وإلى ذاك الزمن الجميل أبحرت فحاصرتني أشرعة الحنين..

الروائية الاعلامية زيزي ضاهر
الروائية الاعلامية زيزي ضاهر


الرومانسية الرقمية هل استطاعت منافسة عصر الجوابات الورقية ، حيث تعددت وسائل التعبير الإلكترونية عن المشاعر بين المحبين عبر مواقع التواصل، ولكن هل ساعدت هذه الأدوات التكنولوجية التي تتطور علي مدار اللحظة وحتى أثناء كتابة هذه الحروف، في التعبير بصدق عن المشاعر الإنسانية؟!

أم أن عصر الجوابات الورقية والمناديل القماشية قد ذهبت ومعها دفء المشاعر الملتهبة وكلمات الغزل الراقية بين زوجة وزوجها وحبيبة وحبيبها، وهي الكلمات التي أصبحت مادة للعرض في قوالب جاهزة للنقل (كوبي . بيست) بدلاً من الخوض في تجربة الشعور بالكتابة وبذل الجهد في انتقاء الكلمات بدقة وخصوصية، بعيدا عن المشاعر المعلبة؟؟؟

وإلى ذاك الزمن الجميل أبحرت فحاصرتني أشرعة الحب بجدران الحنين وسكنت أحلامي.

وسافرت بعيداً عبر زمن لم يرحل من ذاكرتي عاش مثل أسطورة بين أوراقي ، الزمن الجميل الذي لم يكن فيه وسيله للقاء إلأحبه غير البحث عنهم في الخيال والوقوف على الأطلال لرسم معالمهم عبر أوراقنا البيضاء التي تحمل أسمى معاني الحب والوفاء، كان كل شيء فيه حياة له رائحة، حتى الدموع كانت تتكلم، لم يكن صوتنا آليا ولا عيوننا فايسبوك ، كانت لغة العيون تتكلم وأنامل اليد تكتب الحب وتتبادله بصدق وكما تحرق الأسطورة في مهد أحلامها جاءت التكنولوجيا ومسحت كل أشيائنا بألة صلبه وقضت على تقاليدنا ومجتمعنا.

لم نعد ننتظر بزوغ الفجر لنحيك لحبنا حكاية لأن هناك من يطبعها على وسائل التناقل فنتقاذف بها بلا كد أو تعب، ولم تعد تلك الجاره تقرع بابي لأكتب لها رساله حنين لزوجها في بلاد الغربه هناك عبر ذلك الألي غاية الطلب فلا داع لأرسم تلك الأحاسيس دعها تموت بين جدران الحنين بصمت، ومطبعة أقفلت أبوابها لأن من كان يقرأ لا وقت لديه فأصدقاء الصفحات تنتظر الإعجاب والتعليقات…

ما زلت أذكر ذاك المصور الذي يتأفف وهو يحاول اجلاسي كما يريد ليأخذ لي صورة للذكرى وننتظر طويلاً ليأتي دورنا…

هناك أشياء جميله دافئه لا ننساها نتمناها نشتاقها ما زال فينا ذاك النهر الدافق يجري لأننا عشناها بأدق تفاصيلها، وغنت فيروز يا مرسال المراسيل وعشقناها، وصمت العاشق غربة أمام “أغداً ألقاك” وصمتت أم كلثوم مع تاريخها العظيم بين أحلامنا المتعبة، ولا أي اشتياق صد جنون عاشق حين صدح العندليب الأسمر “موعود” وبقي الوعد معلقاً على جدران الغياب هناك في زمن لم يولد إلا على أكتاف تنهيدة عاشق ثمل.

ترى هل يعي هذا الجيل معنى لما عشناه وكيف افقدتنا تلك الآلة ترابطنا وتراثنا وكل ما كان يجمعنا فقدناه، ولو رجعنا للسبب فإننا نجده بعيداً عن الرومانسية في ميل عقولنا للراحة والكسل والهروب من قلق الإنتظار.

لذا انتصرت تلك الآلة على أنغام الروح وقضت على روابطنا، ومكان الروح زرعت قلبا بلاستكيا، لا ولن يفهم مرسال السيده فيروز يوماً.

* الروائية الاعلامية زيزي ضاهر

تعليقات: