هل يحلّ «الذهب الأحمر» مكان شتلة التبغ في الجنوب؟


هل يحلّ «الذهب الأحمر» مكان شتلة التبغ في الجنوب؟

لم يعد التبغ «شتلة الصمود والتصدي» في الجنوب! في السنوات الأخيرة، بات يشعر كثر بأن مردودها المادي لا يرتقي إلى الجهد المضني والوقت الطويل الذي تستلزمه. لكن، بعد الأزمة الاقتصادية وانهيار سعر صرف الليرة وحجز أموال المزارعين في المصارف، لم تعد زراعة التبغ مصدر رزق متواضعاً، فحسب، بل تحوّلت إلى عبء. من هنا، نشطت محاولات للبحث عن زراعات بديلة تواكب التقنيات الزراعية الحديثة لتوفير إنتاج ومردود سريعين وكافيين.

أحد الباحثين عن البدائل، محمد طحيني، اختار الزعفران مكان «الدخّان». بعد الاطلاع على الأبحاث والتجارب، تبنّى المهندس ابن عيتا الشعب، زراعة «الذهب الأحمر» في أرضه كبديل من زراعة التبغ في البلدة الحدودية في قضاء بنت جبيل، واكتشف أن تربة أرضه «من حيث درجة الحموضة والارتفاع عن سطح البحر هي حقل مناسب لنمو الشتلة». وفي خطوة غير مسبوقة على صعيد المنطقة، خاض غمار التجربة فاشترى 350 بصيلة. وزّع مئتين منها على أهل بلدته وزرع الباقي في «حاكورة» منزله نهاية الصيف الماضي. وبعد حوالى ثلاثة أسابيع، فوجئ بها جميعاً تنبت وتزهر.

لا يحتاج «الذهب الأحمر» إلى ريّ دائم، عدا عن أن الاعتناء به لا يتطلّب مدة طويلة

لاقت تجربة طحيني إعجاب المزارعين في عيتا الشعب. لكنهم أبدوا تخوفهم من «استبدال التبغ الموثوق التصريف بالزعفران غير المضمون تسويقه ومردوده». يحاول طحيني الترويج للعائد الذي يجنيه مزارع الزعفران بالمقارنة مع مزارعي التبغ لإقناعهم بالتغيير: «الدونم الواحد من التبغ ينتج 400 كيلو تعطي مردوداً مالياً للمزارع بما قيمته حوالى 40 مليون ليرة كأرباح صافية. أمّا دونمان أو ثلاثة من حقول الزعفران، فتنتج كيلو واحداً يباع بالعملة الأجنبية، وقد يصل سعر الواحد منه إلى 12 ألف دولار أميركي بحسب جودته». ويجزم بأن «تربة المنطقة كفيلة بإنتاج زعفران بجودة عالية، قد يباع بحوالى 6 آلاف دولار للكيلو، وهو رقم يعدّ مرتفعاً جداً إذا ما قورن مع مردود التبغ».

وبحسب طحيني، فإن «تعب العمل بالزعفران أقلّ من عُشر تعب زراعة التبغ ضمن آلية أسهل وأسرع تقتصر على قطف الزهرة واستخراج مياسمها فقط». تواجه قريته، والمنطقة بشكل عام، صعوبة في تأمين المياه، لكن الزعفران لا يحتاج إلى ري دائم، عدا عن أن الاعتناء به لا يتطلّب مدة طويلة، وهو ما يفتح المجال أمام المزارع ليستغلّ وقته بأعمال أخرى. كما أن المستثمر لا يحتاج إلى شراء البصيلات في كل موسم، إذ إن البصيلة نفسها تتكاثر موسماً بعد آخر، ما يسمح للمزارع ببيع جزء منها.

على رغم من أنّ نتيجة التجربة كانت إيجابية، إلّا أن الزراعة الجديدة تواجه عدّة تحديات، أصعبها غلاء وتأثر سعر بصيلات الزعفران بسعر صرف الدولار وتقلّباته. بالإضافة إلى مشكلة تصريف المحصول، إذ إن السوق اللبنانية غير كافية لتصريف الإنتاج، والحل الأنسب يكون بتعاون المزارعين لتصديره إلى الخارج.

تعليقات: