الاختصاصيون يتخوفون من ازديادها في ظل تردي الاوضاع المعيشية وانعدام الثقة
وطنية -
ازدادت في الاونة الاخيرة عمليات السرقة وجرائم القتل والعنف الاسري والانتحار في لبنان لا سيما بعد تفاقم الازمة الاقتصادية وتردي الاوضاع المعيشية. ووفق تقرير للاسكوا، فان نسبة الفقر في لبنان تخطت 55%. بالاضافة الى ذلك، فان جائحة كورونا وما تبعها من اقفال للبلاد اكثر من مرة أدت الى المزيد من اقفال نهائي لعدد من المؤسسات، وبالتالي المزيد من البطالة بعد تسريح 23% من الموظفين العاملين في القطاعات الرئيسية.
شمس الدين
"الوكالة الوطنية للاعلام" قاربت الموضوع من الناحية القانونية والنفسية والاقتصادية، فقد أوضح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين "ان سرقة السيارات ارتفعت بين عامي 2019 و2020 بنسبة 117 بالمئة، وجرائم السرقة العادية ارتفعت من 1439 الى 2252 اي بنسبة 56 بالمئة، اما جرائم القتل فارتفعت بنسبة 93 بالمئة. وعزا الارتفاع الكبير في نسبة الجرائم الى الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، حبث تجاوزت نسبة البطالة 35%، والفقر تجاوزت 55% بالاضافة الى مئات الاف من النازحين والعمالة الاجنبية.
وتخوف شمس الدين، "في حال استمرت المؤشرات الاقتصادية، ان نشهد في عام 2021 المزيد من الانهيار وبالتالي المزيد من الجرائم"، متخوفا من ان "يلجأ الناس الى التسلح في حجة الدفاع عن النفس"، مشيرا الى ان "اكثرية الجرائم يرتكبها العمال الاجانب الذين خفت أعمالهم ولم يعد بامكانهم الحصول على الاموال التي اتوا الى لبنان من اجلها فيلجأون الى السرقة"، لافتا الى انه يوجد في لبنان حوالى 350 الف عامل اجنبي منهم 100 الف مقيم بطريقة شرعية، لذلك لا يمكن ضبطهم".
ورأى "ان الاقفال الذي فرض بسبب جائحة كورونا زاد من عمليات السرقة بسبب ازدياد نسبة البطالة، حيث تشير التقديرات اذا استمر الوضع على ما هو عليه الى اقفال المزيد من المؤسسات قد يصل الى 50 الف مؤسسة"، وقال: "حتى اليوم، شهدنا اقفال 15 الف مؤسسة وتسريح حوالي 75 الف عامل، والذين ما زالوا يعملون يتقاضون نصف رواتبهم التي لم تعد لها قيمة في ظل ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية".
منظمة Fe-Male
من جهة ثانية، رصدت منظمة Fe-Male، 27 جريمة قتل ضد نساء وفتيات في لبنان في العام 2020، مقابل 13 جريمة في العام 2019. واوضحت ان العام 2020 شهد جريمتي عنف أسري شهريا في لبنان، وفي العام 2021 قتلت 3 نساء في أسبوع واحد على يد أحد أفراد الأسرة ( زينة كنجو وأحكام درباس ووداد حسون ).
واشارت المنظمة الى ان جرائم قتل النساء في لبنان ارتفعت في العام 2020 بنسبة 107% مقارنة بالعام 2019. وقبل انتشار فيروس كورونا سجلت قوى الأمن الداخلي 747 شكوى عنف أسري على (الخط الساخن 1745)، مقابل 1468 شكوى خلال فترة التعبئة العامة والحجر المنزلي. وارتفعت نسبة التبليغات عن العنف الأسري إلى 96.52 % ما بعد جائحة كورونا. ففي الشهر الأول من العام 2021، تلقت القوى الأمنية 116 بلاغ عنف أسري على الخط الساخن 1745.
واوضحت ان نسبة التبليغ عن العنف الأسري في لبنان في ارتفاع مستمر، فمع بداية العام الجديد سجل في كانون الثاني 2021 زيادة بنسبة عدد الشكاوى 45% مقارنة بالشهر نفسه من العام 2020.
ووفق اخر احصاءات Fe-Male، فقد ارتفعت نسبة جرائم القتل 59% عن العام 2019، حيث سجل في العام الماضي (2020) 171 جريمة قتل خلال الأشهر حتى شهر تشرين الثاني مقابل 100 جريمة عام 2019، بمعدل 18 جريمة قتل في الشهر.
الموسوي
ورأى الناشط الحقوقي المحامي أشرف الموسوي ان "كل النصوص القانونية التي تلحظ موضوع العنف الاسري، خصوصا القانون 294/2014، لم يعد كافيا لردع بعض المنظومات الذكورية من الاعتدا، سواء بالقتل أو بالايذاء الجسدي او المعنوي او الجنسي على النساء المعنفات، لذلك ترتفع نسبة هذه الاعتداءات وآخرها الضحية رشا شعبان". وقال: "هناك من يرتكب جريمته ثم يعمل على تبريرها،البعض منهم يظهرون على شاشات التلفزة بكل وقاحة لاستجداء الرأي العام لحرف النظر عن افعالهم".
واكد ان "المطلوب انشاء محكمة أسرية خاصة بالعنف الاسري، وهذا اول اجراء للردع عن ارتكاب هذه الجرائم"، مشيرا الى "ان محكمة الجنايات تستغرق وقتا طويلا وهذا ما يدفع الى التمادي بهذه الجرائم، بالاضافة الى ضرورة تفعيل الحماية واقامة دورات تأهيل للرجال"، موضحا ان "هناك العشرات من الشكاوى امام المفارز القضائية في كل لبنان".
واعتبر "ان حاجز الخوف عند النساء والضرورات العائلية والاجتماعية يمنع النساء من الابلاغ عن الاعتداءات التي تتعرضن لها"، ودعا الى "تفعيل الخط الساخن لقوى الامن الداخلي و الجمعيات المهتمة بقضايا المرأة"، كما دعا الاعلام الى "عدم افساح المجال لمرتكبي الجرائم والمعنفين بالظهور على الشاشات من اجل سبق صحفي، فهذا يشجع على التمادي في الارتكابات"، مشددا على "ضرورة التسريع في الاحكام الجازمة ومواكبة الاعلام لها حتى تكون هذه الاحكام رادعا لكل من تسول له نفسه في ان يعنف او يقتل".
الخازن
الدكتورة الاختصاصية في علم النفس باسكال الخازن، شرحت رأي علم النفس في ارتكاب الجرائم، فقالت: "عندما يشعر الانسان بعدم الامان وعدم انتمائه لبلد ودولة تحميه، وعندما تزداد الازمات كما يحصل عندنا، وعندما تنعدم الثقة بالمستقبل وبالمسؤولين، عندها يفقد المرء الشعور بالامان ويخاف من المستقبل ويخاف على عائلته، وهذا قد يتسبب بقلق نفسي واحيانا باكتئاب يدفع الى ردات فعل لا يستطيع الشخص السيطرة عليها"، مشيرة الى "ان الضغط النفسي ينتج عنه عند بعض الاشخاص ردات فعل عنيفة غير مسيطر عليها، وفي بعض الاوقات يشعر هذا الشخص بالندم بعد ارتكاب جريمته ويبحث عن مبررات لها".
وتابعت: "من ناحية اخرى، ينظر علم النفس الى بعض الحالات لجهة تكوين الشخصية، خصوصا اذا كانت هناك اضطرابات بالشخصية، مثل الذين ليس لديهم قدرة السيطرة على انفسهم، والاشخاص ذوو الحساسية المفرطة او الشخصيات المرضية التي هي بحاجة الى علاج نفسي. هؤلاء، ازداد الانحراف في سلوكياتهم في هذه الفترة بسبب الازمات التي نشهدها، وخصوصا التعنيف الاسري الذي ازداد بسبب الحجر والخوف من الكورونا والازمة الاقتصادية، فهذه الشخصيات التي هي بالاساس مريضة تفقد السيطرة على نفسها".
ولفتت الى الشخصيات التي لديها الرغبة بالسرقة وارتكاب اعمال غير اخلاقية ضد المجتمع هي ايضا شخصيات مريضة، وهي في ازدياد في هذه الفترة". وشددت على ضرورة التوعية، خصوصا لهؤلاء الاشخاص الذين يتعرضون للضغط الكبير والصدمات النفسية المتكررة، فنحن نعاني من صدمات متتالية ولفترة طويلة، من كورونا الى الازمة الاقتصادية والوضع الامني غير المستقر لا سيما بعد انفجار المرفأ". كما اشارت الى "وجود ثقافة معينة موجودة في بعض المجتمعات كالاخذ بالثأر".
وقالت: "ان علم النفس يستطيع ان يشخص حالة مرتكب الجريمة ويفهم الدوافع التي دفعته لارتكاب جريمته، فجزء منها يعود لـ "الأنا" اي يحق لي ما لا يحق لغيري، بالاضافة الى المجتمع الذي لا يحاسبه في اغلب الاحيان. هؤلاء الاشخاص الذين يقدمون على افعال جرمية ويخططون وينفذون لديهم اضطرابات شخصية معينة، ومن الممكن ان يعالجوا من خلال الادوية او من خلال العلاجات النفسية".
تعليقات: