الإقفال فشل... الرهان الأخير على اللقاحات
مع استمرار تسجيل عشرات الوفيات وآلاف الإصابات اليومية، سقط الرهان تماماً على نتائج أي إقفال عام، فيما الأمل الوحيد اليوم معلّق على تأمين اللقاحات للسيطرة على الوباء. مئات الآلاف من اللقاحات المتنوعة ستصل إلى لبنان في نيسان وأيار المُقبلين، وستسبقها نحو 50 ألف جرعة من لقاح «سبوتنيك» الروسي في 24 الجاري ضمن مليون جرعة استوردها القطاع الخاص بما قد يمكّن من تسريع آلية التلقيح للوصول إلى المناعة المطلوبة
إذا سارت الأمور كما هو مقرر، فإنّ نحو 50 ألف جرعة من لقاح «سبوتنيك» الروسي ستصل إلى لبنان، الخميس المُقبل، وفق عقد وقّعته شركة «فارما ترايد» التابعة لمجموعة «ماليا» (يرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال الروسي جاك صراف)، لحجز مليون جرعة وبيعها للشركات الراغبة في تلقيح العاملين فيها.
رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري أوضح لـ«الأخبار» أن مؤسسات عدة، كجمعية المصارف و«ميدل إيست» وجمعية الصناعيين وغيرها، حجزت حصتها من اللقاح، وأن التلقيح سيكون بإشراف وزارة الصحة. وإلى المراكز التي حدّدتها الوزارة، لفت البزري الى أنه سيتم، تحت إشراف الوزارة، تأهيل مراكز أخرى قد تقترحها المؤسسات لتلقيح العاملين فيها، كـ«ميدل إيست»، مثلاً، التي تملك عيادات خاصة بها. وشدّد على أهمية تسجيل العاملين في القطاع الخاص في المنصة المخصصة للقاحات «من أجل توحيد البيانات والوصول إلى التقديرات الدقيقة لنسبة المناعة المُجتمعية».
وفيما لا يزال الوباء يسجّل انتشاراً واسعاً ويحصد ضحايا، يتوقع أن يشهد شهرا نيسان وأيار المقبلان «تدفقاً» من اللقاحات. فإلى المليون جرعة التي أمنتها «فارما ترايد»، يتوقع تأمين مليون جرعة إضافية من «سبوتنيك» لمصلحة وزارة الصحة. وعلمت «الأخبار» أن السلطات الروسية أبلغت وفد حزب الله النيابي الذي زار موسكو هذا الأسبوع استعدادها لتأمين هذه الكمية سريعاً.
كما يتوقع، بدءاً من مطلع الشهر المقبل، وصول مليونين و250 ألف جرعة من لقاح «فايزر» محجوزة للبنان على دفعات كبيرة. وبالتوازي، يبدأ في الأسابيع المقبلة، تباعاً، وصول دفعات من مليون جرعة من لقاح «أسترازينيكا» البريطاني و200 ألف جرعة من لقاح «سينوفارم» الصيني. ولكن، كيف سيؤثر هذا «التدفق» على الواقع الوبائي؟
لم تحسم اللجنة العلمية بعد خيار إعطاء جرعة واحدة للمصابين السابقين
مع الغياب شبه الكلي لإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي، واقتراب الفتح الكامل للبلاد الاثنين المقبل، يتوقع أن يواصل عدّاد الإصابات اليومية الارتفاع وهو ما تؤكده أرقام وزارة الصحة أمس (3588 إصابة و55 وفاة).
بحسب البزري، فإنّ المُصابين حديثاً بالفيروس عليهم الانتظار نحو ثلاثة أشهر قبل تلقي اللقاح، «ما يعطي الأولوية لغير المُصابين وللمصابين القدامى»، وهذا «من شأنه أن يُحدث نوعاً معيناً من السيطرة على الواقع الوبائي». وأوضح البزري أنه مع تزايد أعداد المُصابين في الأسابيع الماضية واكتسابهم مناعة موقتة، ومع تسريع تلقيح الفئات ذات الأولوية والتي ستشمل حكماً فئات عمرية متنوعة، فإنّ ذلك سيؤثر على أعداد الإصابات اليومية». وعن خيار اللجوء إلى جرعة واحدة للمُصابين السابقين بما يوفر في كمية اللقاحات، أجاب البزري بأن اللجنة «لم تحسم بعد خيار اللجوء إلى هذا الأمر. والقرار حالياً لا يزال يقضي بمنح الجرعتين اللازمتين». وتعليقاً على دعوات الى ضرورة إجراء فحوصات اكتشاف المناعة بما يساعد في «تحييد» المصابين «القدامى» لمصلحة غير المصابين، أكّد البزري «أننا لا نحبّذ التهافت على المختبرات. إذ يكفي في الفترة الحالية توجّه المصابين الذين كانوا على علم بإصابتهم إلى أخذ اللقاح بعد ثلاثة أشهر فقط».
جاك صرّاف: سعر اللقاح مقبول
في ظلّ فوضى اللقاحات، وما أشيع عن عمليات بيع وشراء في السوق السوداء بموازاة مزايدات أحزاب ومسؤولين وشخصيات، جاءت مبادرة عميد الصناعيين اللبنانيين جاك صراف، كـ«مبادرة من القطاع الخاص»، بحسب ما قال لـ«الأخبار». لا يحتاج صراف إلى التعريف في روسيا، إذ يحمل ثلاث صفات تربطه ببلاد القياصرة. أولاها قنصل فخري، وثانيتها رئيس مجلس رجال الأعمال اللبناني الروسي، وثالثتها رئيس لجنة الصداقة اللبنانية الروسية. أسباب تجعله يُستفزّ من تصنيف مبادرته في خانة سياسية أو حزبية. «لا علاقة لي بالسياسة»، يقول، نافياً بشدة أي علاقة لأي سياسي كالنائب السابق أمل أبو زيد أو أي شخص آخر، بمبادرته.
ويوضح صراف أن مجموعته حجزت دوراً لها على المنصة الروسية منذ الإعلان عن إطلاق اللقاح في أيلول الفائت. «وضعوا شروطاً صعبة، عاهدنا أنفسنا على أن نتجاوزها وتوصلنا بعد مفاوضات إلى توقيع الاتفاق». يتحفّظ عن ذكر الشروط، لكنه يلفت الى أن الروس «اشترطوا دفع ثمن اللقاحات مسبقاً. ليس لديهم ثقة بلبنان». خلال المفاوضات، وبعد إبرام العقد مع الشركة الروسية، كان صراف ينسق مع وزارة الصحة لاستحداث منصة خاصة بالمجموعة (مرتبطة بمنصة الوزارة) توجه دعوات للشركات والمنظمات والجمعيات لشراء الكميات التي تريدها لتلقيح موظفيها لقاء بدل مالي يبلغ 38 دولاراً، تدفعها الشركة عن كل لقاح من جرعتين، على أن تسجل كل شركة بيانات موظفيها وتحدد المستشفى الذي ترغب بتلقي اللقاح فيه. يؤكد صراف أن سعر اللقاح «مقبول مقارنة مع التكاليف التي تتكبدها الشركات الكبيرة في دفع بدلات فحوصات pcr لموظفيها وتعطيلهم عند الحجر الاحتياطي أو الإصابة». وبسبب الـ«لا ثقة بلبنان»، ستدفع كل شركة ثمن اللقاحات التي حجزتها للمجموعة التي تحوّلها بدورها الى الشركة المصنعة لتصدر دفعة جديدة من اللقاحات. كما أن العمل جار للاتفاق مع المستشفيات الكبيرة المعتمدة كمراكز تلقيح، لاستيعاب ما يصل إلى 1500 شخص يومياً. ومن المنتظر أن يبدأ التلقيح بـ«سبوتنيك» في 29 آذار الجاري.
تعليقات: