خلاصة زيارة الحريري إلى باريس: لا حكومة
لا حكومة: هذه هي خلاصة زيارة الرئيس سعد الحريري إلى باريس، وهذه نتيجتها. السبب: رئيس الجمهورية ميشال عون لم يوافق على أي اقتراح أو تسوية أو محاولة للمعالجة.
اللقاء في بيروت
عون مصرّ على موقفه. ولدى تواصل الفرنسيين معه كان جوابه: لن أقدّم شيئاً للخارج، والحلّ يجب أن يخرج من بيروت. فعون ليس في وارد التنازل حتّى الآن. ومن غير المعروف ما إذا ما كان يترك باباً لتنازل أو تسهيل يقدمه، بعد عودة الحريري وتوجهه إلى القصر الجمهوري، ليعقد بينهما لقاء تُبحث فيه المخارج. حتى هذا لا يزال غير مؤكد.
قبل اللقاء الأول بين الحريري وماكرون، طلب الرئيس الفرنسي من مستشاريه استطلاع رأي رئيس الجمهورية حول آخر التطورات وما يمكن حلّه. أجرى المستشار باتريك دوريل اتصالاً بمستشار رئيس الجمهورية، الوزير السابق سليم جريصاتي، وطرح عليه سؤالاً واضحاً: هل عون في وارد تقديم تنازل ما أو تسهيل؟ وتضمّن الكلام الفرنسي نصيحة بضرورة حلحلة العقدة الحكومية، وعدم الاستمرار بالتعطيل، لأن الوضع لم يعد يحتمل ولا يصب في صالح أحد، لا رئيس الجمهورية، ولا تياره ولا لبنان.
الحريري: لا ثلث معطل
وفي انتظار الجواب كان اللقاء الأول بين ماكرون والحريري. قدّم الرئيس المكلف وجهة نظره الكاملة حول موقفه، وقال إنه لا يعرقل وليس لديه حسابات سياسية. والدليل أنه تنازل سابقاً لتسهيل المبادرة الفرنسية، ووافق على منح وزارة المال للشيعية. أما الآن فلم يعد بإمكانه أن يتنازل، ولا يمكن ضرب المبادرة الفرنسية، لأن ذلك لن يسهم في توفير المساعدات ولا في إنجاح أهداف المبادرة.
وشدد الحريري مسبقاً على أن أي محاولة فرنسية لإقناعه بالتنازل، تؤدي إلى وضع صعب للحكومة على صعيد العلاقات الدولية والعربية. وبالتالي، لن يكون هناك أي موقف إيجابي من الخارج تجاهها. كما أن مصيرها سيكون مشابهاً لمصير حكومة حسان دياب. وتمسك الحريري بموجب المبادرة الفرنسية، بحكومة مصغرة من 18 وزيراً، وبعدم رفع عدد وزرائها، إضافة إلى عدم إعطاء الثلث المعطل لأي طرف.
عون: الصلاحيات
وفي الوقت الفاصل بين اللقاء ظهراً، واللقاء على العشاء مساءً، كان جواب عون قد وصل إلى الإليزيه. وحسب ما كشفت معلومات كان الجواب واضحاً: ليس لدى رئيس الجمهورية شيئاً ليقدمه، وهو متمسك بالدستور وصلاحياته. وهنا لا يمكن الحديث عن تنازل، بل يجب التفاهم بينه وبين رئيس الحكومة. وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بعد عودة الحريري إلى بيروت وعقد لقاء بينهما.
هنا تشير المصادر إلى أن ماكرون أرسل لعون بضرورة عدم الاستمرار بالتعطيل، وأن لا مجال لإضاعة الفرصة. ولم تُعرف حقيقة أجواء رئيس الجمهورية حتّى الآن. لكن المعلومات تشير إلى أنه مصرّ على حلّ يرضيه، حلّ يخرج من بعبدا لا من قصر آخر. ومن غير المعروف ما إذا كان سيقرر التنازل أو سيبقى على موقفه. أجواء العونيين والمقربين من عون لا تشير إلى أي تغيير في الموقف. وهناك تأكيد على أن عون لن يتراجع، ولن يتنازل مهما اشتدت الضغوط.
حزب الله متمسك بالحريري
لا إشارات على إمكان ولادة الحكومة قريباً، طالما أن المواقف لا تزال على حالها. وبناء على كل هذه الخلاصة، فإن المسؤول الأول عن عرقلة تشكيل الحكومة هو رئيس الجمهورية. والضغوط ستتزايد عليه، بينما الحريري في موقع مريح نسبياً، ومتمسك بتكليفه، ورافض للتنازل. وهناك ثناء دولي وعربي على رفضه التنازل. ويريحه أيضاً تمسك حزب الله به، ورفضه أي عملية لكسره، لأسباب عديدة أهمها وقوف الرئيس نبيه برّي إلى جانبه، وتجنّب الفتنة السنية الشيعية.
لا يمكن إغفال الخلاف بين حزب الله والتيار العوني حول تشكيل الحكومة، وحول ملفات متعددة ومتشعبة. وهذا أيضاً من شأنه أن يريح الحريري، في ظل إصرار التيار العوني على استمرار الهجوم على الرئيس نبيه برّي، ووصوله إلى حدّ تخيير الحزب بينه وبين حركة أمل. وهذا يعتبره حزب الله مشروع فتنة في الطائفة الشيعية.
تشكيل الحكومة عملية عضّ أصابع على شفير الهاوية، ومحفوفة إما بتنازلات كبيرة أو بتوترات وانهيارات أكبر.
تعليقات: