غداة اعلان فوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة الاميركية، صدرت عشرات الدراسات والتحليلات عن مستقبل العلاقات الاميركية الإيرانية والى اين يمكن تسير هذه العلاقات وما هي افاقها وهل فعلا الادارة الجديدة ستفي بوعودها فيما خص الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن الجمهورية الاسلامية.
في وقت اتجهت فيه الانظار نحو قرارات الرئيس الجديد وقدرته في التعامل مع بعض الملفات العالقة، وفي مقدمتها حسم طريق الاتفاق النووي الذي أصبح معلقا بين وعود أميركية بالعودة إليه وتوجيه الاتهامات الى ايران بخرق لبنوده، من الواضح ان الأمر لن يكون سهلاً، ففي أول تعليق بعد تسلم السلطة، أكد البيت الأبيض أن بايدن سسعى إلى تشديد القيود المفروضة على برنامج إيران النووي.
وفي وقت طالبت طهران واشنطن بالعودة إلى تطبيق كافة التزاماتها حسب الاتفاق النووي أفادت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي بأن إيران "بعيدة كل البعد عن الالتزام بالاتفاق النووي"، وأضافت أن واشنطن "تركز جهودها مع الشركاء والحلفاء على مستقبل الاتفاق النووي ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي".
وجاء إعلان بساكي تزامنا مع إعلان الرئيس الايراني روحاني أن طهران تريد من واشنطن الوفاء بتعهداتها في الاتفاق النووي، ولا تهدف إلى ابتزازها عبر تقليص الالتزامات النووية.
كما شدد روحاني على أنه "لا ينبغي السماح بتدمير الاتفاق النووي، ويمكن لمفوض السياسة الخارجية الأوروبية ممارسة دور في اقتراح خطوات تنسيق العودة إلى الاتفاق".
وأضاف أن "الاتفاق النووي إنجاز هام للدبلوماسية متعددة الجوانب وينبغي الحفاظ عليه"، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى "لعب دور مناسب في مواجهة السياسة الأميركية الأحادية".
تعددت التحليلات ما بين رأي يقول إن بايدن سوف يُدخل تعديلات سريعة على سياسة ترامب وقراراته التي اتخذها بشأن العقوبات، ورأي ثان أكثر تحفظاً يقول إن أي تغيير مُتوقع سوف يتم بشكلٍ تدريجي، وإن الظروف التي أُبرم في ظلها الاتفاق النووي قد تغيرت وقامت إيران بـ" "مُخالفة" بعض بنوده، مما يستدعي مفاوضات جديدة، ورأي ثالث تبنَّى أنه لا يوجد اختلاف في الأهداف بين بايدن وترامب، وأن الرئيس الجديد يسعى لتحقيق نفس الأهداف ولكن بطرق مختلفة ومن خلال استخدام القوة الناعمة.
وكانت ايران قد اكدت مراراً أن سياستها تجاه الولايات المتحدة الأميركية لا تتغير بتغير الرئيس الأميركي. مع الاشارة الى انه حتى الدول الاوروبية حرصت على معارضة بعض الخطوات الأميركية، على غرار العزوف عن تأييد مشروع القرار الذي تبنته واشنطن وسعت إلى تمريره داخل مجلس الأمن، في 15 أغسطس/ آب الماضي، لتمديد الحظر المفروض على إيران في مجال الأسلحة التقليدية، على نحو أدى إلى إفشاله في النهاية، فإن مجمل تحركاتها لم تكن محل قبول من جانب طهران، التي اعتبرت اتجاهات عديدة أنها تشترك مع الولايات المتحدة الأميركية في الهدف الأساسي والقائم على محاولات التدخل في الشأن الداخلي الايراني.
وقد دأبت بعض دول الاتحاد الاوروبي في توجيه رسائل مباشرة تفيد أن مقاربة "العودة مقابل العودة" التي يتبناها الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن رغم أهميتها، لا تستطيع التعامل مع الإشكاليات المتعددة التي طرأت على الاتفاق النووي في الأعوام الماضية، لاسيما في ظل "التصعيد" على المستويات المختلفة.
وكانت وكالة رويترز قد ذكرت في تسريبات جديدة، أن الولايات المتحدة الأميركية تبحث عن مجموعة من الأفكار حول كيفية إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وأضافت الوكالة نقلاً عن "ثلاثة مصادر مطلعة" أن هذا البحث يتضمن خيار اتخاذ خطوات صغيرة بين الجانبين دون الالتزام الكامل لكسب الوقت. هذه الخطوة قد تساعد على تخفيف تدهور العلاقات بين البلدين بعد إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق عام 2018.
بيد أن هذا لا يعني أنها (الخطوة) ستكون خالية من المطبات، كما يذكر الكاتب السياسي ديفيد غاردنر في مقاله لصحيفة "فايننشال تايمز"، إذ أن فريق السياسة الخارجية لبايدن، والمليء بالمحاربين القدامى من إدارة باراك أوباما، يدرك مدى صعوبة إعادة الاتفاق النووي مع إيران، لأنه يعرف من التجربة المباشرة حجم "دهاء" لمفاوضين الإيرانيين، وإلى أين وصلت العلاقات العدائية مع طهران خلال فترة إدارة ترامب.
يبدو واضحاً إن الجانب الإيراني لن يستسلم، كما يقول المحلل الأميركي ستيفن إرلانغر، في صحيفة "نيويورك تايمز" مشيرا إلى أن قرار الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب بالانسحاب، وفرضه عقوبات على إيران لن ينسى بسهولة، فالأخيرة تريد من واشنطن دفع مليارات الدولارات من الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها بسبب الانسحاب الأميركي عام 2018.
تعليقات: