سمير القنطار.. كلنا في انتظارك
لن تقف عند حاجز حدودي حتى يدقق في اوراقك الثبوتية ضابط ما ويسألك «من انت؟ لماذا ذهبت الى فلسطين؟ هل لديك اذن من ولي أمرك لتغيبك عن المدرسة ثلاثين عاماً» ... لكنك ستلتقي يوماً ما بضابط قدم الشاي الساخن لجنود الاحتلال في ثكنة مرجعيون. لم يعتذر عما فعل... لا تتفاجأ يا سمير لأنه سوف يقبلك ويقول لك إن الوطن يفتخر بأمثالك!
لن يكون في انتظارك سياسي يلمع رأسه بأفكار الاعتدال مطالباً إياك اعتبار معاناة اعتقالك مرحلة رذيلة في حياتك «سنشطبها من سجلك العدلي». لكنك ستسمع من يقول: «يا حرام كان اسيراً»...
بإمكانك ان تعود... لا مليشيات سلطوية تنتحل صفة من هنا او هناك تستوقفك عند مفترق ما، تجري لك فحصاً نظرياً سريعاً، تدقق في لهجتك، تمعن النظر في الوان ثيابك، فتنجو إن كنت مطابقاً لمعاييرها... لكنك ستجد من يجتهد في إيجاد نسل طائفي لك لوضعك في خانة ما...
لن يستقبلك رئيس وزراء بلادك في باحة السرايا الحكومية الخارجية، كما استقبل كوندليسا رايس، إبان حرب تموز، لكن اذا قررت الدخول للقول لسيد السرايا «نطالب دولتك اعتبار عيد المقاومة عيداً رسمياً»، لا تصبْ بلغة الازدراء التي سيقابلونك بها. سيردون عليك أن الوطن بحاجة الى كل ساعة انتاج...
إياك أن تهم بالرحيل، فالسادة الضيوف قد تحلقوا حول مائدة الطعام... استمتع بالتصاريح المرحبة بك هناك وفي كل مكان لأنها سرعان ما ستتبخر عند اول سؤال تطرحه على زائري منزلك المتواضع في قريتك عبيه« هل اتيتم الى هنا من قبل»؟
بإمكانك ان تعود. لن ترمقك نظرات الغضب. «انت... بقضيتك... جعلت المقاومة تنتصر مرة اخرى»... لماذا لم تصبح عميلاً هناك؟ كنت ستغدو مثالاً لهم... لماذا حين كان الوزراء الاسرائيليون يأتون الى زنزانتك لمساومتك على حقوق الأسرى في الاضرابات المفتوحة عن الطعام، لم تسوق اسماءهم بدل ان تتحمل مشقة عزلك وأن تتصلب في الموقف لانتزاع مطلب حياتي صغير لآلاف الاسرى؟ اما وأنك بقيت مقاوماً فأنت المجرم والقاتل، وأن حريتك ليست اهم من رواد فندق في العاصمة يضج بمتسولي الفرح...
بإمكانك ان تعود... لن يستوقفك جلاد سابق في معتقل الخيام عند ابواب دائرة رسمية، ستراه مختبئاً عند زاوية ما... لكنك ستلتقي اسيراً محرراً يحمل حقيبة من الساعات يتجول بها في شوارع المدينة محاولاً العيش بكرامة...
نحتاج الى دمك النقي كي يغذي عروقنا... عد مسرعاً... لقد ابليت بلاءً حسناً... لقد كبرت عن الزنزانة 30 عاما وهي ظلت صغيرة. لقد شبعت القضبان من حنين نظراتك... وضجت الجدران من احلامك...
سمير القنطار... احزم امتعتك... وهيئ نفسك للخروج من الاسر... فالوطن... كل الوطن في انتظارك...
تعليقات: