينابيع والآبار، وإذا حفرنا الآبار تستفيد الناس، وفي الوقت عينه يستفيد الجنود».
ويؤكد مورشينسكي أنه لم تكن نية اليونيفيل منع الجنود من الاختلاط تجارياً واقتصادياً مع المدنيين اللبنانيين، و«هذا لم يزل مكرساً في أكثر من مكان؛ ربما بعض القوات، مثل القوة الإسبانية، كانت رغبة بلادهم وحكوماتهم بالاتفاق مع اليونيفيل أن تؤمن حاجاتهم ومشترياتهم وأغراضهم من بلادهم. لا قرار بتحديد حركة جنود اليونيفيل؛ ما عدا الإسبان، ولهم أسبابهم لأن القصة نفسية أكثر مما هي قرار، لأنهم تعرّضوا للاعتداء. ولا تتأثر مشاريع اليونيفيل بالأوضاع السياسية والأمنية التي تعصف بلبنان، ومنها الأزمة الأخيرة، والجنوب كان بعيداً نوعاً ما عن الأزمة المباشرة».
أنتم تبنون وإسرائيل تهدم، ما هذا التناقض؟ يجيب: «ليست المرة الأولى التي تهدم إسرائيل ما نبنيه، نحن في كل مرة نقوم بواجباتنا، ونطمح لأن يكون السلام والوضع آمناً باستمرار، وإذا حسبنا لما يمكن أن يلحق مشاريعنا من دمار فإننا لن نشتغل، والدمار لا يطال مشاريعنا فحسب، بل بيوت الناس وممتلكاتهم، وها هم في كل مرة يبنون من جديد».
ينفي مورشينسكي حاجة الناس إلى ملاجئ. وبحسب اليونيفيل، الملجأ ليس حاجة إنسانية، هو للأمن، وهو من مهمة الحكومة اللبنانية، الحكومات هي التي تبني الملاجئ لشعبها، ونحن لا نلعب دور الدولة، ولن نلعبه في المستقبل. نحن بمشاريعنا لا ندخل بالتنافس مع أحد، لا نتنافس مع الحكومة اللبنانية ولا مع حزب الله (رداً على سؤال)، ولا مع أي مشروع يأتي من أية دولة؛ حاجات الناس هي التي تحدد ماذا يمكن أن نساعد.
تعليقات: