الشاب محمد الترك
5 أيام وعائلته تبحث عنه، 5 أيام من الأمل الممزوج بالألم بأن يعود إلى حضنها سالماً وإذ بالخبر المؤسف يصلها من طريق الصدفة بأنه فارق الحياة بطريقة مأسوية... هو الشاب محمد الترك الذي لم يعش أياماً هانئة على الأرض، وعندما غادر إلى الأبد اتهم بما ترفضه عائلته بشدة.
ظروف معيشية قاسية ورحيل صعب
لا كلمات تعبّر عمّا عاناه محمد من فقر وحرمان، هو الذي حرم من والدته منذ ولادته، ربته خالته ابنة بلدة الخيام الجنوبية مع شقيقته بعدما تزوجت والده، اعتبرته قطعة من كبدها، حاولت جاهدة أن تؤمّن حياة كريمة له، إلا أنّ القدر عاكسها، لا سيما أنّ والده الذي يحمل الجنسية السورية لم يسجّله في الدوائر الرسمية، الأمر الذي حال دون تمكنه من التعلم ومن إيجاد وظيفة لتأمين مصروفه. سدّت كل الأبواب والسبل في وجهه، ولم يجد سوى جمع النحاس والتنك وسيلة للحصول على بضعة آلاف يومياً، وبحسب ما قاله قريبه علي لـ"النهار": "في ذلك اليوم خرج كعادته من منزل عائلته وهو عبارة عن غرفة ناطور في أحد مباني الضاحية، ودّع والدته التي ربته وتوجه لجمع النحاس من دون أن يعود"، مضيفاً: "أيام ونحن نبحث عنه من دون أن نصل إلى نتيجة، حتى شاءت الصدفة أن أكون عند لحام حيث تحدث أحد الزبائن عن العثور على شاب سبق أن فقد منذ أيام وبأنه في حوزته صورة لجثته، لم أبالِ بداية بالأمر، حيث لا أعلم لما استبعدت أن يكون محمد، لكن ما إن عدت إلى المنزل حتى اتصلت باللحام وطلبت منه إرسال الصورة، وبعدها طلبت من خالتي اطلاعي على الثياب التي كان يرتديها وإذ بي أصدم بالأمر".
اتهام "مرفوض"... وعتب
سارعت عائلة محمد لمعرفة مكان وجود جثته، وإذ بمخفر الشياح يتصل بخالته ويطلب منها القدوم، ويُخبر علي إلى أن "عنصر قوى الأمن الداخلي أطلعنا أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن سبب وفاته صعقة كهربائية أثناء محاولته سرقة كابل من المحطة العائدة إلى كهرباء لبنان والتي توجد في الشياح إلى جانب مطعم كنتاكي، وذلك على الرغم من أنه لم يكن في حوزته أي آلة تثبت ذلك، لذلك قد يكون يبحث عن النحاس في المكان حيث يبيع الكيلوغرام منه بخمسين ألف ليرة". وأشار إلى أن "أحد الأشخاص قصد المحطة وإذ به يعثر على ال#جثة، ليضج الخبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث للأسف لم يحترم بعض روادها حرمة الميت ولا عائلته ونشروا صور جثته".
"مبلغ خيالي" مقابل شهادة الوفاة!
نقلت جثة محمد إلى براد مستشفى بعبدا الحكومي، والمضحك المبكي، كما قال علي إن "الطبيب الشرعي طلب مليون و500 ألف ليرة لإعطائنا شهادة وفاته، وعندما أطلعته أن المبلغ كبير والعائلة لا تستطيع تأمينه أجاب إما بالليرة اللبنانية أو 200 دولار"، وأضاف "نحن نحتاج إلى شهادة الوفاة لدفنه فقط لكون لا معاملات أخرى سنقوم بها بما أنه غير مسجل في الدوائر الرسمية"، وطلب علي من اللبنانيين ألا يرموا الاتهامات جزافاً، وأن يحاولوا معرفة ظروف غيرهم وما كانوا يقومون به قبل إطلاق أحكامهم.
تعليقات: