الأشهر المقبلة ستكون حاسمة جداً لتحديد مسار القطاع المصرفي اللبناني ومستقبله (علي لمع)
مع اقتراب نهاية المهلة التي حددها مصرف لبنان في شهر شباط الحالي، والقاضية بتكوين احتياطات مالية خارجية بنسبة 3 في المئة من مجموع الودائع بالدولار، تطبيقاً للتعميم رقم 154، تمكنت بعض المصارف اللبنانية من إتمام عمليات بيع فروع لها، وفي مقدمتها، بنك لبنان والمهجر (بلوم بنك)، وبنك عودة، اللذين سارعا في شهر كانون الثاني الماضي إلى بيع فروعهما في مصر والعراق والأردن.
وفي الوقت الذي تحاول فيه مصارف أخرى، السير في هذا الاتجاه، وإتمام عمليات بيع في دول عديدة، ومنها قبرص، حسب ما كشفته مصادر مطلعة لـ"المدن"، تخفق مصارف أخرى في تنفيذ التعميم، وبالتالي فهي مهددة بالخروج من السوق اللبنانية بشكل نهائي.
أسباب عديدة، تقف وراء إخفاق تلك المصارف، منها عدم امتلاكها فروع خارجية، أو عدم إمكانها زيادة خطوط الائتمان المالية، وبالتالي ينتظر اللبنانيون مفاجآت عديدة في حال تصفية هذه المصارف.
استراتيجية جديدة
"الأشهر المقبلة، ستكون حاسمة جداً لتحديد مسار القطاع المصرفي اللبناني ومستقبله"، يقول أمين عام اتحاد المصارف العربية، وسام فتوح في حديث خاص لـ"المدن". ويضيف "كان واضحاً جداً تعميم مصرف لبنان المركزي، في إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ومطالبة المصارف بزيادة رؤوس الأموال، لمواجهة تداعيات الأزمة الإقتصادية، وهو الأمر الذي استجابت له بعض المصارف اللبنانية، والتي يصل عددها إلى ما يقارب 10 مصارف، والتي تصنف بالعشرة الأولى، بعدما تمكنت خلال الفترة الماضية من بيع فروع لها في الخارج، للمحافظة على قوتها في السوق اللبنانية".
وعلى الرغم من نجاح ما يقارب 10 مصارف من إتمام عمليات بيع فروع، إلا أن فتوح لا يتوقع أن تتمكن كافة المصارف اللبنانية البالغة نحو 60 مصرفاً من السير في هذا الاتجاه، ما يطرح علامات استفهام حول مصير باقي المصارف، ومعها مصير المودعين.
وإذ يتوقع فتوح في هذا الصدد، أن تتمكن 10 مصارف أخرى خلال هذه الفترة، من الالتزام بتعميم مصرف لبنان، وهي تلك التي تحاول إجراء صفقات بيع لأصولها وفروعها الخارجية، وبالتالي زيادة رؤوس أموالها، يرجح فتوح، أن يشهد القطاع المصرفي عمليات دمج واسعة النطاق، لنحو 30 مصرفاً، بهدف خلق كيانات مالية قادرة على الاستجابة للأوضاع المالية الحرجة.
فيما يقدر فتوح، خروج نحو 10 مصارف من السوق اللبنانية، وهي التي تصنف ضمن فئة المصارف الصغيرة، والتي لا تملك فروعاً أو أصولاً خارجية، أو التي لا تعود ملكيتها إلى دول أجنبية، وبالتالي، فإن مصيرها التصفية بحسب لوائح مصرف لبنان.
ماذا عن أموال اللبنانيين؟
ما هو مصير أموال المودعين، بعد التصفية؟ من المؤكد، وحسب اللوائح القانونية، أن يقوم المركزي بالإشراف على عمليات التصفية. لكن السؤال، هل سيتقاضى المودع أمواله بالدولار أم بالليرة اللبنانية؟ ووفق أي سعر صرف؟ يرجح مصدر مصرفي، فضل عدم الكشف عن نفسه، في حديث لـ"المدن" أن تتم آليات تصفية أي مصرف جديد في هذه الفترة بالليرة اللبنانية، وإن كان حساب المودع بالدولار، ما يعني ضياع ما بين 50 إلى 80 في المئة من قيمة الودائع. ويرجح المصدر، أن الودائع بالدولار الأميركي، سيتم احتسابها بالليرة اللبنانية، لكن من غير الواضح إن كان احتسابها سيتم على أساس سعر صرف المنصة الإلكترونية 3900 ليرة، أم وفق سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة المُعتمد بين المصارف ومصرف لبنان. في الحالة الأولى سيتكبد المودع خسائر تناهز 50 في المئة من قيمة ودائعه، نظراً لأن سعر الدولار في السوق السوداء يفوق 8500 ليرة، أما في الحالة الثانية، فسيتكبد المودع، خسائر تناهز 80 في المئة من أمواله.
ما هي المصارف المتبقية؟
حتى الآن، وحسب البيانات التي تم جمعها في الفترة الماضية عن عمليات البيع، يمكن القول أن كل من بنك لبنان والمهجر، والذي تمكن بتاريخ 17 كانون الثاني 2021 من بيع حصته الكاملة في وحدته المصرية والبالغة 99.4 في المئة إلى المجموعة العربية المصرفية، وبنك عودة الذي أقدم على بيع فروعه في الأردن والعراق إلى "كابيتال بنك"، دخلا في قائمة المصارف التي زادت رؤوس أموالها، كما أقدمت 8 مصارف لبنانية أخرى من أصل 10 على تصفية وحداتها العاملة في العراق. كما تسعى مجموعات مصرفية أخرى، منها لبنان والمهجر وسوسيته جنرال-لبنان، إلى بيع فروع في الأردن، على غرار بنك عودة، لصالح بنك المال الأردني، إضافة إلى بيع وحدات مصرفية في قبرص، خصوصاً وأن للمصارف اللبنانية الكبرى العديد من الفروع في قبرص.
تعليقات: