فؤاد خشيش: «نافلني» حصان طروادة الخاسر بيد الغرب.. لا ميدان في موسكو

المعارض الروسي أليكسي نافلني
المعارض الروسي أليكسي نافلني


شهد عدد من المدن الروسية بما فيها العاصمة موسكو مظاهرات غير مرخص بها نظمها بعض مناصري الناشط المعارض، «أليكسي نافلني». وخرج أنصار «نافلني» الذي أوقفته السلطات فور عودته إلى روسيا الاسبوع الماضي بتهمة انتهاك شروط وقف تنفيذ عقوبة السجن الصادرة بحقه سابقا بتهمة الاختلاس.

ونقلت وسائل إلاعلام عمليات اعتقالات قامت بها قوات انفاذ القانون والوحدات الخاصة المولجة حفظ القانون والخفاظ على الممتلكات العامة في صفوف المحتجين الذين خرجوا في احتجاجات غير مرخص بها، فيما كتبت مفوضة الرئيس الروسي لحقوق الأطفال، آنا كوزنيتسوفا، على حسابها في "فيسبوك" أن المتظاهرين في مدينة فلاديفوستوك، في أقصى شرق البلاد، شكلوا سلسلة بشرية من الأطفال ورشقوا عناصر الأمن من خلفها بمجسمات بلاستيكية.وقد لعب الاعلام الاوروبي والاميركي وبخاصة قناة الحرة الاحداث بصورة ارادت من خلالها نقل وتأجيج الاخبار بشكل لافت ولم تنقل الاعتداءات التي قام بها المتظاهرون ضد القوى الامنية،بشكل سافر، وقد قام المتظاهرون ااستفزار القوى الامنية لجعلهم يردون بقساوة (على طريق سيناريو الثورات الملونة) التي اثبتت فشلها ولم تؤد الا الى الخراب والدار، زبدا جلياً ان القوى الامنية قد تلقت تعليمات بعدم الرد على اساءات المتظاهرين الا في الحالات الحرجة اذا تطلب الامر، وقد اخلي سبيل الكثيرين بعد اعتقالهم، مع الاشارة الى وجود الكثير من القاصرين الذين جيء بهم لمواجهة القوى الامنية ووضعهم في الصفوف الامامية حتى ان البعض من المتضاهرين قد حمل اطفاله ولكن لا يعرف فقط على سبيل الحشرية ما اعاق عمل القوى الامنية في اماكن متعددة وحتى ان بعض المتظاهرين رد على اسئلة الصحافيين بانه جاء لاستفزاز القوى الامنية ورشقهم بما تيسر وان المطلوب منه القيام بهذا الامر فقط.

كان نافالني يأمل، استناداً لتعليقات شخصيات المعارضة ، ألّا تجرؤ السلطات على اعتقاله قبل تنصيب الرئيس الأميركي، جو بايدن، لأن موسكو، حسبما يقولون، لا تريد مزيداً من التعقيد في العلاقة مع واشنطن في فترة صعبة بالأساس في العلاقات بين البلدين.

لم تتحقق خطة نافالني، ولكن ليس على نحو جذري، فكما يبدو سارت بقية أجزاء الخطة وفقاً لما هو مرسوم لهابشكل سيء.

بدورها نددت وزارة الخارجية الروسية في بيان بما وصفته بـ "محاولات لـ "تشجيع العناصر الراديكالية" من قبل السفارة الأميركية في موسكو".

وقالت الوزارة إنها "ليست المرة الأولى التي تظهر فيها السفارة الأميركية استهتارها بالقواعد والقوانين الدبلوماسية وهي تنشر بكثافة تقارير على شبكات التواصل الاجتماعي تأييدا لفعاليات احتجاجية غير مرخص بها في مدن روسية".

وأضافت أن "الحديث يدور في الواقع عن تشجيع أعمال العنف المسماة بنفاق احتجاجاً سلمياً والتي يجر إليها منظموها حتى القاصرين".

وتابع البيان: "من الأجدى على السلطات الأميركية أن تنشغل بمشكلاتها الداخلية، بما فيها معالجة الشقاق العميق في المجتمع الأميركي والذي جاء نتاجا للظلم الاجتماعي وعدم المساواة وملاحقة الرأي الآخر. أما مساعي الدبلوماسية الأميركية التي تتجاهل معايير الآداب كلها لما يمثل في الواقع تشجيعا للعناصر الراديكالية، فمحكوم عليها بالفشل وستنعكس سلبا على العلاقات الثنائية".

وأعربت الإدارة الأميركية الجديدة عن تأييدها للاحتجاجات غير المرخص بها التي نظمت اليوم في عدد مدن روسيا، تلبية لنداء الناشط المعارض، أليكسي نافالني.

وكتبت الخارجية الأميركية على حسابها الناطق باللغة الروسية في "تويتر" " اعتداءات الكرملين على نافالني ليست انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان فحسب، بل والإساءة لشعب روسيا الذي يريد أن يُسمع صوته".

وتابعت الوزارة أن إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن ونائبته كامالا هاريس "ستدعم كل من يدافع عن الديمقراطية والحقوق العامة".

اعتبر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ان المعارضة حركة بدون زعامة ولا ‘اهداف واضحة’. وليس هناك في صفوفها اشخاص قادرون على القيام بامور عملية.

وكانت الحكومة الألمانية قد اعلنت أن الفحوص الطبية التي أُجريت للمعارض الروسي أليكسي نافالني في مختبر تابع للجيش الألماني أظهرت "بالدليل القاطع" أنه كان ضحية تسميم بـ”غاز نوفيتشوك”.

و"نوفيتشوك" أو "الوافد الجديد" هو غاز للأعصاب شديد السمية، تم تطويره في الاتحاد السوفياتي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

وتعيد عملية تسميم نافالني، المعارض الأبرز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى الأذهان حادثة تسميم مماثلة للعميل السابق المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا عام 2018 في بريطانيا والتي تم توجيه الاتهام الى السلطات الروسية على انها من قامت بالامر ونت روسيا تلك التلفيقات التي اعتبرتها تحمل بعداً سياسياً اخذأ بالاعتبار بالتوترات الموجودة بين روسيا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية التي تفرض عقوبات على روسيا .

ولاقى خبر تسميم نافالني موجة استنكار دولية واسعة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان "أود التنديد بأشد العبارات بالاستخدام المثير للصدمة وغير المسؤول لمادة نوفيتشوك ". وأضاف هناك "أسئلة ملحة... من مسؤولية السلطات الروسية الإجابة عليها" . بينما واعتبر الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ بدوره أن تسميم المعارض الروسي "مثير للصدمة"، مطالبا روسيا بالتحقيق في القضية.

وكتب إيفان جدانوف في تغريدة أن "وحدها الدولة (جهازا “اف اس بي” و”جي ار يو”) قادرة على الحصول على نوفيتشوك. إنه أمر لا شك فيه”، وذلك في إشارة إلى جهاز الأمن الفدرالي الروسي وجهاز الاستخبارات العسكرية الروسية. من جانبها، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن المعارض الروسي أليكسي نافالني كان ضحية “عمل حقير وجبان”.

وكان نافالني قد نقل من روسيا مشحوناً وسط إجراءات طبية مشدّدة، إلى مستشفى “شاريتيه” في برلين حيث وجد الأطباء مؤشرات على وجود مثبطات الكولينستيراز في جسمه، وهي تمنع تحلل مادة كيميائية رئيسية في الجسم تدعى أسيتيكولين وتنقل الإشارات بين الخلايا العصبية.

حين تعرّض نافالني للتسمم دخل في غيبوبة، وفق ما أعلنت عنه المتحدثة باسمه، كيرا يارموش مؤكدة أن الأطباء لم يكونوا “يعطونها المعلومات الكافية في محاولة منهم لكسب الوقت”.

وأصبحت المنصات الإعلامية ساحة خلفية للحرب الكلامية بين روسيا والدول الغربية، وفي حين تُوجه وسائل الإعلام الغربية الاتهامات والانتقادات لموسكو، يقابل المسؤولون الروس التقارير الإخبارية بالسخرية والاستهزاء من حرية التعبير الغربية.

بدوره، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تحقيقات الكثير من وسائل الإعلام من بينها شبكة “سي.أن.أن” الأميركية والتي تتهم جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بمراقبة المعارض أليكسي نافالني قبل تسميمه، بأنها “مضحكة”. وقال لافروف “قراءة كل هذه الأخبار أمر مضحك”.

وبدا لافروف كأنه يشير إلى دول تدخلت في التحقيق وقال "لكن الطريقة التي قدمت بها هذه الأخبار تكشف أمرا واحدا فقط: غياب الأخلاقيات بين شركائنا الغربيين ومهارات دبلوماسية عادية".

وعلقت السفارة الروسية في واشنطن في بيان رسمي على تقارير وسائل الإعلام الأميركية بأنها “أخبار ملفقة لا أساس لها من الصحة”. وقالت “تحاول، مرة جديدة، وسائل إعلام أميركية مختلفة اتهام روسيا بالهجمات السيبرانية على مختلف المواقع الأميركية وآخرها موقع وزارة الخزانة، وهذه المعلومات ليست دقيقة وعارية من الصحة تماما.

وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على ستة أفراد ومنظمة واحدة في روسيا مقرّبين من الرئيس فلاديمير بوتين، بينهم شخص يعرف بأنه طباخه، على خلفية عملية تسميم نافالني . وسارعت روسيا إلى التحذير من أن الاتحاد الأوروبي أضر بعلاقاته مع موسكو بفرضه عقوبات على مقرّبين من الرئيس فلاديمير بوتين.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن “الاتحاد الأوروبي أضر عبر هذه الخطوة بالعلاقات مع بلادنا”، واصفا إجراءات التكتل بأنها “خطوة غير ودية” من جهة الاتحاد الأوروبي ومتعهدا بأن روسيا سترد.

بدأ نافالني(44 عاما) نشاطه السياسي قبل عشرين عاماً بتأسيس مدونة على الإنترنت، خصّصها لنشر تحقيقات صحافية عن ما اسماه الفساد في أوساط النخب الحاكمة، مستهدفاً الحلقة الضيقة المحيطة بالرئي الروسي. عمل مستشاراً لحاكم منطقة كيروف عام 2009، لكن السلطات الروسية سرعان ما اتهمته بـ“التخطيط” لاختلاس أموال من شركة حكومية وحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات مع وقف التنفيذ. لكن ذلك الحكم كان كفيلاً بمنعه من الترشّح والوصول إلى الكرملين مستقبلاً.

لم يستسلم نافالني، بل وضع في رأسه هدفاً أوحد، تمثّل في منع بوتين من العودة إلى الرئاسة، ورأى أن الطريقة الوحيدة هي بحثّ المواطنين على التصويت العقابي، أو الامتناع عن التصويت لإفقاد انتخابات الرئاسة مصداقيتها وشرعيتها.

وقاد من أجل ذلك مظاهرات حاشدة في موسكو والعديد من المناطق. وكانت أحدث جولات الصراع بينه وبين السلطة، العام الماضي، حين داهمت قوات الأمن مقرات تابعة لنافالني، مستهدفة مئات الشخصيات المقربة منه في 41 مدينة روسية، وقامت باعتقاله مجدّداً، وحينها كشف نافالني عن مخاوفه من الاغتيال، مبرراً ذلك بظهور أعراض مرضية على جسده ترافقت مع توقيفه.

إن الغرب، في طريقه، على ما يبدو، نحو الانهيار، يرغب في تدمير روسيا. لكن بوتين سياسي محنك، وآمل أن تمتلك السلطة الحكمة الكافية لإيجاد توازن بين ضبط النفس والصلابة المعقولة. أعتقد أن محاولات زعزعة استقرار روسيا لن تكلل بالنجاح وهوما اشار اليه المحلل السياسي الكسندر نازاروف. واضاف أعتقد أننا سنشهد في المستقبل القريب محاولات استفزازية بهدف إراقة الدماء من أجل بدء دوامة: احتجاجات- قمع- مزيداً من الاحتجاجات- مزيداً من القمع، وهكذا دواليك حتى المواجهة الكاملة بين الشعب والسلطة. فتكنولوجيا الثورات الملونة قد تم تطويرها في الغرب على نحو مثالي. إن الغرب، في طريقه على ما يبدو، نحو الانهيار، يرغب في تدمير روسيا. لكن بوتين سياسي محنك.

تعليقات: