حـرب الصوَر فـي رأس بيـروت امتـداد لمعارك أيـّــار

صور سياسيين على جدران بيروت (هيثم الموسوي)
صور سياسيين على جدران بيروت (هيثم الموسوي)


«حرب صور»، أقرب توصيف يمكن أن يطلق على ما يجري في منطقة رأس بيروت، هذه المنطقة تضمّ خليطاً من الطوائف اللبنانية، لكنها تخضع لسيطرة تيارين سياسيين هما تيار المستقبل والحزب السوري القومي الاجتماعي، حيث يظهر وكأن رأس بيروت قد انقسمت بين معسكرين: معسكر قومي في قسمه العلوي منها، ومعسكر آخر مستقبلي في قسمه السفلي.

«ساحة المعركة» تقع في المنطقة القريبة من مكان سكن النائب محمد أمين عيتاني، في منتصف طلعة الحمام العسكري، عند التقاطع بين شارعي العرداتي والتنوخيين وشارع زكي مزبودي. في تلك النقطة، تنتصب أعمدة حديدية عدة زرقاء اللون، كانت تحمل صور النائب سعد الدين الحريري ووالده الشهيد رفيق الحريري، قبل أن تُمزّق ليل الأحد الماضي. منفذو الاعتداء ما زالوا مجهولين كأشخاص. أما الجهة التي ينتمي إليها الفاعلون فهي ليست مجهولة حسب قول أحد سكان «المعسكر المستقبلي»، ينظر إلى صورة شاب مرفوعة في وسط الشارع كُتب عليها «شهيد الغدر» ويقول «إنهم ينتمون إلى الحزب القومي السوري الذي لم يكتف فقط بقنص أبنائنا غدراً، بل أفرغ حقده على الصور». صاحب متجر في المعسكر ذاته، يشاطر جاره الرأي نفسه لجهة مسؤولية عناصر الحزب القومي، لكنه يرجّح أن يكون من يقوم بمثل هذه الأعمال عناصر غير منضبطة في الحزب القومي.

أما حال المعسكر القومي فيختلف نسبياً عن نظيره «المستقبلي»، حيث أجمع «سكانه» على طي صفحة الماضي، إلا أن بعضهم رأى أن «المستقبليين» هم من يرفض طيّها. وذهب أحدهم إلى أبعد من ذلك، حيث رأى أن من يمزق صور «المستقبل» هم «المستقبليون» أنفسهم. وحسب رأيه، هدفهم من وراء ذلك إظهار مسؤولية القوميين عن مظلوميتهم و«جرحهم الذي لم يندمل»، وعلى حد قوله لا وجود لأي جرح «سوى في المخيلة المستقبلية».

يتوسط المعسكرين مكتب مختار المنطقة عبد الباسط عيتاني، الذي لم يكن يعلم بقضية تمزيق الصور، لكنه أفاد «الأخبار» بأنه يعلم فقط أن من يقوم بمثل هذه الأعمال هم أصحاب نفوس مريضة أو طابور خامس يريد خلق بلبلة بين أبناء المنطقة الواحدة الذين اتفقوا على طي صفحة الماضي.

وما بين القوميين والمستقبليين والمختار يظهر أحدهم معرّفاً بأن الجهة التي يؤيدها هي لبنان. «لبناني» يبدي خشيته من أن تتحوّل معارك الصور القائمة إلى معارك فعلية، فتؤدي في ما بعد هذه الأعمال، رغم صبيانيتها، إلى جرّ أبناء المنطقة الواحدة إلى التذابح في ما بينهم. «لبناني» آخر يضمّ صوته إلى خانة المنتمين إلى لبنان فقط، مستعيناً بالمثل العامي: «القصة مش قصة رمانة، قصة قلوب مليانة»، يستطرد بعدها: «النفوس تحتاج لبعض الوقت كي تهدأ، وأظن أن هذه الحركات ستستمر».

رغم النفوس التي يظهر أنها لا تزال محقونة بشكل كبير، يظهر أحد مؤيدي 14 آذار الذي يرى أنه تخطى «الاحتقان الموجود»، رغم جيرته لمركز القوميين، طارحاً تساؤلاً عن سبب عدم إزالة جميع الأعلام الحزبية وصور السياسيين إذا كانت تسبب كل هذه الحساسيات والمشكلات، ليُستعاضَ عنها بصور الفنانات التي يفرح اللبنانيون لرؤيتها وتحظى بإجماعهم؟

تعليقات: