الرئيس الأميركي جو بايدن
لطالما عاش المجتمع الأميركي حالة من الهيستيريا بشأن "التهديد الروسي"، ولكن هذه الهيستيريا الآن وصلت إلى إدراك مشوّش بالكامل للعالم الواقعي الذي نعيش فيه، ولقدرات الولايات المتحدة الأميركية. في الأيام الخوالي، كانت النخب الأميركية ذكيّة بما فيه الكفاية لعدم السماح للدعاية الخاصة بها بتحديد السياسة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، إلا أن ذلك الآن أصبح أمراً من الماضي.
لم يكن سؤال الصحفي لبايدن سؤالاً اعتباطياً عن بوتين( القاتل) ، وكانت إجابة بايدن طبيعية، استناداً للدرجة التي وصلت لها الهيستيريا المعادية لروسيا. يبدو أن المعركة الداخلية في أميركا لن تهدأ، وتعتزم إدارة بايدن الاستمرار في استخدام "الورقة الروسية" بنفس القوة ضد ترامب وأنصاره الذين يرفضون الموت سياسياً.
قال الرئيس الأميركي جو بايدن في حوار مع تلفزيون "أي بي سي" بثّ الأربعاء (17 مارس/ آذار 2021)، أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين سيواجه عواقب توجيه جهود ترمي إلى التأثير في انتخابات الرئاسة الأميركية في عام 2020 لصالح دونالد ترامب، وإن ذلك سيتحقق قريبا. وعند سؤاله على نوعية هذه العواقب لم يتردد بايدن قائلا: "سترون قريبا".
وعند سؤاله من المذيع إن كان يعتبر أنالرئيس الروسي"قاتل"، أجاب جو بايدن "نعم أعتقد ذلك".
وتأتي تصريحات بايدن غداة صدور تقرير للمخابرات الأمريكية يتهم بوتين بالوقوف وراء تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما نفته روسيا، مؤكدة أنه لا أساس له من الصحة.
في الوقت نفسه، أشار بايدن إلى أن "هناك مجالات يكون من مصلحتنا المشتركة التعاون فيها" مثل تجديد معاهدة ستارت النووية، مضيفا أن للزعيمين تاريخا معروفا. وقال "أعرفه معرفة جيدة نسبيا"، مضيفا أن "أهم شيء عند التعامل مع الزعماء الأجانب وفقا لخبرتي... هو فقط أن تعرف الرجل الآخر"، مضيفا أنه لا يظن أن لدى زعيم روسيا قلبا.
الرئيس الروسي بوتين رد على نظيره الاميركي بديبلوماسية ملطفة وتمنى له" الصحة بدون مسخرة" واقترح الرئيس الروسي على نظيره الأمريكي إجراء محادثات ثنائية على الهواء مباشرة، مشددا على ضرورة الاحتفاظ بالعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. وأضاف بوتين: "يبدو لي أن هذا سيكون في مصلحة كل من شعبي روسيا والولايات المتحدة، وكذلك الكثير من الدول الأخرى".
وأردف: "من الأفضل ألا نضع ذلك خلفنا. أود أن أسافر إلى تايغا خلال عطلة نهاية الأسبوع لأستريح هناك قليلا، لذا من الممكن أن نفعل ذلك غدا أو على سبيل المثال يوم الاثنين"...
لكنه فنًد تاريخ الولايات المتحدة المثقل بالقتل واستعمال السلاح النووي في العالم ولا يزال هذا التاريخ ماثل امام اعيننا وتستمر واشنطن بافعالها المخالفة للقانون الدول ولكل المواثيق والاعراف الدولية ، وعدد ولا حرج .
في رد فعل على تصريحات الرئيس الأميركي بايدن ، وصفها رئيس مجلس الدوما الروسي فيتسيسلاف فولودين بأنها "هستيريا عجز وإهانة لجميع الروس".
من جهته ، اعتبر النائب الأول لرئيس مجلس الاتحاد الروسي أندريه تورتشاك أن تصريحات الرئيس الأميركي دليل على "غلبة الجنون السياسي" في واشنطن.
وقال السيناتور الذي ينتمي لحزب "روسيا الموحدة"، إن "تصريح بايدن دليل على تغلب الجنون السياسي في الولايات المتحدة وخرف قائدها المرتبط بعمره. وهذه هي أقصى درجة للعداء ناجمة عن العجز".
هل كان جو بايدن ينوي الذهاب إلى هذا الحد في تصريحاته المخالفة للأعراف الدبلوماسية بما أنه كان يتهم مسؤول دولة عظمى عالمية، حتى وإن سبب ذلك استياء الكرملين؟.
ولم تتأخر موسكو في اعلان استدعاء سفيرها في الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف “للتشاور”. في ظاهرة تاريخية لم تحصل سابقاً.
تأتي هذه الخطوة الاستثنائية بعد تجدد الاتهامات الأميركية الموسمية لروسيا بما أسماه تقرير الاستخبارات الأمريكية الجديد بـ "جهود روسية للتأثير على انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة لصالح دونالد ترامب"، وهو ما علّق عليه الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال المقابلة .
يأتي جواب بايدن بالتزامن مع الذكرى السنوية السابعة لإعادة توحيد شبه جزيرة القرم الى روسيا، وفشل مشروع المعارض الروسي، أليكسي نافالني، ومجهودات واشنطن الهيستيرية لوقف مشروع "السيل الشمالي-2.
بدورها ،كتبت ا فريزة باتساروفا، في صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس"، عما سيعتري العلاقات الروسية الأميركية بعد هجوم بايدن على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين حيث اشارت الى الى ان العلاقات الروسية الأميركية تعرضت في الأيام الأخيرة لعدة صدمات: تقرير المخابرات الوطنية الأميركية عن "التدخل" في الانتخابات الرئاسية، والإعلان عن عقوبات جديدة ضد روسيا، وحديث بايدن القاسي عن بوتين، وليس أقل أهمية من ذلك استدعاء السفير الروسي لدى واشنطن إلى موسكو.
وفي الصدد، قال الباحث في الشؤون الأميركية ميخائيل تاراتوتا: أرى أن الخطاب الأميركي سيكون قاسيا على الدوام. فهذا اتجاه تشكل على مدى السنوات الـ 4-5 الماضية. يتعلق الأمر بحقيقة أن شيطنة روسيا وبوتين تكاد تكون الأداة الرئيسية في الصراع. في الواقع، لأول مرة في التاريخ، أصبحت روسيا عاملاً في السياسة الداخلية الأميركية. والجو الذي تم خلقه في الوقت الحالي لا يسمح حتى بالخروج منه. لذلك، لا يتعين علينا ببساطة انتظار أي خطاب ليّن بخصوص موسكو.
من السابق لأوانه التكهن بالكيفية التي ستتطور وفقها العلاقات الروسية الأميركية. أجل، كان هناك تقرير عن التدخل الأجنبي، وتحدث بايدن بشكل سلبي للغاية عن بوتين. وفي الوقت نفسه، من الصعب القول إلى أي مدى يعكس هذا التصريح الخط السياسي للإدارة الجديدة، لأنه في الواقع قد يكون ناجما عن مشاكل ناجمة عن عمر الزعيم الأميركي الجديد.
على الأرجح، ما كان لرئيس آخر أن يعبّر بهذه الطريقة. فحتى في أصعب سنوات الحرب الباردة، لم تكن هناك هجمات شخصية على قادة الاتحاد السوفياتي. على الرغم من أن الدولتين كانتا على استعداد لتدمير بعضها البعض. هناك نوع من البروتوكول الدبلوماسي يضبط ذلك. وقد تم انتهاكه هنا بلا شك. وعليه جاءت ردة الفعل الحادة.
كان بوتين قد صرح يوماً بـ " أننا لسنا بحاجة لعالم لا توجد فيه روسيا. ولديه كل الترسانة اللازمة لتحويل أقواله أفعالاً. ومع ذلك، فإن روسيا عادة ما تتجنب النزاعات حتى الرمق الأخير، لكنها إذا ما شرعت في القتال، فلن يكون الأمر هيّناً على العدو".
باختصار، كما يشير المحلل السياسي الروسي الكسندر نزاروف الى انه " ربما لم يعد بإمكاننا القول إن العالم يدخل فترة من عدم الاستقرار، لم يعد هذا مجرد عدم استقرار، وإنما هي بالفعل حالة الهدوء قبل العاصفة. في السابق، كان من الممكن أن تكون هناك حرب عالمية، ولكن نظراً لقدرة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على تدمير بعضهما البعض، فمن المحتمل أن يتطور الصراع على أراضي دول ثالثة.
تعليقات: