ارتفاع قيمة الرسوم العقارية المسدَّدة 105% في 2020…
لا يزال القطاع العقاري في لبنان يشهد أداءً قوياً منذ بداية العام 2020 حيث استفاد من تبعات الازمات التي تعصف بالبلاد. فمنذ الربع الرابع من العام 2019، والكثير من المودعين يتهافتون على شراء العقارات بهدف “تهريب” ودائعهم المحتجزة في المصارف، واستمر هذا النشاط القوي خلال العام 2020.
فقد اعتبر المودعون ان الاستثمار في هذا القطاع أقل خطورة بكثير من إبقاء أموالهم في المصارف، ومن شأنه حماية أموالهم من القيود المفروضة عليها، ومن أي إجراء قد يطاول هذه الودائع، وأيضا حماية قيمتها نتيجة تدهور سعر الصرف. وتظهر التقارير والبيانات الرسمية انه منذ مطلع العام 2020 إستمر توقيع الاتفاقات العقارية لدى كتّاب العدل، الى حين إعادة فتح الدوائر الرسمية بسبب الاقفالات المتتالية لاحتواء انتشار فيروس كورونا، أو عبر توقيع اتفاقات البيع وإرسالها مع سند الملكية عبر البريد المضمون الى السجل العقاري المختص في المنطقة المعنية بالعقار. وبهذه الطريقة، يتم تأمين مرور عملية البيع والسند.
إرتفاع المبيعات العقارية
تشير الارقام الرسمية الى ارتفاع عدد المبيعات العقارية خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2020 بنسبة 56%، كما ارتفعت قيمة المبيعات العقارية بأكثر من ضعفَي ما سُجّل في الفترة المماثلة من العام 2019، على اعتبار أن الاستثمار في الشقق والأراضي يُنظر اليه كملاذ آمن يبحث عنه المشترون. غير أنه في المقابل، تباطأ العرض في السوق بحيث تراجعت مساحة رخص البناء الممنوحة والتي تعكس نشاط البناء المستقبلي، بنسبة 20% في الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2020 مقارنة مع الفترة المماثلة من العام السابق نتيجة ندرة الاستثمار في مشاريع بناء جديدة. كما أشارت أرقام نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان الى ان قيمة المبيعات العقارية بلغت نحو 12 مليار دولار، منذ مطلع تشرين الاول 2019 وحتى نهاية الربع الثالث من العام 2020.
ملايين تُدفع للخزينة
وللشهر الثامن توالياً، بقي القطاع العقاري مصدراً اساسياً لإيرادات الدولة، إذ ارتفع الحجم الاجمالي للرسوم العقارية المستوفاة من القطاع بنسبة 97.92% في اول 9 أشهر من العام 2020 مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الفائت، وسجلت حوالى 737.121 مليار ليرة مقارنة بـ 372.43 مليار ليرة في اول 9 اشهر من العام 2019، اي بزيادة قيمتها 364.691 مليار ليرة إستنادا الى ملخص الوضع المالي نهاية شهر أيلول 2020 والذي حصلت عليه “النهار”. وفي هذا السياق، تظهر جداول الرسوم العقارية المحصلة من أمانات السجل العقاري والمحاكم العقارية الواردة الى وزارة المال والتي حصلت عليها “النهار”، إرتفاع حجم الرسوم المستوفاة بنسبة تخطت 84% في آب 2020 مقارنة مع آب من العام 2019، وتحقيقها نسبة زيادة قياسية تقارب 333% في تموز 2020 مقارنة مع الشهر ذاته من العام الفائت، فيما ارتفعت بنسبة 179.54% في أيلول الماضي مقارنة بأيلول 2019، وبنسبة تخطت 211% في تشرين الاول 2020 لتواصل الارتفاع وتسجل إضافة بنسبة 153.75% خلال تشرين الثاني 2020 وبنسبة 123.387% بحلول نهاية كانون الاول، حتى سجل مجموع الرسوم العقارية المستوفاة خلال العام 2020 بأكمله ما قيمته مليار و158 مليونا و666 ألف ليرة لبنانية مقارنة بـ565.826 مليار ليرة نهاية العام 2019، اي بزيادة تخطت نسبتها 104% وذلك استنادا الى أمانات السجل العقاري والمحاكم العقارية في لبنان. كما تشير الأرقام الصادرة عن وزارة المال إلى أن مجموع المعاملات والعقود العقارية التي تمت في العام 2020 وصلت الى 163924 معاملة وعقداً مقارنة بـ141631 معاملة وعقداً في العام 2019، حيث تشير الارقام الى ان شهر كانون الاول 2020 سجل اعلى عدد من المعاملات والعقود العقارية ووصل الى 25313 عملية.
كل هذه الارقام أتت نتيجة استمرار الطلب المرتفع على العقارات والشقق كاستثمار بديل من الودائع في المصارف، اضافة الى الحجم الكبير للتسوية على المخالفات والاستفادة من بعض الاعفاءات، والاهم الاستفادة من تدهور سعر صرف الليرة في السوق، ما جعل من القيمة الحقيقية المستحقة على المتأخرات او على تسوية المخالفات، او فرز عقارات أقل كلفة من السابق، خصوصا أن هذه العمليات تتم بالليرة اللبنانية. وقد تمت عمليات البيع على جميع أنواع العقارات من شقق فخمة وباهظة الثمن في العاصمة بيروت، الى مكاتب ومحال تجارية قابلة للإيجار وأراضٍ سكنية وزراعية وصناعية بمختلف الأسعار. ومنذ مطلع العام الحالي تراجعت أعداد العقارات المعروضة للبيع مقابل شيكات مصرفية لأن المطورين المدينين تمكنوا من دفع قسم كبير من قروضهم، وبالتالي لم يعد هناك أي سبب يدفعهم الى بيع عقاراتهم، إلا من خلال رفع أسعارها مقابل شيكات، ولهذا السبب بدأت الأسعار بالارتفاع، واصبح ثمن العقار يشمل فرق سعر الصرف بين السوق الرسمية والسوق الموازية والسوق السوداء.
تعليقات: