الأديب طلعت العبدالله
الفِلذةُ المتساميةُ، عادتْ إلى مكانها في مقلع الكرامةِ، وما فَتِئتْ تشدُّ نحو السِّدرة صُعُداً وشموخاً، حتَّى باتتْ بعيداً عن مرمى الأبصارِ والعيون.
فتى الرَّاويةِ والأَدبِ، ورائِدُ القصَّةِ، غاب ليتوقَّلَ في المعارج على مرمى أسبوع مِن الزّمن، فالجريُ كما المُذاكي، تارِكاً زَهوَ الجنوبِ والمنابرِ، ومعاصرِ الحبر والنَّشقِ الأسودِ، قبلَ أن ينكفىءَ لونُ الزّهرِ.
لقد سديت ليلةُ طَلعت العبدالله.
فالأُنسُ مِلءُ الوحدةِ.
انقطعَ عن أصدقائِه ومحبّيه الرّواد، «روَّاد مِن لبنان» فَحَملَ على شَقّ يراعتِه، التي ملأَها مِن نياط قلبه، وفاءً لرسالةِ الحرفِ، وعلى أناملهِ، وفي جعبتِهِ، ما يُثقِلُ الفكر، والنُّبل، والأخلاق وحُبَّ الوطن.
ما قصدتُ أن أجمعَ مِن غلالِهِ اليومَ أيضاً، فغارسُ الرِّيادةِ، وجامعُ الرُّوادِ حولَهُ، تخنقهُم غصَّةُ غيابه.
يا طَلعت.
عيونُنا، أرواقُها في حزنٍ.
يومَ وُلّهنا غيابكَ، عددناك في بعض أسفارِك وفي أشغالٍ لك.
صُدورنا، صدورُ «روَّاد مِن لبنان» تملأُها الحسرةُ.
هذا الكبيرُ الذي نتذكّرهُ اليومَ، ثَقُلَ الحُبُّ عليه، فغنَّاهُ "رواية الهجرة إلى أقصى الشّرق ".
لقد بَنى لِدُنياهُ وللآخرة.
فإذا صرعه الموتُ، يَبقى هو المنتصرُ، وإن فاتَ المحبّين التقاطُ القوّةِ الهاربةِ بسرعةٍ، وكلّ ذلك بكبَرٍ وحضورٍ على يَفاع العِزِّ، حيثُ الكُنهُ مكنوزٌ في صناديقِ النجاحِ، والفؤاد الذّكيّ زادُه إلى الرّقاع في السّماوات.
هذا العظيمُ، ما سُئِلَ يَوماً، إِلَّا أولمَ لسائِليه.
فما أكثرَ وفاءَه، فإذا الأمورُ في خدمةِ الإِنسان والإنسانيَّةِ والمودّة.
ويا طَلعت.
ستبقى نوافذُ أحبابِكَ مشرَّعةً، يُقبلون عليها في ساعاتِ الشّوقِ والشجو، كُلّما شدّهم الحنين اليك، وإلى أيَّامٍ خوالٍ، كنتَ فيها محوراً للمحبَّةِ.
أمَّا نحنُ إخوانُكَ، في لجنةِ «روَّاد مِن لبنان» فشهودٌ على تواصلِكَ الأخلاقيّ والاجتماعيّ، وولوعكَ بجمالِ الضّاد في محرابِ الكَلِم والجُرأَةِ والكرمِ.
يا ربيبَ الكَلمةِ، في اتّحادِ الكتّابِ اللّبنانيين، ورئيساً لاتّحادِ الأُدباءِ المثقّفين المغتربين اللُّبنانيين، واصطكاكِ الحروف، لا يُمكن أن تغيبَ عن بالِنا.
أيُّها المُطيَّبُ منّا، ومِن الملإِ، ومِن أهلِكَ وعائلتكَ ولبنان، ستظلُّ فينا الضّمير الحيّ.
بَقي ما هو من الله.
فإنّك حُكماً في رِحابِهِ أيُّها الرّائِدُ المبدع.
-لجنة روَّاد مِن لبنان-
لجنة روّاد من لبنان
الأديب طلعت العبدالله
تعليقات: