للمرة الثانية، مُنع طلاب الجامعة الأميركية أمس، بالقوة، من دخول حرم جامعتهم. كانت هذه أوامر الرئيس فضلو خوري الذي يقضي حالياً عطلة استجمام في نيويورك، غير آبه بمئات الطلاب القلقين من فقدان فرصة استكمال تعليمهم في أول فصل دراسي بعد الأعياد، إذا طبّق قراره بدفع الأقساط وفق سعر المنصة الإلكترونية البالغ 3900 ليرة لبنانية مقابل الدولار الأميركي الواحد.
مجدداً، ظهر التنسيق جلياً بين أمن الجامعة من جهة وعناصر الجيش ومكافحة الشغب من جهة ثانية، ما سمح بإبعاد الطلاب عمّا بات «محمية» رئيس صمّ أذنيه عن سماع وجعهم، بعدما قطع كل سبل الحوار معهم أو حتى مع ممثليهم في المجلس الطلابي، مطلقاً العنان لسردياته التي تقول تارة إن المتظاهرين ضد إدارة الجامعة مندسون أو أقلية لا تمثل طلاب الجامعة.
المتظاهرون تعهدوا بإرساء معادلة: الطالب يفرض ولا يفاوض (هيثم الموسوي)
«استعادة الشارع» في وجه إدارة جامعية سلّعت التعليم كان عنوان تحرك مفصلي، أمس، لما بات يُعرف بتكتل الطلاب الجامعيين الذي يضم مجموعات طالبية معارضة ويسارية ومستقلة من الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة، لإيصال رسالة مفادها أن القمع الذي تعرّض له المتظاهرون في المرة الأولى لم يُثنهم عن مواصلة الضغط في الشارع، وستكون هناك روزنامة لتحركات ميدانية متواصلة في أقرب وقت ممكن.
هذا ما تعهد به نائب رئيس المجلس الطلابي، عضو النادي العلماني جاد الهاني، سائلاً عمّا إذا كان سد العجز المالي في الجامعة الذي وصل إلى 4.8%، وفق أرقام الإدارة نفسها بعد تطبيق السياسات التقشفية، يفسّر زيادة القسط الجامعي بنسبة 160% وطرد 17% من القوة العاملة، وهل الأموال ستذهب لسد العجز فعلاً أم لملء الجيوب؟ وما الذي ستبرّره إدارة الجامعة لطالب في العلوم الطبية بات قسطه السنوي يوازي 170 مليون ليرة، أو لطالب في أي كلية أخرى لا يقل قسطه عن 70 مليوناً؟
ولفت الهاني الى أن الطالب مجبر على أن يدفع وفق سعر المنصة، ليس فقط قسط الفصل الدراسي المقبل (فصل الربيع)، بل أيضاً كل المبالغ المتراكمة من الفصل الدراسي الأول، باعتبار أن كثيرين لا يسدّدون المستحقات عليهم دفعة واحدة، بل يقسّطونها على دفعات.
نديم سعادة، طالب في إدارة الأعمال، لا يقوى على حبس مشاعر الغضب التي تنتابه من قرار شرّد أحد أصدقائه المتفوّقين، «الذي فضّل مغادرة الجامعة في الفصل الدراسي المقبل (فصل الربيع) على أن يدع أهله يعيشون تجربة بيع أرض أو منزل لتأمين تعليمه». هذه الحادثة أمدّت سعادة بـ«الطاقة»، كما قال، لمواصلة الضغط ضد إدارة الـAUB، على قاعدة أن «الطلاب لن يكونوا مكسر عصا لأحد، وإذا كان في حوزة الجامعة معطيات علمية تقنعنا بوجهة نظرها فلتدعُنا إلى طاولة التفاوض وتواجهنا بها».
عضو مجموعة «التغيير يبدأ من الجامعة الأميركية»، صبا مروة، بدت مقتنعة بأن الطلاب سينجحون في إرساء معادلة «الطالب يفرض ولا يفاوض، وأن صوتنا سيكون أعلى، ولن ندع الإدارة تحوّل جامعتنا إلى ثكنة عسكرية»، في إشارة إلى ما سمّته «العنف الممنهج» الذي بات السياسة الوحيدة التي تتبعها الجامعة في مواجهة طلابها، «بحيث يبدو أن قرار الاشتباك معنا مأخوذ سلفاً بمجرد اقترابنا من أي من بوابات جامعتنا التي تشهد في كل مرة حراسة أمنية مشددة من الجيش وقوى مكافحة الشغب». وقالت «إننا وثّقنا صوراً للقوى الأمنية وهي تتمركز داخل حرم الجامعة قبل أن تخرج لمطاردة الطلاب في شارع بلس الذي يفصل بين البوابة الرئيسية (maingate) وبوابة الكليات الطبية (medical gate)، وصولاً إلى المدخل البحري حيث حصل تصادم واعتداء على الطلاب والطالبات وضرب على الرأس بالهراوات ووقوع جرحى، وقمع كل المحاولات لاستخدام حقنا في إسماع صوتنا من الداخل».
هل يفسّر العجز المالي الذي وصل إلى 4.8% زيادة القسط بنسبة 160% وطرد 17% من القوة العاملة؟
التصعيد في المرحلة المقبلة سيكون وفق خطة واضحة، بحسب ما أكدت الطالبة هبة عنان، الناشطة في «نادي السنديانة الحمراء» (ناد سابق في الجامعة)، إذ لن تستهدف إدارة الجامعة الأميركية فحسب، بل أيضاً باقي إدارات الجامعات ورابطة جامعات لبنان التي تعطي الغطاء لمثل هذه القرارات الجائرة، بهدف توجيه ضربة قاضية تُجبر إدارتي الجامعتين الأميركية واللبنانية الأميركية على التراجع عن «الدولرة»، وتمنع انسحابها على جامعات أخرى. «ليس الهدف من تحركاتنا قطع طرقات أو اشتباك مع القوى الأمنية في الخارج ينتهي بتطويق التظاهرة، لنعود بعدها أدراجنا كأن شيئاً لم يكن». يذكر أن البقاء في الشارع حتى الليل كان أحد الخيارات المطروحة أمس، لكنه لم ينجح بسبب عدم الاستعداد المسبق لهذه الخطوة.
تعليقات: